معهد واشنطن يستقرئ مسألة الرئاسة اللبنانية في السياسة السورية
الجمل: نشر الموقع الإلكتروني الخاص بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى التابع للوبي الإسرائيلي ورقة الرصد السياسي رقم 1314، وحملت عنوان "الانتخابات في لبنان: الدلالات المتضمنة لواشنطن، بيروت، ودمشق". هذا وقد تضمنت الورقة ملخصاً لإفادات الثلاثي:
• جيفري فيلتمان: السفير الأمريكي في لبنان.
• طوني بدران: الزميل الباحث المختص بشؤون السياسة السورية واللبنانية في مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطية» والتي تتبع أيضاً لرعاية اللوبي الإسرائيلي وجماعة المحافظين الجدد.
• ديفيد شينكر: يهودي أمريكي، باحث ومدير برامج السياسات العربية في معهد واشنطن وخبير شؤون سوريا ولبنان والأردن وفلسطين بمكتب وزير الدفاع الأمريكي.
أولاً: وجهة نظر السفير الأمريكي في لبنان جيفري فيلتمان:
أشار فيلتمان في مداخلته إلى النقاط الآتية:
• انتهت في 23 تشرين الثاني الماضي فترة ولاية الرئيس اللبناني إيميل لحود ولم يتم انتخاب البديل له بسبب مقاطعة المعارضة اللبنانية وبالتحديد نبيه بري رئيس مجلس النواب وميشيل عون المسيحي الماروني وزعيم التيار الوطني الحر وممثلو حزب الله.
• لعبت الدبلوماسية الفرنسية دوراً رائداً في التوسط والمساومة من أجل التوصل إلى الإجماع اللبناني حول الرئاسة، وذلك عن طريق الطلب من البطريرك الماروني إعداد قائمة تتضمن الأسماء الممكن ترشيحها لمنصب الرئاسة.
• كتلة 8 آذار –التي تمثل المعارضة- والتي يتزعمها نبيه بري وميشيل عون اختارت خمسة أسماء.
• كتلة 14 آذار –التي تمثل الحكومة والأغلبية النيابية- التي يتزعمها سعد الحريري اختارت اسمين.
• برغم فشل المبادرة الفرنسية فقد تم إحراز "نصف" النصر، حيث ترك الرئيس لحود المنصب بانتهاء فترة ولايته واستمرت الحالة الديمقراطية في لبنان وإن كانت تعاني من الضعف، إضافة لذلك فمن غير المتوقع أن يكون الرئيس القادم متعاطفاً مع سوريا أو حزب الله كما كان لحود من قبل.
• بالنسبة لقوى 14 آذار، فقد بقيت الإشكالية متمثلة في كيفية تأمين انتخاب رئيس يلتزم بأمن واستقلال لبنان، وبدعم تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي.
• الزمن يمضي في غير مصلحة قوى 14 آذار لأن:
* المسيحيين اللبنانيين لن يقبلوا أو يطيقوا بقاء منصب الرئيس اللبناني، الذي منحهم إياه الدستور، خاوياً.
* احتمالات حدوث المزيد من الاغتيالات السياسية بما يؤدي إلى القضاء على ميزة "الأغلبية البرلمانية" المتاحة حالياً لقوى 14 آذار.
• اللجوء لصيغة انتخابات "النصف + 1" والتي ترفضها المعارضة (قوى 8 آذار) وتسعى لتطبيقها قوى 14 آذار، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى جر لبنان وإدخاله من جديد في نفق الحرب الأهلية.
• تتخوف قوى 14 آذار وتتردد كثيراً إزاء تشدد العماد ميشيل عون وحزب الله.
• توجد حالياً قوتان في لبنان تتصارعان على السلطة:
* قوة مؤيدة للولايات المتحدة والغرب (تكتل 14 آذار).
* قوة مؤيدة لسوريا وإيران (تكتل 8 آذار).
ثانياً: مداخلة توني بدران:
أشار بدران إلى النقاط الآتية:
• أجبرت المبادرة الفرنسية البطريرك الماروني تحديد قائمة من الأسماء، واستناداً إلى المبادرة كان يتوجب إجراء النقاش والحوار حول الأسماء ثم رفع اسمين أو ثلاثة بعد الاتفاق عليهم إلى البرلمان ليتم التصويت النهائي.
