مهرجان الجاز : هل تمكّن من قلوب السوريين

08-07-2006

مهرجان الجاز : هل تمكّن من قلوب السوريين

تنطوي التجربة الموسيقية الفريدة، التي تحياها دمشق وحلب هذه الأيام، على مدلولات ثقافية وحضارية متعددة.

فمهرجان الجاز في سورية يأتي ثمرة جهد وورشات عمل طويلة ضمت عازفين عالميين ومحترفين وأيضاً طلاباً في المعهد العالي للموسيقا وخريجين سوريين هم عماد الأوركسترا السورية السويسرية للجاز التي تعد سابقة في المنطقة العربية من حيث مقوماتها التأسيسية والإبداعية، فهي الأولى في هذا المجال، ويأمل المشاركون في تعميمها على باقي الدول العربية بغية تكريس مفاهيم الحوار الحضاري والتلاقح بين الثقافات، إذ إن الموسيقا لغة عالمية تتجاوز كل التناقضات أو الفروقات، الأمر الذي من شأنه سد الثغرات والاغترابات بين ثقافات العالم المختلفة التي يراد لها أن تتصارع بدل أن تتحاور، وتمارس بحق بعضها سياسية الالغاء بدل التواشج والالتقاء.. في هذا الإطار تتفرد موسيقا الجاز بإمكانية القيام بدور الحاضن والراعي لكل الخصوصيات على أرضية موسيقية تتميز بقدرتها على جمع أنواع الموسيقا المحلية كافة في المناطق المختلفة من العالم ضمن عمل متناغم ومشترك حيث يترك كل لون خصوصيته وطابعه على جدارية العمل الإنساني الكلي الذي هو نتيجة عمل جماعي حضاري يصب في نهاية المطاف في خدمة الإنسان وغاياته الثقافية والأخلاقية. ‏

على هامش المهرجان تحدث سفير سويسرا في دمشق السيد جاك دوفاتفيل وذلك بغية إلقاء الضوء على هذا المشروع:
 
‏ ہفي البداية أودّ أن نتحدث عن طبيعة هذا المشروع الموسيقي، كيف ولد وما هي أهدافه؟! ‏

ہہ الفكرة بدأت من خلال الموسيقيين أنفسهم، وقد تبلورت خلال زيارة أماديس دنكل إلى سورية ولقائه الموسيقيين السوريين حيث طُرحت عليه فكرة القيام بدورات تدريبية وورشات عمل موسيقية في دمشق... تلك كانت البداية ثم راحت تكبر وتتسع حتى ولد المهرجان الأول في العام الماضي حيث لاقى نجاحاً كبيراً ومتابعة منقطعة النظير من قبل الجمهور السوري من مختلف الفئات العمرية، الأمر الذي دعانا إلى إقامة ورشات جديدة للعازفين السوريين مدتها شهر أو أربعون يوماً حيث شهدنا تأسيس الفرقة السورية السويسرية التي تعد أول فرقة في سورية والمنطقة العربية. لقد دفعنا النجاح الكبير في المهرجان الماضي إلى تطوير العمل وإغنائه فقد تشجع الموسيقيون من أجل تقديم مهرجان جديد هذا العام وقد طرح علينا الأستاذ هانيبال سعد المدير الفني فكرة إقامة المهرجان هذا العام فرحبت السفارة بهذا المشروع وتبنته. ‏

لقد أقيم مهرجان العام الماضي بفضل رعاية السيدة أسماء الأسد ودعمها الكبير للفرقة، الأمر الذي أدى إلى استمرار المشروع وولادة المهرجان الحالي، وأيضاً لا بد من التذكير بالدور الكبير الذي قامت به كل من وزارة الثقافة وقلعة دمشق ومحافظة دمشق حيث تضافرت جميع الجهود من أجل إنجاح المهرجان الحالي الذي يقام بالتزامن في دمشق وحلب.
 
‏ ہ كيف يمكن للموسيقا أن تحقق نتائج حقيقية على صعيد تقريب الثقافات والشعوب؟! ‏

ہہ الموسيقا لغة عالمية تخاطب المشاعر والأحاسيس، وأعتقد أن من يتابع فعاليات المهرجان وحفلاته المتنوعة يلاحظ هذا التناغم بين الآلات الموسيقية المختلفة رغم تحدرها من خلفيات ثقافية متعددة، لقد كان التآلف والانسجام رائعاً حيث إنه شمل الآلات الموسيقية والموسيقيين أنفسهم وإلا لما أدوا هذه المعزوفات الرائعة.. إننا نهدف إلى إيصال رسالة صداقة وسلام لجميع الناس من الحضارات المختلفة، وأعتقد أن الموسيقا خير من يقوم بهذا الدور حيث بإمكانها تجاوز الجنسيات المتعددة لتقدم مثالاً للآخرين عن إمكانية التواصل الإنساني الناجح والجميل، وفي الوقت نفسه فإنه يسرنا أن نقدم للجمهور السوري بشكل عام هذه الفرصة من أجل الاستمتاع بتجربة موسيقية فريدة هي موسيقا الجاز الحرة.  

