وقائع مفاوضات الحكومة اللبنانية مع «النصرة»: هكذا أُرجئ ذبح علي البزّال
للمرة الثانية، نجح الشيخ مصطفى الحجيري (أبو طاقية) في وقف قتل الجندي الأسير علي البزال. وساطته الشخصية أثمرت حتى الآن تحرير ١٣ أسيراً ووقف إعدام مخطوف مرّتين. لذلك توافقت الحكومة اللبنانية على تكليفه ملف المفاوضات مجدداً. لكن شيئاً لم يتغيّر بالنسبة الى الحجيري. ففي كل الأحوال، يلجأ اليه ممثلو الحكومة والموفد القطري ـــ السوري في كل كبيرة وصغيرة. يقول الحجيري : «لا يجب أن يكون هناك مزيد من المسكّنات. يجب أن تلتزم الحكومة بتعهّداتها ليخرج الجنود»، معتبراً أنّه «منذ اليوم يجب أن تكون مرحلة المماطلة قد انتهت»، وأن «من يحتجز الأسرى حسموا أمرهم وهذه فرصة أخيرة».
عند غروب الجمعة الماضي، توجّه الحجيري الى الجرود. كل الأجواء كانت تشير إلى أنّ «النصرة» جادة في تهديداتها بقتل الجندي الأسير علي البزّال، ولن تنفع الاتصالات مع قادتها في ثنيهم. «المسألة ليست بهذه السهولة، كان يجب أن يجلس أحدٌ معهم»، يقول. في الطريق إلى الجرود حيث يتحصّن مسلّحو «النصرة». بعد الساعة السادسة مساء، يمنع الجيش دخول أحد إلى الجرود. ربع ساعة من الانتظار عند حاجز الجيش، وبعد اتصالات، تُفتح الطريق أمام الشيخ. يقول الحجيري: «قررت الذهاب شخصياً لأني كنت أعلم أنّ المصيبة واقعة، وقد أنجح في فعل شيء»، لافتاً إلى أنّه انتظر «أمير النصرة أبو مالك» التلّي ساعات قبل أن يُسمح له بمقابلته.
في اللقاء مع التلّي، «بدأنا نطرح الخيارات والبدائل. أخبرته وجهة نظري باستحالة قبول الحكومة إخراج جمانة حميد تحديداً لأن ذلك فوق طاقتها طالماً حكى فيها السيد حسن شخصياً. طرح أن نضع اسماً بديلاً، لكن استمرّ النقاش في تحديد هوية صاحب الاسم. محورية التفاوض كانت وقف إعدام البزّال مقابل التزام رسمي علني من الحكومة بالتفاوض. قلت له: وإن لم تلتزم افعل ما تشاء. انهالت الاتصالات من العديد من السياسيين، أبرزهم الوزير وائل أبو فاعور الذي كان يتابع المفاوضات لحظة بلحظة». يؤكد الحجيري أن «شرط وقف الإعدام كان بدء مفاوضات مباشرة من دون أي تأخير»، مشيراً إلى أنّه «لم يصدر بيان الحكومة إلا بعد توافقها مع النصرة عليه».
بدأت المفاوضات أو لم تبدأ. وسط أخذٍ وردّ، تضيع الحقيقة. من يُماطل فيها؟ من يتحمّل المسؤولية؟ ممثلو الحكومة يقولون إنّ «الخاطفين لم يسلّموا اللوائح الاسمية بعد»، فيما تردّ مصادر «النصرة»: «لم تُسلَّم اللوائح كاملة، لكن موفد الحكومة تسلّم لوائح اسمية وجرى تصويره أثناء تسلّمها». إزاء ذلك، ترى المصادر أن ذلك «يُثبت سوء نية الحكومة التي لو كانت جادّة، لبدأت فوراً التفاوض على الأسماء التي لا تُثير أية حساسية».
تؤكد مصادر «النصرة» أنّ «علي البزال أُخِذ حيث كان سيُذبح عند انقضاء المهلة». هل تثق «الجبهة» بوعود الحكومة اللبنانية هذه المرة؟ تجيب المصادر: «بيان الحكومة الذي صدر بعد منتصف الليل هو الالتزام... إذا التزموا به وفينا. وإلا فإنّ علي ورفاقه لا يزالون لدينا». أما عن مسار المفاوضات، فتؤكد المصادر أن «لا مفاوضات منذ توقّفها... والوسيط القطري لم يكن سوى ساعي بريد ينقل الأخبار». وتؤكد أنّ «أبو طاقية سيخوض المفاوضات من حيث توقفت قبل أشهر»، لافتة إلى أنّه «إذا لم يكن لدى المفاوض أوراق وأسماء يفاوض عليها جديّاً فسيفشل».
وتكشف المصادر عن تدخّل الأمير العام لـ«جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني شخصياً لطلب إعدام البزّال. وتعزو ذلك الى أنّ «كل ما يجري في المفاوضات هو رسالة الى حزب الله». وتؤكد أن إطلاق سراح أسير حزب الله لم يكن مقابل أسيرين فقط من الجيش الحرّ». وتضيف: «لقد اختطف عناصر الحزب أفراد عائلة أحد القياديين في الحر الموجودين في لبنان وهدّدوه بهم، لذا استجاب مرغماً».
الى ذلك، كان لافتاً أن الإعلان عن اجتماع خليّة الأزمة المكلفة بملفّ العسكريين، تمّ بعد انتهاء الاجتماع بساعة واحدة. غير أن الاجتماع الذي شهد نقاشاً كبيراً لم يؤد إلى حسم موقف واضح من المفاوضات. وأشارت مصادر وزارية إلى أن «عدم جدية الموفد القطري دفع بالحكومة إلى البحث عن خطوط أخرى». وأوضحت أن «الموفد القطري وعدنا بأن يأتي منذ ثلاثة أيام، لكنه لم يظهر حتى الآن، وليس هناك أي معطى مشجّع لدوره»، كما أن «التواصل مع داعش مقطوع، ويبدو الارتباك على النصرة وهم يضيفون أسماء جديدة على اللائحة»، علماً بأن والد البزال تلقى تهديداً بعد ظهر أمس بقتل ولده إن لم تبدأ الحكومة بالتفاوض. وأكّدت المصادر الوزارية أن «غالبية أعضاء اللجنة يؤيدون التفاوض تحت سقف القانون، أي مع عدم إطلاق سراح المطلوبين الخطرين. وفيما طالب أبو فاعور بإجراء تفاوض فوري، بغض النظر عن أسماء المطلوبين وبالوصول إلى تسوية سريعة بأي ثمن، دعا المشنوق الى عدم التأثر بضغوط الخاطفين».
رضوان مرتضى
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد