«أبو عبدو» قصة لـ باسم سليمان
على الرغم من أن اسم ابنه عبد الرحمن ولا مرة ناداه واحد من رفاق العمر بالاسم الكامل لابنه . مع أنه في نفس الزمن كان الإقطاعي (أبو عبد الرحمن) ينادوه كل فلاحي المنطقة : البيك (أبو عبد الرحمن). لربما كان هذا تبركا باسم عبد الرحمن ولكي لا ينسى الإقطاعي أن هناك ربا أخر للبرايا أقوى وأعظم منه ولا مكان للقياس هنا كما يقولون ( ما عاز الله أن يشبهه شيء )
ولكن( أبو عبدو) أياما كثيرة أنجد رفاق العمر من الفلاحين وأعارهم ثور أو محراث وحتى أنه كان يفلح عنهم بعض أراضي البيك .
لكنه ظل بنظر رفاق الفلاحة ( أبو عبدو) مع أنه كان يسر لخديجة زوجته برغبته بمناداته باسم ابنه كاملا ففي ذلك ذكر لله . فترد عليه خديجة:( أترك هاد الجنون والله مايسمعك البيك ليجعلك تنسى اسمك والحليب اللي رضعتو بركي اعتبرو هاد تطاول على أسمو) فيرد:( لكن يامرا....) فتهمهم ( نام نام)
***********
كان (أبو عبدو) لا يشاهد غير التلفزيون الوطني ومن أيام الراديو الترانزستور الذي لم يفارقه وهو يفلح أرضه التي أخذها على عين (أبو عبد الرحمن) أيام الثورة وصارت له ولورثته من بعده حتى أنه كان يقول لخديجة:( فلاحة أرض الواحد غير غير !!!).
كان يسمع الإذاعة الوطنية ويهمهم:( من غيرن بفيق معنا عا الصبح ببرنامج عن الفلاحين مع كلمة والله بترد الروح ببردات الصبح _أخي الفلاح) ويحلف ويعظم الأيمان أن باقي الإذاعات كلها استعمارية.
كبر العمرب(أبو عبدو) ودخل الألفية الثالثة وبعده _ مع التجاوز _ شيخ الشباب لكن لا أرض ليفلحها ولا غير شيء يعمله فالأولاد ما شاء الله يقومون بالواجب. أما عندما تشتهي قدماه الحافيتان ملمس التراب ينفخ دخان سيجارته: ( الجسم ماعاد يحمل)
ركب عبدو على سطح البيت دش وكرّت الأقنية وكثيرا ما سمع (أبو عبدو) عن هذه المدعوة الجزيرة وغيرها وتعودت يده على الضغط على جهاز التحكم وكانت تستقر دوما على الجزيرة. نسي التلفزيون الوطني ويستغرب قائلا( العمى يصيبن منين بيجيبو هيك أخبار؟!!) فترد أم عبدو( تركا شوي عالمسنسل!)..( سكتي يا مرا خلينا نعرف شوصاير بالعالم)
كثيرا ما دارت بينه وبين رفاق العمر في الفلاحة أحاديث السياسة رغم أنهم لم ينتموا فعليا ولا نظريا لأي حزب توفر ضمن زمنهم وكان البيت يعج بهم وبصراخهم وخاصة فيما يتعلق بالشأن العراقي واللبناني كون القضية الفلسطينية أصبحت قديمة وكل جديد وله بهجته .
دب الخلاف فيما بينهم أصبحوا يتسابقون في سماع التحليلات لتدعيم وجهة نظر كل منهم ما حمل بعضهم على مغادرة الجلسة سابا شاتما رفاق العمر في الفلاحة متهمهم بأنهم رجعيون أميركيون أو شيوعيون كفرة.
مضت الأيام ورفاق ( أبو عبدو) أصبحوا يقلوا فلم يبقَ لديه إلا أبو أحمد ذو السمع الثقيل جدا .
إلى أن جاء يوم وقف ثلاث رجال في الباب وكان ذلك بعد وفاة أم عبدو وصاحوا إلى الداخل:( هون بيت أبو عبد الرحمن).
لم يكن يصدق ( أبو عبدو) ما سمعت أذنيه. أبو عبد الرحمن ( الله ما أجمل هالأسم وينك يا أم عبدو تجي وتسمعي أخيرا منّ الله عليّ بناس يفهمو وينادوني أبو عبد الرحمن يالله يالله)
ولفرحته تعثر شيخ الشباب وسقط
بعدها بقليل كان عبدو مع الرجال الثلاثة في سيارة تغادر الضيعة على عجل . في حين كان أبو محمود يراقب السيارة بعينين حاقدتين ويتمتم( أمريكي عميل أمريكي ............................................)
باسم سليمان
الجمل: من مساهمات القراء
إضافة تعليق جديد