• مصير المبادرة الفرنسية أظهر أن الدبلوماسية مع سوريا تؤدي دائماً إلى الفشل.
• لم يرغب الفرنسيون بالاعتراف بالفشل واستمروا في المضي قدماً في خطتهم.
• ناقشت فرنسا كل ما يمكن تقديمه لسوريا بما في ذلك تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي واتفاقية الاتحاد الأوروبي الاقتصادية، ولكن سوريا لم توافق على قبول أي شيء، وذلك بسبب هدفها الحقيقي وهو استئناف العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
• الحديث عن "إقناع" السوريين بحضور مؤتمر السلام في أنابوليس ليس انتصاراً وذلك لأن دمشق لم تكن بالأساس حريصة على المشاركة في المؤتمر.
• برغم حضور سوريا إلى المؤتمر إلا أنها لم تهتم بتقديم أي تنازلات مقابل حضورها.
• قبل انعقاد المؤتمر، وخوفاً من عدم حضور سوريا، ذهب ملك الأردن إلى دمشق لإخبار السوريين بأن عدم حضورهم في أنابوليس معناه أن تواجه مخاطرة مقاطعة مؤتمر الجامعة العربية المزمع عقده في دمشق في عام 2008م.
• كان معظم اللبنانيين يخافون من احتمالات أن يسعى الرئيس لحود إلى خلق "الفوضى والبلبلة" قبل مغادرته المنصب ولكن ذلك لم يحدث.
• تحاول دمشق تصوير عدم حدوث حالة الفوضى والبلبلة في لبنان بعد مغادرة لحود، باعتباره يمثل نوعاً من التنازلات المقدمة منها.
• قبل مغادرة لحود بفترة طويلة كان واضحاً أن خيار سوريا يتمثل في رئيس أركان الجيش اللبناني العماد ميشيل سليمان:
* سوف لن يترأس أي حكومة عسكرية.
* سوف لن يترأس أي حكومة انتقالية.
• لم تحاول دمشق القيام بشكل مبكر بتحديد وفرض مرشحها الرئاسي في لبنان.
• لم تتخلى حتى الآن قوى 14 آذار عن خيار انتخابات صيغة "النصف + 1".
• ظل حزب الله يعتقد بأن إيميل لحود لن يغادر منصبه قبل أن يقدم مزايا ما للمعارضة، خاصة وأن المعارضة ظلت على مدى عام كامل تشن حملتها ضد حكومة السنيورة.
• التوترات الطائفية يمكن أن تتزايد أكثر فأكثر طالما أن:
* حالة الفراغ الرئاسي مستمرة.
* توظيف سوريا للموقف من أجل الدفع باتجاه مرشحها.
ثالثاً: مداخلة ديفيد شينكر:
أشار فيها شينكر إلى النقاط الآتية:
• بدأ بطرح السؤال: ما الذي يعنيه مصطلح رئيس توافقي؟، وأجاب قائلاً: برغم ضعف منصب الرئاسة اللبنانية، فقد أظهر إيميل لحود قوة في قطع الطريق أمام العديد من المبادرات وتعيين بعض الوزراء. وسيطر على ثلث مجلس وزراء فؤاد السنيورة.
• لم يكن الرئيس لحود ملتزماً بقرارات مجلس الأمن 1559 و1701، وإذا كان خليفة لحود متعاطفاً مع سوريا فإنه لن يدعم هذه القرارات أيضاً.
• الرئيس اللبناني القادم لن يستطيع إيقاف إجراءات المحكمة الدولية لكنه يستطيع أن يقوض ويمنع تقديم الدعم الدولي لها.
• ميشيل عون هو مرشح حزب الله للرئاسة، ولكن لا يوجد حتى الآن ما يؤكد أن حزب الله ليس لديه مرشح بديل عن عون.
• مرشح سوريا هو العماد ميشيل سليمان ولكن ترشيحه يتطلب تعديلاً دستورياً.
• لاحقاً أكد زعماء 14 آذار إمكانية قبولهم لترشيح العماد سليمان.
• موافقة قوى 14 آذار على ترشيح سليمان تنطوي على بعض "الرهانات الخفية".
