وأخيراً.. تحرك الفنانون
عبد الرحمن سلام : ومع نهاية الاسبوع الثالث على بدء العدوان الصهيوني على لبنان, جاء تحرك القطاع الفني اللبناني والعربي, داعماً المقاومة ومستنكراً العدوان ومستنهضاً الشارع ,فنزل الفنانون الى الساحات والميادين واجتمعت نقاباتهم وسيّرت التظاهرات المنددة بالصمت الرسمي العربي والدولي تجاه كل المجازر التي يرتكبها العدو الاسرائيلي بدعم اميركي, بحق لبنان وشعبه وبحق الشعب الفلسطيني.. وهكذا تيسر لنا متابعة ابرز نجوم الفن العربي وهم يتقدمون المسيرات الشعبية, ما يؤكد ان الفنان العربي بشكل عام واللبناني بشكل خاص لا يمكن إلا ان يتوحد مع مجتمعه, وان الفن سلاح في اي معركة وطنية وقومية ان هو استخدم الاستخدام السليم, وقد ثبت ان نزول الفنان العربي في لبنان ومصر وسوريا وبقية الاقطار الى الشارع كان له الأثر الفعال في تحريك الجماهير, وكلنا تابعنا رد الفعل الذي تركه تواجد نجم النجوم عادل امام وزملائه وزميلاته في الشارع المصري.. وكلنا تابعنا ردود الفعل على موقف الفنان حسين فهمي الذي استنكر صمت هيئة الامم ليس فقط في اتخاذ موقف صارم وحازم من العدوان الاسرائيلي على لبنان وانما ايضاً في عجزها عن الدفاع عن عناصر قواتها التي استهدفتها قذائف اسرائيل, وهو العجز الذي دفع بهذا الفنان الشهم الى الاعتذار علناً وامام كل وسائل الاعلام الدولية والعربية عن استمراره في تحمّل مسؤولياته كسفير «للنوايا الحسنة» في خدمة الامم المتحدة متسائلاً كيف يمكن لهذه المنظمة ان تحمي شعب لبنان المظلوم والمعتدي عليه وهي العاجزة عن حماية نفسها وقواتها!؟
اما في لبنان وكنت قد كتبت في الاسبوع الماضي, وتحديداً في هذه الزاوية مستهجناً غياب الفنان اللبناني عن مواكبة ما يصيب مجتمعه من قتل وتنكيل وتهجير وايضاً متسائلاً عن اسباب غيابه عن المعركة, فها هو اليوم €ولو متأخراً€ يعاود تحمّل مسؤولياته وقد رأينا, ورأى العالم كله معنا الفنانة جوليا بطرس تشارك في التظاهرة الحاشدة التي احاطت بمقر الامم المتحدة €اسكوا€..
وها هي نوال الزغبي تجول على المدارس والاديرة والمجمعات حيث اهلنا النازحون, وعلى المستشفيات حيث الابرياء من الاطفال والنساء والعجزة المشوهين بالقصف الاسرائيلي, تخفف عنهم وتشدّ من ازرهم حتى انها لم تتوان عن الغناء لهم رفعاً لمعنوياتهم.
وها هم غالبية نجوم الغناء مثل وليد توفيق وراغب علامة ومعين شريف وغيرهم الكثيرين يتدافعون الى استديوهات التسجيل لرفد الاذاعات المحلية بالغناء الوطني والعاطفي الذي يتماشى مع المرحلة الراهنة.
وها هي نقابة الفنانين المحترفين ومعها صندوق التعاضد وجمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى يعقدون مؤتمراً صحفياً ويتخذون فيه مقررات تؤكد حضور ودور الفنان اللبناني في هذه المعركة. ومن هذه المقررات: التبرع بما يلزم اهلنا النازحين من مواد طبية وغذائية وألبسة وغيرها في دار النقابة, وتنظيم زيارات للفنان الى امكنة تواجد النازحين عن بيوتهم وقراهم مع فتح باب التبرعات المالية لمن يرغب من المجتمع المدني او الفنانين داخل وخارج لبنان.
وها هو اتحاد النقابات الفنية في لبنان يتحرك باتجاه الاتحادات النقابية في الوطن العربي ويدعوها الى تحويل مجازر اسرائيل وعدوانها على لبنان وشعبه الى اعمال درامية سينمائية تلفزيونية ومسرحية تكشف الحقد والكراهية والهمجية والوحشية التي تحرّك الآلة الصهيونية الحربية ضد لبنان وشعبه..
وها هي المهرجانات الفنية العربية تعلن عن وقف دوراتها في هذا العام تضامناً مع لبنان وشعبه ومقاومته.
يقول المثل: «خيرٌ ان تأتي متأخراً من ان لا تأتي ابداً»..
صحيح ان تحرّك الفنان اللبناني جاء متأخراً بعض الشيء لكن لا بأس, فالمهم انه جاء, والمهم ان يستمر, وان يتفاعل وان تتصاعد وتيرته, وان يكون المحرك الدائم بكل القطاعات طالما استمر هذا العدوان, فالفنانون هم الأحب الى قلوب الناس وهم المثل الذي يحتذى ومن هنا كان عتبنا عليهم ونداؤنا لهم.. ومن هنا ايضاً نعتبر ان تواجدهم وسط اهلهم في الشارع وفي المستشفى وامكنة الايواء اكثر من ضرورة لما يشكل من دعم اكيد لسلاح المقاومة, والى ان يزول هذا العدوان مدحوراً ومهزوماً الى غير رجعة بإذن الله ولتبقى رايات العزة والمقاومة والشرف والسيادة والحرية والاستقلال مرفرفةً فوق كل حبة تراب من ارض لبنان, فأسطورة الجيش الذي لا يهزم حوّلها صمود المقاومة والجبهة الداخلية الى وهم, وزمن الهيمنة والغطرسة الصهيونية ولّى الى غير رجعة.. ودولة بني صهيون, ترسانة اميركا وقوتها الضاربة في المنطقة تعلّمت على ايدي اللبنانيين درساً, بحيث باتت تحسب الف حساب قبل ان تفكر مجرد التفكير بخوض مغامرة جديدة على الارض اللبنانية الطاهرة.
هذا هو العهد الذي قطعه لنا سيّد المقاومة.. وأشهد انه أوفى به.
الكفاح العربي
إضافة تعليق جديد