«أبو ظبي» شمّرت عن أنياب رقيبها... فضاعت «الذئاب»!
منذ الحلقات التمهيدية الأوّلى، جرّ «عندما تشيخ الذئاب» (قناة أبو ظبي) البساط نحوه! لفت النظر لحيوية القصة، وحبكتها ومتانة الحدث، وصياغته بمنطق مختلف عن شكليّة الموضوعات المكرّسة في أرشيف الدراما السورية! لم يكن غريباً أو مفاجئاً ما سيحققه المسلسل سريعاً ممن حضر بذريعة اتّكائه على عمل روائي يشهد له كل من قرأه بالمتعة لحدودها القصوى. عن قصّة الفلسطيني الأردني جمال ناجي التي تدور رحاها في عمّان، انطلق السيناريست السوري حازم سليمان نحو رحابة الحكاية الأوسع وإكساء الشخوص بلحم ودم سوري علّها تتنفس هواء دمشق مطلع تسعينيات القرن الماضي. «الجنزير» (سلّوم حداد) الذي صار الشيخ عبد الجليل، يأمر فيطاع من عصبة على شكل هيئة أمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإزاحة الخالق لتجلس مكانه! الشيخ يداوي المرضى ويتعامل مع المخابرات وكلّما لمح امرأة يفكّر باقتناصها وأخيراً يعتلي منبر الخطابة والوعظ. نموذج صارخ يتكاثر يومياً في سوريا وغيرها...
أما رفيق طفولته وصباه فهو «جبران» (عابد فهد) اليساري الذي فصل من الحزب الشيوعي على خلفية إشكالات مع رفاقه، فيما يفتضح أمر رفيقهما الثالث «أبو فاروق» (أيمن رضا) السكّير الذي حلّ جميع عقد لسانه وراح بأمارة ما يمنحه الخمر من جرأة افتضاح الجميع عند كل كبيرة وصغيرة.
هنا يقترح النجم المعروف صيغة واقعية لشخصيات شبيهة عاصرناها كثيراً في الحياة. إضافة إلى الجليلة المتلبّسة بجني أو مصابة بمرض نفسي، حسب وعي وثقافة وتشخيص من حولها نتيجة الضغوط كعادتها، تجيد سمر سامي القبض على زناد أداء متّزن يترنّح بسرعة البرق بين سويّات متعددة، من سفح الحنان عندما تكلم ابنها إلى ذروة القسوة والقرف حين تخاطب زوجها، ثم الجنون على أصوله عندما يسكنها الجنّي.
حتى الآن، تبدو القصة مشدودة والممثلين ينجزون ما عليهم بسويات مهمة. تطل مريم علي مثلاً بعيداً عن الخشبة هذه المرّة وهي الممثلة التي يقصيها التلفزيون ربما بسبب ابتعادها عن الأماكن العامة والمحافل والعلاقات الاجتماعية لتقول كلمتها، فيما تقترح هيا مرعشلي منطقاً أعمق للغواية والإغراء، لكن مهلاً. كأن العمل ينقصه شيء. تسود لحظات صمت كثيرة، وأماكن جافة، ربما كان يستحق مزيداً من الاستعراض البصري، والتركيز على المؤثرات والشغل أكثر على شكل الصورة، ثم ما سبب الإرباك الحاصل في تراتبية الحدث والخلل في الإيقاع في بعض الأماكن؟ الموضوع بسيط، كعادتها ترتجف قناة «أبو ظبي» من أي مشهد ذي خلفيات سياسية، كما أنها تبتعد أميالاً عن مجرّد الإيحاء بمشاهد فيها ملامح حب. لذا، فإن المسلسل وحلقته السابعة يعانيان من مشكلة حقيقية لدى عرضه على القناة الخليجية بسبب حذفها مشاهد ماستر من العمل، تسبب في ضياع المشاهد وإفقاد العمل جزءاً كبيراً من قيمته وأهميته وتحديداً في ما يخص التنويه التاريخي في شرط الحكاية إلى غزو العراق للكويت سنة 1990والخيوط الممتدة للمد السلفي من حروب أفغانستان إلى العراق وصولاً إلى سوريا! ربما تحتاج «أبو ظبي» إلى ناصح واع يقول لها إما أن تقدم دراما متحررة ومعافية من الشروط الرقابية المجحفة أو تجلس متفرّجة على ما يحدث حولها!
الأخبار- وسام كنعان
إضافة تعليق جديد