«أنا وصدّام»: الليث حجو سائراً بين الألغام
على رغم كل ما قيل عن الاهتمام السوري الرفيع المستوى بالدراما الوطنية، إلا أنّ قرّاء بعض النصوص الدرامية التي صارت جاهزة هذا العام، يؤكدون أنّ هناك تكريساً لطريقة عمل السنتين السابقتين، ولا سيما في ما يخصّ المسلسلات الاجتماعية. هكذا تذهب غالبية الإشارات إلى أنّ الإدهاش الذي قد تقدّمه الدراما السورية في الموسم المقبل قد يكون استثناءً. وهناك بعض الأسماء التي يعوّل عليها الجمهور كثيراً. ولعلّ المخرج المتمكّن، الليث حجو، يدرج في أعلى القائمة. لكن كما العادة، يدخل حجو في حالة من القلق المزمن بعد الانتهاء من أي عمل تلفزيوني يقدمه، ويلقى رواجاً واستحساناً لدى الجمهور، إذ تسكنه حالة من الخوف من قراءة أي عمل جديد. هذا الأمر حصل معه بعد مسلسل «الانتظار» الذي حقق نجاحاً مدوياً، ثم عاد إليه الشعور نفسه بعد نجاح «ضيعة ضايعة» في جزئه الثاني واختراقه المحظور بكوميديا بسيطة ولمّاحة.
بعدما اعتذر عن عدم إخراج مسلسل «روز اليوسف» في مصر لعدم اقتناعه بالنصّ، ها هو صاحب «بقعة ضوء» يتصدّى لعمل أكثر خطورة وحساسية من كل ما قدمه سابقاً، إذ يعكف على الإعداد لمسلسل اجتماعي سياسي معاصر أنجز السيناريو له الكاتب والسيناريست السوري عدنان العودة، ليحمل اسماً مبدئياً هو «أنا وصدّام».
«المسلسل يحاول أن يقارب الرواية التلفزيونية، ويبحث في علاقة إنسانية صنعتها الظروف التاريخية والسياسية لبلدين جارين هما سوريا والعراق. ويحكي كل هذا من خلال شخصيّة متخيلة لرجل سوريّ عاديّ يُدعى ظافر العاني، ورجلٌ آخر هو الرئيس العربي الراحل صدّام حسين الذي حكم العراق ما يقارب ثلاثين عاماً»، يقول الكاتب عدنان العودة في حديثه إلى «الأخبار». ويضيف: «هذه العلاقة تأخذ على عاتقها فتح الباب أمام أسئلة في جدوى السياسة والتاريخ، وما تحتاج إليه بلدان كالعراق وسوريا في أيامنا هذه».
من جانب آخر، يؤكد الكاتب السوري أن العمل يحاول أن يكون بمثابة «تحية للعراق الجريح، ورسالة تحاكي تاريخ نخله ورموزه الأدبية والشعرية، ثم هو بمثابة دعوة مفتوحة إلى علاقة حضارية بين أبناء البلد الواحد بكل أطيافه، لنبذ العنف والإلغاء، والاقتناع بأن التسامح والصفح هما الحلّان الوحيدان لبناء عراقٍ يتسع للجميع».
مبدئياً تبدو إشكالية العمل السياسي السوري الجديد وخطورته بموازاة خطورة سيرة الديكتاتور العراقي الراحل وتفاصيلها الغنية بالأحداث، إضافة إلى الكثير من علامات الاستفهام التي لم تجد بعد أجوبة شافية حتى الآن. وربما جاء حدث إعدام صدّام حسين على يد الاحتلال الأميركي ليبقي تلك الأسئلة معلّقةً ومفتوحةً إلى أجل غير مسمى. هنا، يضع عدنان العودة النقاط على الحروف بخصوص هذا الأمر. ويؤكد أن عمله لن يدخل في الإطار التوثيقي على الإطلاق، بل سيحرص على تقديم دراما متخيّلة على هامش الوثيقة، على أن يبتعد المسلسل عن سرد السيرة الذاتية للرئيس الراحل.
ويرى الكاتب السوري أنّ «حياة صدام قضية إشكالية. هناك من يعدّه بطلاً قومياً، وآخرون يرونه طاغياً وديكتاتوراً. وأنا غير معني بالدخول في ما يشبه حقل الألغام، لأنّه شأن عراقي بحت، ويحتاج إلى عقود طويلة حتى يجد شبه إجابات لأسئلة كثيرة تركها الرجل وراءه. أنا أقدّم في عملي دراما تطرح سؤالاً عن الأنا العربية، وحال هذه الأنا عند وقوفها أمام شخصية الرئيس صدام».
على الجهة المقابلة، وعلى رغم الاستعدادات الكثيفة التي يجريها مخرج العمل، إلا أنه يقتضب في إجاباته عن الموضوع. يؤكد الليث حجو في اتصال مع «الأخبار» أن المشروع ما زال في طور الإعداد المبدئي، وهناك الكثير من الأمور المفصلية لم تتضح حتى الآن، أهمها الجهة المنتجة، إذ لم يحسم أمر الجهة التي ستتولى إنتاج المسلسل. كذلك لم تتضح حتى الآن أسماء الممثلين الذين سيؤدون الأدوار، وإن كان هناك مَن يرجّح أنّ شركة «سامة» ستتولى إنتاج العمل وتوزيعه، ويقول صاحب الشركة أديب خير في اتصال مع «الأخبار»: «العمل لم يكتب حتى الآن، لكن كتب منه ملخص يبلغ حجمه حوالى ستّ صفحات، وقد عرضها الكاتب على العديد من الشركات. وعندما يصلنا نصّ مكتوب نقرّر، وقد نكون منتجين للعمل».
لكنّ الكاتب عدنان العودة ينفي أنّه قدّم أيّ ملخص إلى شركة «سامة»، ويؤكد لـ«الأخبار» أنّه وقّع عقداً مع إحدى شركات الإنتاج السورية، وسيعقد فريق العمل قريباً جداً مؤتمراً صحافياً، وستصدر بياناً يوضح كل الأسئلة المطروحة عن المسلسل، كذلك سيكشف في المؤتمر اسم بطل العمل، وهو ممثل سوري.
صدام بعيون العرب
ما إن بدأ الليث حجو أمس الإعداد لمسلسله الجديد «أنا وصدام» حتى وصل الخبر إلى بعض المواقع الإلكترونية التي نشرت غالبيتها هذا الخبر بتسرّع وعدم دقة. هكذا، انهالت تعليقات الزوار على الموضوع. وقد بدأ بعضها بمطالبة صنّاع العمل بإنصاف صدام حسين ومعاملته على أنّه بطل تاريخي، بينما طالب بعضهم الآخر بكشف فضائحه وطغيانه وجرائمه ليفتح المسلسل حالة من التنافس بين المعلّقين... ولنا أن نتخيّل الجدل الذي قد يشعله العمل حين ينتقل إلى الشاشة الصغيرة.
وسام كنعان
المصدر: الأخبار
التعليقات
أنا والخراب ومؤرخوه
إضافة تعليق جديد