«إسرائيل أولاً» ... وأخيراً
وليد الحسيني : إذاً, كل الحب «الدولي» الذي أغدق على لبنان, بعد كارثة 14 شباط 2005, كان كاذباً. قرارات أممية بالجملة, صدرت بسرعة البرق, من أجل «الاستقلال والسيادة والقرار الحر»!!.
وضعونا جميعاً في أجواء أن صدر الأمم المتحدة مخصص للبنان, رعاية ودفئاً وحناناً, وأنه لا مكان فيه لسوانا. وأن العالم معنا, وفي خدمتنا, وأنه يشعر بالحرج منا, إذا انشغل قليلاً بالمفاعل النووي الإيراني. ومطالب بالاعتذار, إذا غلبه القلق, أحياناً, من تجارب كوريا الصاروخية, فالتفت الى بيونغ يانغ غافلاً, للحظات, عن مطالب «ثورة الأرز».
كدنا نعتبر لبنان المعشوق العالمي, الذي لا يُردّ له أمر, وأنه النموذج الذي تحميه الولايات المتحدة برموش العين.
نسينا, ونحن نغرق في الوهم, أن «إسرائيل أولاً»... وأخيراً. بمعنى, لا قبلها ولا بعدها. وأننا لسنا أكثر من أداة ضد سوريا. وأننا, أميركياً, كما كنّا نكون, مجرد سلعة تستعمل, بيعاً وشراءً, في قضاء «الحاجات الأميركية القذرة».
ها هو لبنان يغرق الآن في دمه, وتُمزق أشلاؤه, وتُخرق سيادته, ويُسحق استقلاله... على مرأى كل «العشاق», الغربي منهم والمتيّم بـ«الديمقراطية», والعربي «المسوسح» والسائح في «كباريهاته».
فجأة, ولكن بلا مفاجأة, ظهرنا بلا حلفاء. وفجأة, وأيضاً بلا مفاجأة, أدارت الإدارة الأميركية ظهرها لنا. إذ ليس هناك حب خالد لغير إسرائيل.
كل هذا القتل والتدمير والحصار لا يستحق جلسة لمجلس الأمن. فإسرائيل لم تستكمل وجبتها اللبنانية. وايهود أولمرت لم يتحول بعد الى وحش تاريخي, كي يحصل على شرعية قيادة إسرائيل, كسابقيه. إذ لم يزل طفلاً يحتاج الى رضعات مشبعة من الدماء العربية.
لقد استعادت الولايات المتحدة وجهها الحقيقي, لكن قلبها الصهيوني, لم يمنع اللبنانيين من الإنصات والطاعة لتوجيهات السفير الأميركي.
تبقى الشكوى من السياسة الأميركية هدراً للوقت والكلمات. أما الشكوى الفعلية والمآخذ الجدية واللوم الحقيقي, فيجب أن يحاصر الحكومة اللبنانية وحركة 14 آذار والمملكة العربية السعودية.
المواقف الثلاثة, ليست غريبة, وإن كانت غربية الهوى, ومنجذبة الى الدوران حول الموقف الأميركي, وتكاد تكون مكملة ومبررة له وللحرب الهمجية معاً.
تقول الحكومة انها لا تعلم ولا تتبنى. وانها تتمسك بالخط الأزرق. وتحرص على انتزاع حقها بالسيادة, على كل الأرض اللبنانية, من «حزب الله»... متعامية عن انتزاع اسرائيل للسيادة والاستقلال والاستقرار من رأس الناقورة الى أكبر رأس في هذه الدولة المرؤوسة.
حكومة البيانات المرتعشة, حاولت إلقاء كرة النار الاسرائيلية الهائلة على «حزب الله», وجلست تتفرج وتنتظر الفرج.
أما حركة 14 آذار فقد اختارت توقيتاً مداناً, لإدانة توقيت عملية الأسيرين. ولم تلحظ حقيقة الحرب الاسرائيلية المشتعلة والمدمرة, لكنها لحظت حقيقة افتراضية, تقول بأن المقاومة تقود البلاد الى حرب لحساب سوريا وإيران.
وأخيراً خرجت «مملكة الصمت» عن صمتها المكره, ونطقت بباطل أوحت أنه الحق, فأطلقت ما تخفيه من «واقعية» توقع الأمة العربية بكاملها في الأسر الاسرائيلي, دون أي محاولة لنصرة «الأخ» مظلوماً... أو مظلوماً... أو مظلوماً.
المصدر : الكفاح العربي
إضافة تعليق جديد