نقاش أمريكي برائحة التقسيم والنفط حول السودان

16-07-2008

نقاش أمريكي برائحة التقسيم والنفط حول السودان

التقط اللوبي اليهودي الأمريكي أمس قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور، للعمل على تحقيق أهداف ترتبط بالتقسيم الجغرافي والنفطي للسودان، بالتوازي مع حملة ضغط على الصين، بعدما أعربت عن قلقها البالغ ومخاوفها من تداعيات القضية، فيما دعت روسيا جميع الأطراف إلى ضبط النفس في ظل تحفظ الرئيس الأمريكي الذي أكد ان واشنطن تفضل انتظار التداعيات قبل اعلان أي موقف، وإن طَرَح شروطاً ابتزازية. وكشفت مصر عن اتصالات اجراها الرئيس حسني مبارك في الخصوص، وحذر وزير خارجيته أحمد أبو الغيط من العبث بالاستقرار السياسي في السودان، في وقت شهدت الساحة السودانية تحركات جماهيرية وسياسية أكدت تأييدها للبشير ورفضه التدخل الخارجي بالشؤون الداخلية للبلاد، فيما قلصت المنظمات الدولية أعمالها وأجلت بعض موظفيها تحسباً من ردود فعل عنيفة.

وناقش بوش مع مسؤولي ادارته الوضع في السودان، وأعرب في مؤتمر صحافي أمس عن اهتمامه بالتأكد من سريان الاتفاقية التي أتمها مبعوثه جون دافغورث والتزام الأطراف بها. وشدد بوش على ضرورة التأكد من وجود فهم واضح حول توزيع دخل النفط بين الشمال والجنوب السوداني، وأضاف ان ادارته تحاول العمل لتوحيد المتمردين، في الوقت ذاته العمل مع الرئيس عمر البشير. وحذر بوش من ان العقوبات على السودان ستستمر إذا لم يحقق تقدماً في حل مشكلة دارفور.

وتحدث عن عملية نشر قوات دولية، ودور الاتحاد الإفريقي باعتبارها محكاً ومطلباً أمريكياً منذ أن اتخذت واشنطن قرار عدم التدخل المنفرد بدارفور، وانه تحدث مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول تقديم المساعدات الانسانية لدارفور.

وبينما وصف الرئيس الأمريكي الوضع في دارفور بأنه محزن ومعقد للغاية، بدأت الولايات المتحدة في فرض المزيد من الضغوط غير المباشرة على الخرطوم وذلك بالتزامن مع حملة اعلامية لم تخف فيها محاولات اللوبي اليهودي الأمريكي الذي تبنت بعض مؤسساته ما وصفته “بالتظهير العرقي في دارفور” كما واصلت مؤسسات اعلامية حملة نشر صور قديمة وحديثة لما قالت انها مشاهد من “التطهير العرقي” المزعوم في الاقليم.

كما بدأت ممارسات تستهدف الضغط على الصين باعتبارها تمتلك حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي والتلويح بإمكان تأثير موقف الصين تجاه قرار المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية توجيه الاتهام للبشير، على موقف الدول الكبرى (الغربية) من مشاركتها في الأولمبياد المزمع في أغسطس/ آب المقبل. وتضمنت حملة الضغوط على الصين تسريب تقارير تتحدث عن ضلوع الصين في تدريب طيارين سودانيين وكذلك بيع الصين صفقات سلاح للخرطوم والعثور على سيارات عسكرية في دارفور صنعت في الصين التي تستورد ثلثي انتاج السودان من النفط.

وقالت مصادر ان واشنطن ترغب في موافقة السودان ورضوخها لثلاثة شروط أساسية وهي: اخراج كامل لميليشيا “الجنجويد” والميليشيا التابعة للحكومة من دارفور، وقف تعطيل نشر قوات حفظ سلام دولية، والبدء في محادثات سلام جادة مع المتمردين، وهي الشروط التي إذا وافق عليها البشير فإنه ساعتها يمكن للولايات المتحدة وحلفائها التدخل لدى مجلس الأمن الدولي لوقف تقديمه للمحكمة الجنائية الدولية.

وكانت التهديدات الأمريكية ضد السودان قد تضمنت أيضا اقتراحاً مقدماً لإدارة بوش كي تقوم بقطع شبكة الاتصالات الحكومية السودانية، من دون الافصاح عن تفاصيل وعما إذا كانت هذه الشبكة ستضعف وسائل الاعلام الحكومية السودانية (اذاعة وتلفزيون) أم مجرد وسائل الاتصالات العادية (هواتف) المرتبطة بالحكومة.

على أية حال فإن عجلة التحرك تجاه الاسراع بتطويق حكومة الخرطوم وحديث بوش صراحة عن اهتمامه باستمرار تقسيم الثروة النفطية بين الجنوب والشمال لا يحتاج لتفسير فهو يفسر رغبة واشنطن الجادة والتي تحظى بدعم غربي معلن وغير معلن في الاسراع بخطة عمل قديمة مرتبطة بخارطة مصالح نفطية وجيوسياسية وايديولوجية تتعلق بأكبر بلد إفريقي ينبغي تقطيع أوصاله وعلاقته بما هو عربي أو مسلم مع تطويق افريقيا لضمان السيطرة على ثروات القارة السوداء.

ومن المعروف ان “إسرائيل” ومنذ زمن طويل تفعل علاقاتها ونفوذها في القارة السوداء ووصل الأمر إلى درجة تخصيص لما يقرب من 48% من بعثاتها الدبلوماسية الخارجية للتواجد والعمل في إفريقيا.

وهو توجه يحظى بتشجيع وتعاون من الولايات المتحدة بصفة خاصة والغرب الأوروبي بصفة عامة.

حنان البدري

المصدر: الخليج

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...