ہ ما هي مشاريعكم المستقبلية إن كان على صعيد الموسيقا أو سواها من المجالات الثقافية؟ ‏

ہہ هناك العديد من النشاطات ففي أيلول القادم سيقام معرض تصوير في حلب وفي الشهر العاشر محاضرة عن الثقافة الإسلامية، وأعتقد أننا سنرعى محاضرة يلقيها باحث من القسم الإيطالي في سويسرا، كما أن هناك حفلة أوبرا كبيرة تشارك فيها مغنية مشهورة، إضافة إلى مشاركتنا في مهرجان الفرانكفونية، أما بالنسبة لمهرجان الجاز المقام حالياً فسنحاول أن يصبح تقليداً سنوياً نعمل من خلاله من أجل تطوير هذا النوع من الموسيقا عبر تفاعل الموسيقيين العالميين والمبدعين من الثقافات والشعوب كافة. ‏

وأريد أن أكرر شكري للرعاية الكريمة التي تقدمها السيدة أسماء الأسد، وأذكر أيضاً بمشاركة السفارة الكندية والبولندية التي هي دليل على الطابع الدولي لهذا الملتقى الموسيقي.. ‏

إن هذا الملتقى لا يهدف إلى إبراز مواهب الموسيقيين فحسب، إنما إلى نشر موسيقا الجاز في سورية كعامل فعال في نقل القيم الإنسانية، إلى العالم.. وكل ذلك يأتي في إطار التعاون الثقافي الفعال بين سويسرا وسورية كما أنه يحمل رسالة تعبر عن الصداقة والانفتاح والسلام. ‏

أوركسترا الجاز السورية السويسرية تضم أكثر من ثلاثين عازفاً موسيقياً متميزاً من دمشق وحلب يرافقهم عشرة عازفي جاز سويسريين وقد قام عدد من المؤلفين الموهوبين والمتحدرين من ثقافات مختلفة بالكتابة والتأليف للأوركسترا السورية السويسرية ما يعني الكثير من التنوع والغنى والانفتاح. ‏

آ قائد الأوركسترا أماديس دنكل الموسيقي السويسري الشهير، تحدث لـ «تشرين» عن هذا العمل الموسيقي وأبعاده الفنية والحضارية: ‏

لقد أقمنا ورشة عمل لمدة شهر ونصف، وتعاونّا مع طلبة المعهد العالي للموسيقا في دمشق، حيث جاء هذا المهرجان نتيجة لعمل دؤوب وإصرار من قبل الجميع على تقديم شيء مختلف وجديد على صعيد الجاز، لاسيما أن هذه التجربة تتميز بفرادة متميزة في المنطقة ككل وأعتقد أننا بصدد الإعداد لأسلوب جديد على صعيد موسيقا سورية مطوّرة عن الجاز... ‏

هذه الفرقة تجمع موسيقيين من أنحاء العالم كافة.. من سويسرا وأميركا واليونان وكندا وسورية، تجمعهم رغبة انتاج مشروع موسيقي جديد ومشترك ويحمل كل القيم الإبداعية. ‏

لدينا العديد من المشاريع الموسيقية سنحاول نقلها إلى البلدان العربية كما أننا سنعقد في دمشق ورشات عمل مهمة تضم أشهر العازفين العالميين من أجل تطوير أسلوب الارتجال عند الجميع على حد سواء. ‏

عازف البيانو أغيد منصور رأى أن المشروع هام جداً بالنسبة لسورية فهو أول عمل يقام بهذا الحجم وله الكثير من الدلالات الثقافية والفنية، فنحن الآن نشهد أول فرقة في العالم العربي مختصة بالجاز وهذا لا شك سيكون له دور كبير في تنمية مواهب الشباب وأذواقهم الموسيقية باتجاه الفن العالمي لمواكبة التطورات التي تحدث على هذا الصعيد. ‏

المصدر:‏ تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...