(وثائق سورية):كلمة عبد الناصر الثانية من منزل شكرى القوتلى بدمشق
أيها المواطنون:
السلام عليكم ورحمة الله..
إنني أشعر الآن وأنا بينكم بأسعد لحظة من حياتي، فقد كنت دائماً أنظر إلى دمشق وإليكم وإلى سوريا وأترقب اليوم الذي أقابلكم فيه، والنهارده.. النهارده أزور سوريا قلب العروبة النابض.. سوريا اللي حملت دائماً راية القومية العربية.. سوريا اللي كانت دائماً تنادى بالقومية العربية.. سوريا اللي كانت دائماً تتفاعل من عميق القلب مع العرب في كل مكان.
واليوم - أيها الإخوة المواطنون - حقق الله هذا الأمل وهذا الترقب وأنا التقي معكم في هذا اليوم الخالد، بعد أن تحققت الجمهورية العربية المتحدة.
أيها المواطنون:
لقد كافح الآباء وكافح الأجداد من أجل هذا اليوم العظيم الخالد لتكون أمة العرب أمة واحدة، وبفضل كفاحكم وثباتكم ورفعكم راية القومية العربية استطعنا أن نحقق هذا الحلم. اليوم ونحن نستقبل أول أيام الجمهورية العربية المتحدة، نستقبله بإيمان، ونشعر بالقوة ونشعر بالعزة، والهتافات التي كنتم تنادون بها في دمشق منذ سنين طويلة، والخطب التي كنتم تلقونها، والأماني التي كنتم تتمنونها، وكانوا يتمنونها في كل قطر من الأقطار العربية، وفى كل بلد من البلاد العربية؛ هذه الأماني تحققت اليوم.. لقد قامت الجمهورية العربية المتحدة لترفع راية الحرية، ولترفع راية السلام، وراية القوة والعمل والإقدام.
اليوم، وقد حضرت إليكم من القاهرة أحمل إليكم تحيات إخوانكم في الإقليم الجنوبي، تحيات من القلوب تحيات من النفوس، وأحمل إليكم أيضاً منهم الشعور بالمحبة، الشعور اللي كل واحد منكم يستطيع أن يعلمه من نتائج الاستفتاء.. شعور محبة متبادلة بين الشعب في مصر والشعب في سوريا، تآخ وتآزر وتضامن في كل شيء؛ وهى دى الأسس للجمهورية العربية المتحدة.
أيها المواطنون:
أقول لكم مرة أخرى: إن هذه اللحظات من لحظات العمر، وإن هذه الأيام من أيام التاريخ، وإن هذه المسئولية التي ألقيت على عاتقكم مسئولية كبرى، وبعون الله وقوته سنعمل متحدين متكاتفين من أجل تحقيق أمل كل فرد منكم لبناء الجمهورية العربية المتحدة على أسس المثل العليا والعزة والكرامة والتآخي والمحبة.
اليوم - أيها الإخوة - وأنا أكلمكم من منزل أخي شكري القوتلي؛ الذي كان أول من دعانا إلى القومية العربية بعد أن قامت الثورة فى مصر، وأول من بشر ودعا بالقومية العربية، اليوم أتوجه لأخي شكري القوتلي بالشكر والتقدير، وأقول له هذا باسم شعب مصر الذي وضعه أعلى منزلة. اليوم - يا إخواني - نسير قدماً إلى طريق العزة، وطريق النصر، وطريق الكرامة والعمل والبناء.. والله يوفقنا.
والسلام عليكم ورحمة الله.
دمشق في٢٤/٢/١٩٥٨
جمال عبد الناصر
المصدر: صحيفة الأهرام، عدد 25 شباط 1958م.
الجمل- إعداد: د. سليمان عبد النبي
إضافة تعليق جديد