• التطور الأخير الذي حدث في مواقف زعماء قوى 14 آذار يعكس مخاوفهم واهتماماتهم إزاء التطور الأخير الذي حدث في إجراءات محكمة قتلة الحريري فبدلاً عن المحقق السابق الذي كان المسؤول عن التحقيق في محكمة يوغسلافيا الدولية، تم تعيين محقق كندي ليس لديه أي خبرة في عمليات التحقيق في قضايا الإرهاب، وهو أمر يمكن أن يقوض ويضعف مصداقية وثقة قوى 14 آذار.
• هناك حديث متزايد حول احتمالات اندلاع حرب أهلية أخرى في لبنان، ولكن من غير الممكن الخوف من مناقشة هذا الموضوع دون الاهتمام بدراسة ومناقشة المصالح السورية والإيرانية:
* التزم حزب الله وتعهد بعدم توجيه أسلحته إلى اللبنانيين.
* لن تقوم إيران بخطأ تشويه صورتها في العالم العربي وهو التشويه الذي يمكن أن يحدث إذا تورط حزب الله في إشعال الحرب الأهلية اللبنانية الجديدة.
* سوريا، من الممكن على أية حال، أن توظف هذا الصراع من أجل تقويض المحكمة الدولية.
عموماً، برغم أن المداخلات الثلاثة قد بدت عادية، إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن الأطراف الثلاثة التي شاركت في تقديمها هي أطراف تتميز بأهميتها ودورها الكبير في إدارة ملفات الأزمة اللبنانية، فالسفير فيلتمان هو الذي يقوم بمهام "المدير الميداني" للأزمة اللبنانية، والباحث طوني بدران هو الذي يقوم بدور "ابن المنطقة"، والخبير "صاحب الشأن" في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية التي تورطت في الاضطرابات التي أعقبت اغتيال الحريري وأطلقت عليها اليهودية الأمريكية باولا دوبريانسكي تسمية "ثورة الأرز"، أما ديفيد شينكر فهو اليهودي الأمريكي والمرتبط بإسرائيل والإدارة الأمريكية ودوائر صنع القرار الخاص بالشأن اللبناني.
اللافت للانتباه ملاحظات ديفيد شينكر التي أشار فيها إلى موافقة قوى 14 آذار على ترشيح العماد ميشيل سليمان وهي تنطوي على:
• وجود أجندة خاصة خفية بقوى 14 آذار.
• مخاوف قوى 14 آذار من المحقق الدولي الجديد الذي تم اختياره.
وبالطبع، فإن شينكر يدرك تماماً ما هي أجندة ورهانات قوى 14 آذار الخفية والتي لم يتم الإعلان عنها حتى الآن، وذلك لأن شينكر هو الأكثر علماً بهذه الخفايا ويعود ذلك بالطبع إلى مساهمته الفاعلة في وضع الأجندة الخاصة بقوى 14 آذار والتي لا يمكن -كما أكدت الوقائع- أن تتبنى أي طرح أو مطلب سياسي دون المشاورة المسبقة مع واشنطن.
التطورات الجديدة على الصعيد اللبناني تشير إلى احتمالات وجود مثل هذه الأجندة والرهانات الخفية فقد:
• تم تأجيل جلسة اختيار الرئيس اللبناني.
• حدث خلاف حول الترتيبات والإجراءات العملية التي تتم بها عملية تعديل الدستور والترشيح.
• بدأ يتضح أكثر فأكثر أن فؤاد السنيورة يعارض ترشيح ميشيل سليمان ويحاول الدفع باتجاه إقناع الأمريكيين والأوروبيين بضرورة عرقلة ذلك.
• تحول قوى 14 آذار –ومعها السنيورة طبعاً- إقناع أمريكا والغرب بان قوى 8 آذار هي التي تقف عائقاً أمام ترشيح العماد سليمان من أجل الحصول على دعم أمريكا والغرب لتطبيق صيغة انتخابات "النصف + 1".
حالياً، تشير المعلومات إلى أن الأزمة اللبنانية ما زالت تنمو وتتصاعد، وفقاً لنموذج "الأزمة الزاحفة" التي تنمو رويداً رويداً، وسوف تظل "النار الهادئة" مشتعلة في المطبخ السياسي اللبناني إلى حين حلول يوم 17 كانون الأول القادم، وبعدها ربما يمتد الأمر إلى ما بعد عطلات نهاية العام، فما الذي سوف يحدث يا ترى؟ وكما يقول المثل الإنجليزي "دعنا ننتظر ونرى".
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد