5 ملايين عراقي عاطلون عن العمل
بات تردي الأوضاع الأمنية يلقي بظلاله على نواحي الحياة كافة، فيما يبدو الجانب الاقتصادي الأكثر تأثراً بعد انحسار فرص العمل وتوقف الصناعة العراقية لينتج بطالة في البلاد هي الأعلى في المنطقة، إذ تشير منظمة اليونسكو وتقارير حكومية الى أن نسبة البطالة تصل الى حدود 40 في المئة من مجمل الأيدي العاملة، أي أن هناك خمسة ملايين عاطل عن العمل يواجهون ظروفاً صعبة، ويشكلون هدفاً سهلاً للميليشيات والجماعات المسلحة التي تحاول استقطابهم.
ويقول جبار أحمد (29 عاماً): «نحضر منذ الصباح إلى المساطر (أماكن وجود عمال البناء) وكثيراً ما يطول بنا الــــــوقوف على الرصيف حتى الظهيرة من دون الحصول على عمل، ثم نعود أدراجنا إلى بيوتنا خــــائـــــبين»، مضيفاً أن «ليس هناك وسط هذا الارتفاع في الأسعار أرخص من اليد العاملة، وأنا مستعد للعمل بأي أجر لأي عدد من الساعات فقط لأعود الى أهلي وأنا أحمل لهم ما يأكلونه».
ويقول فؤاد محسن الذي يحمل شهادة في الهندسة «اننا نعيش دون أمل، والوظائف الحكومية التي أصبح يفضلها الجميع لرواتبها العالية، باتت من المستحيلات بعدما تفشى الفساد. وأصبح التعيين حكراً على طائفة أو خلال الوساطات، أو عبر دفع رشوة قد تصل الى ألف دولار لقاء الحصول على وظيفة».
وكانت مشكلة البطالة تعاظمت في شكل كبير بعد الحرب الأخيرة، بسبب تدمير كثير من المصانع والمنشآت التجارية، فضلاً عن قرار حل الجيش العراقي وإلغاء كثير من الوزارات كالدفاع والاعلام وطرد عشرات الآلاف من موظفي الدولة بتهمة العمل مع حزب «البعث»، وبات متوسط دخل الفرد العراقي مئة دولار بعدما كان 300 دولار في عهد صدام حسين قبل الغزو و2500 دولار عام 1989.
ويضطر كثير من العاطلين ممن يملكون سيارات، للعمل كسائقي أجرة من أجل كسب بعض المال لتوفير معيشة كريمة لعائلاتهم، فيما عمد البعض إلى العمل كباعة متجولين في الشوارع على رغم مخاطر الانفجارات. ويقول محمد الساعدي رئيس «رابطة العاطلين عن العمل»، وهي إحدى مؤسسات المجتمع المدني لـ «الحياة»: «نعاني من أزمة كبيرة بسبب قلة فرص العمل وغالبية التعيينات في دوائر الدولة باتت تجري وفــــــــقاً للمحسوبية والحزبية»، مشيراً الى أن عدد العاطلين عن العمل يبلغ حوالي خمسة ملايين، عازياً هذه النسبة الكبيرة الى تدهور الوضع الامـــــني وغياب الاستقرار وتواصل الانفجارات والاغتيالات. وأضاف أن «عدداً كـــــبيراً من الشباب العراقي، هاجر الى خارج البلاد للبحث عن فرصة عمل فيما لجأ عدد آخر منهم الى امتهان اعمال حرة كبيع السجائر والملابس ومهن أخرى لا تتناسب وكفاءاتهم العملية التي تؤهلهم لشغل وظائـــــف عليا في الدولة». الا أن ثمة مشكلة أخرى تنجم عن البطالة، اذ «تعمل الميليشيات والجماعات المسلحة الناشطة في العراق على استقطاب الشباب العاطلين عن العمل من خلال دفع مبالغ طائلة لتفيذ اعمال القتل والنهب والتهجير وتفخيخ السيارات بعد ان لم يجد أولئك الشباب فرص العمل».
ويعترف أمير جابر المسؤول في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بأن «البطالة في العراق من أخطر مشكلات الاقتصاد العراقي، إذ تمثل قنبلة اجتماعية وسياسية موقوته بسبب تزايد أعداد العاطلين عن العمل بوتيرة تصاعدية في البلاد دون ايجاد آلية حقيقية لاستيعابهم».
ويضيف جابر أن «الوضع الأمني يلعب دوراً في هذه الظاهرة»، مشيراً إلى أن هناك «تفاوتاً في نسب العاطلين بين بغداد والمحافظات الأخرى، ولا سيما أن المدن التي تشهد استقراراً امنياً تقل نسب العاطلين فيها قياساً للعاصمة التي تشهد موجة من العنف اليومي الذي أوجد حالة خوف من الخروج إلى الشارع وممارسة الأعمال».
حسين علي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد