يادلين واشكنازي في ندوة حول «الربيع العربي»: التغييـر فـي سـوريا يحمـل الخيـر لإسـرائيل
عقد مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في جامعة تل أبيب، أمس، يوما دراسيا طويلا حول أثر الثورات العربية الجارية على إسرائيل والمنطقة. وكان من أبرز المتحدثين في الندوات رئيس الأركان السابق الجنرال غابي أشكنازي، ورئيس شعبة الاستخبارات السابق الجنرال عاموس يادلين، وكذلك مستشار أوباما الخاص السابق لشؤون الشرق الأوسط دينيس روس. وبرز على وجه الخصوص حديث يادلين عن أن التغيير في سوريا يحمل الخير لإسرائيل، وحديث أشكنازي عن وجوب استعداد إسرائيل للحرب ضد إيران.
وقدم لهذه الندوة الجنرال يادلين الذي تسلم قبل فترة وجيزة مهام منصب رئيس المركز خلفا لرئيسه السابق الدبلوماسي عوديد عيران. ودارت مقدمته حول الربيع العربي برؤية عام انقضى ونظرة للمستقبل. وفي كلمته أوضح يادلين أن «ما يجري في سوريا هو تغيير إيجابي استراتيجي لإسرائيل». وأضاف انه «طوال سنوات كثيرة أوصى رجال في المؤسسة الأمنية والسياسية بصنع السلام مع سوريا حتى في مقابل دفع ثمن باهظ، وهو هضبة الجولان. وكان التبرير هو إخراج سوريا من المحور الراديكالي سوريا - إيران. وهذا الأمر قد يحدث اليوم من دون أن ندفع الثمن، وبالوسع بداية أن نتحدث عن الحاجة للسلام مع سوريا من دون صلة بما يجري، لكن ثمة سيرورة تحدث وهي إيجابية».
تجدر الإشارة إلى أن يادلين كان إلى ما قبل بضعة أشهر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، والمسؤول عن تقدير واستشراف المخاطر التي تتعرض لها إسرائيل. وأبدى يادلين في الندوة تقديره أن الاقتصاد السوري لن يستطيع الصمود طويلا. وقال «لقد توقفت السياحة وهربت الاستثمارات. لديهم دين عام يتعاظم. وهذا وضع غير مستقر والأمر الوحيد القادر على ضبط كل ذلك هو شيك إيراني كبير، لا يقل عن ثلاثة إلى خمسة مليارات دولار. وإذا دفعت إيران هذا المبلغ فإن الأسد سيصمد مزيدا من الوقت. وفي كل الأحوال لن تعود سوريا لتكون ما كانت، حتى إذا بقي الأسد في الحكم».
وفي إشارته إلى اليقظة العربية الجديدة، قال يادلين «من المتوقع هنا حدوث مفاجآت، ومثلما قدر الإخوان المسلمون أن السلفيين لن ينالوا سوى نسبة ضئيلة من الأصوات في الانتخابات المصرية، صرنا جميعا نعرف كيف انتهت الأمور، لذلك ستقع مفاجآت». وأعرب يادلين عن أمله أن تحقق التطورات لإسرائيل آمالها أيضا في إيران. وبحسب قوله «يثير الربيع العربي قلقا شديدا في إسرائيل، ونحن جاهزون لتحمل كل المخاطر إلى جانب كل الفرص. ولو كنت أعلم بأن رياح التغيير سوف تواصل الهبوب وتصل أيضا إلى طهران، فإن الاحتمالات يمكنها أن تغدو ليس الاختيار بين بديلين: قنبلة إيرانية أو منع قنبلة إيرانية». وأضاف انه إذا وصلت رياح الثورة إلى إيران وتم إسقاط حكم أحمدي نجاد «فإنها ستريحنا من هذه المعضلة الصعبة».
