هيام حموي امرأة من زمن الرومانسية
هيام حموي.. حنا مرقص.. ثناء منصور ومجدي غنيم وغيرهم كثير من تلك الأصوات الرائعة التي كانت تأتينا من وراء البحار من إذاعة مونت كارلو فتغذي خيالنا وأحلامنا بالسفر والانطلاق، وتبث في أرواحنا رومانسيتها الدافقة.
كانت هيئة الإذاعة البريطانية بجدِّيتها (حتى في إطلاق النكتة) لا تنافسها في نفوس الكثير من الأجيال الطالعة آنذاك.
وكما نرى في معظم أنحاء العالم الراقي، فإن الإعلامي يكرّم كلما ازداد خبرة وطال به الزمان.
وهل يفترض بي أن أذكر بأن زوجة ولي العهد الإسباني هي مقدمة برنامج تلفزيوني منفصلة عن زوجها.
لا أدري لماذا يحضرني ذلك الآن ولكن ما يحضرني بشدة أيضاً هو أن عدداً كبيراً جداً قد نشأ على صوت الإعلامية الكبيرة آمال فهمي في الشقيقة مصر، حتى إن برنامجها الهادف (على الناصية) كل يوم جمعة، تحوّل في رأي الكثيرين إلى بصمة دامغة وعلامة فارقة، وتلك هي رسالة الإعلامي الأولى، أي الوصول إلى ابن الشارع ومشاركته همومه ومحاولة مساعدته لحل مشكلاته.
أسوق كل هذه المقدمة لأصل إلى مذيعتي المفضلة هيام حموي.. التي طار عقلي عندما قرأت الصيف الماضي اسمها يملأ الإعلانات الطرقية ليبِّشرنا بعودتها لأحضان الوطن.
لا شك بأن صوتها العذب الرقراق يعبّر عن صفاء سريرتها، ورغم ثقافتها العالية وذكائها الخارق في فن الحوار البسيط والمعمق في آن إلا أننا كنا بشكل أو بآخر نستمد الحنان ونحن نعانق الراديو لنغفو على برامجها وصوتها الدافئ وكأنها المؤشر الخفي لأحلامنا الغامضة في الحب والسفر والانطلاق.
كانت عناوين فتراتها تدغدغ مشاعرنا وأذكر منها: يوميات مذيعة في باريس، دردشة على ضفاف السين، بنك الصداقة.
ولم تكن طبعاً تعنى عناية شديدة في الشكل من حيث اختيار أحلى الأغنيات التي ترافقها أو الشارة الخاصة ببرامجها وإنما كان المضمون الراقي للموضوعات التي تطرحها وللضيوف الذين تستقبلهم من أهل الفكر والفن.
في مونت كارلو كان الجميع يتحدّث عن النسبة القصوى من رسائل القرّاء التي تستقبلها وكان ذلك قبل عصر الإنترنت. أما إذاعة الشرق فقد كانت تقريباً قائمة على كتفيها.. وفي كل الأحوال كان حضورها الناعم الآسر بأنوثته يؤهلها للنجومية في المحطة التي تعمل بها.. أذكر أني التقيت بها لمرة واحدة بترتيب صديق مشترك هو الكبير جداً الدكتور عبد السلام العجيلي. كانت مدعوة إلى صالون السيدة كوليت خوري وبينما نحتسي الشاي مرّ مراسل الـ«بي بي سي» في دمشق وهو صديق مشترك فحيّته ورغم غيابها الطويل فقد فهمت من تلقاء نفسي لماذا ظلتْ هذه الإنسانة عازفة عن الزواج.
اهتماماتها الثقافية كثيرة.. وشبكة صداقاتها واسعة، ودفتر مواعيدها ملآن.. امرأة لا تحب الملل ولا وقت لديها للجلوس بلا عمل أو عطاء.
ما كان لي أنْ أكتب عن (هيام) كما سميناها في إذاعة مونت كارلو، لو لم أقرأ في هذه الصحيفة بالذات كلمة ترحيب بها.
يقول المثل الفرنسي: (أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً).
وبدوري أسمح لنفسي أن أقول باسم كل السوريين لهيام: أهلاً بك.. ابقي بيننا في الشام، فأنت بلا أدنى شك قد ساهمت في تكويني الفكري ذات يوم.
المصدر : الوطن السورية
إضافة تعليق جديد