وتناول رئيس الأركان السابق غابي أشكنازي الموضوعين الإيراني والسوري مركزا أكثر على الأول. وقال «إني لا أشعر بالارتياح شخصيا عندما يجري الحديث عن قضايا أمنية. وأعتقد أن هذا نوع الأمور التي ينبغي لنا أن نبدي حذرا شديدا بها، وبكيفية تعبيرنا عنها. وفي العموم أقول اننا يجب أن نقلل الحديث ونكثر من العمل، وهذا ما تعلمته من الموشاف حيث تربيت». وأوضح أشكنازي «أنني أعتقد أن الاستراتيجية الصائبة تجاه إيران هي فعل ما بالمستطاع تحت الرادار، وإرفاق ذلك بعقوبات مؤلمة. وبموازاة ذلك بلورة خيار عسكري موثوق على الطاولة، مع جاهزية واستعداد لاستخدامه وقت الحاجة. مشكلتنا حاليا هي مع خطة العقوبات حيث ان ساعة الخطة تدق بأسرع صورة. ومهمتنا هي تسريع ساعة العقوبات وإبداء الأمل بأن تؤثر. إن استراتيجيتنا الحالية صائبة».
وبشأن الربيع العربي قال أشكنازي ان التغييرات التي تجري في العالم العربي تغييرات بنيوية، «فالألواح الأكثر أساسية في الشرق الأوسط تتحرك. وهذه ليست فقط الربيع العربي، ومحظور علينا تضييع التغييرات التي طرأت أمامنا. من المهم معرفة أن هذه التغييرات لم تنته. وأنا أقترح أن نكون أكثر تواضعا بقدرتنا على معرفة أين تتجه الأمور. لماذا؟ بنزاهة، لم نر الأمور في حركتها، وهذا حدث أثناء مناوبتي. فهل هذا عزاء لأحد، أن زملاءنا في مصر لم يتوقعوا ذلك أيضا. كيف ان الاستخبارات لم تعرف؟ لأن الاستخبارات لا تعرف ما لا يعرفه الجيش المصري. وآمل ألا يحدث تغيير في مصر، لكن إذا حدث فإنه قد يكون تغييرا يشكل تحديا أكبر لدولة إسرائيل».
وأشار أشكنازي إلى ما يجري في سوريا حيث قال: «أعتقد أن سوريا يمكن أن توفر فرصة لنا. وأنا بين من يظنون أنه بعد إزاحة الأسد لن تذهب أي حكومة سنية مع إيران وسوريا إلى الحدود البعيدة التي ذهب إليها بشار. وأعتقد أن هناك صورة شائعة غير صحيحة ترى أن إيران هي مزود السلاح الرئيس لحزب الله. إن مزود السلاح الأساسي لحزب الله هو سوريا. ويمكن أن ينشأ وضع لا يغدو فيه النظام في سوريا فاعلا، أو تقع حرب أهلية، أو دولة فاشلة، وهذا يضع إسرائيل أمام تحديات غير بسيطة. وخلافا لمصر، الجيش في سوريا يحارب على حياته».
وتمحورت الندوة حول ثلاثة محاور أساسية أولها «الربيع العربي إلى أين؟» أدارتها الدكتورة عنات كورتس وحاضر فيها البروفيسور آشير سيسر حول «التقليد والتحديث في الربيع العربي»، والبروفيسور غابي بن دور، حول الديموقراطية ونشر الديموقراطية في العالم العربي، والبروفيسور أون فينكلر حول «هذا هو الاقتصاد، أيها الأحمق».
أما المحور الثاني حول «خاسرون ورابحون» فأداره الدكتور مارك هيلر وحاضر فيه كل من معلق الشؤون العربية في القناة الأولى عوديد غرانوت حول «الربيع بنظرة مقارنة»، والبروفيسور مئير ليتباك حول «إيران والمحور الراديكالي»، والبروفيسور عوفرة بنجو حول «تركيا والإسلام الديموقراطي».
وأدار المحور الثالث بعنوان «إسرائيل في مواجهة العاصفة» الدكتور يهودا بن مئير وحاضر فيه معلق الشؤون العربية في القناة الثانية إيهود يعري حول «الأخوان المسلمين وإسرائيل»، والدكتور عوديد عيران حول «اتفاقيات السلام في الاختبار» والعميد احتياط شلومو بروم حول «هل تتجه العملية السلمية نحو جمود أعمق؟»
وكانت الجلـسة الختامية هي التي حاضر فيها يادلين وأشكنازي وروس والجنرال غيورا آيلاند.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد