«التحالف» يرفض الإنسحاب الأمريكي وتركيا تريد استعمار الشمال السوري
خرج الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ليبشّر بإعلان «عظيم» سيصدر من واشنطن في غضون اليوم (السبت) عن «تدمير داعش»، بعدما وعد الأسبوع الماضي بإشهار «النصر وإنهاء الخلافة» رسمياً، ليكون ذلك مفتاح البدء بسحب القوات الأميركية من سوريا. بُشرى ترامب هذه خرجت وفق طريقته المعتادة، توازياً مع لقاء هام بين عدد من وزراء الدول الأعضاء في «التحالف الدولي» ومسؤوليها، على هامش «مؤتمر ميونيخ للأمن». وركّز اللقاء على نقاش ملف «الانسحاب الأميركي» من سوريا، وانعكاسه المرتقب على عمل «التحالف».
وعكست التصريحات التي خرجت عن المسؤولين المشاركين في اللقاء، الأجواء الضبابية التي فرضها قرار ترامب بسحب القوات الأميركية، من دون تنسيق مسبق مع عسكريي بلاده وساستها، ولا مع حلفائها وشركائها على الأرض. ولعلّ تصريح وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أمس، كان الأقدر على توصيف الموقف الأوروبي الحالي، إذ قال إن السياسة الأميركية في هذا الشأن «لغز»، متسائلاً: «كيف يمكن للمرء أن يكون حازماً ضد إيران، وفي الوقت نفسه يتخلّى عن شمال شرقي سوريا، وهو يعلم أن ذلك سيخدم في نهاية المطاف الأنشطة الإيرانية؟».
وكان أبرز ما كشفته المعلومات التي رشحت عن اجتماع ميونيخ، هو أن النقاش تخطّى مرحلة معارضة الانسحاب الأميركي، ومحاولة ثني ترامب عن القرار، وتحوّل نحو الخوض في الخيارات المتاحة أمام أعضاء «التحالف» بعد الانسحاب. واتضح هذا التوجه في ما نقله عدد من موفدي وسائل الإعلام الذين غطّوا المؤتمر أمس، عن مسؤول عسكري أميركي حضر اللقاءات؛ إذ أشار الأخير إلى أن وزير الدفاع الأميركي بالوكالة، باتريك شاناهان، كان صريحاً مع نظرائه، وقال لهم: «لدينا أمر من الرئيس. ونحن ننسحب».
ومن الطبيعي أن يقود حسم التوجه الأميركي إلى السؤال عن مصير قوات «التحالف» من الدول الأخرى، الموجودة على الأرض السورية، لا سيما أن واشنطن كانت قد اقترحت مشروعاً لإنشاء قوة مراقبة يقودها «التحالف» في شمال شرقي سوريا. غير أن اجتماع ميونيخ أمس لم يخرج بأي توافق في هذا الشأن، وفق تصريحات متقاطعة خرجت عن عدة أطراف مشاركة فيه. إذ أشار المسؤول في وزارة الدفاع الأميركية إلى أن أياً من الدول المشاركة «لم تقدّم التزامات محددة بأنها ستبقى، أو ستغادر»، مؤكداً في الوقت نفسه أن الجانب الفرنسي كان واضحاً بأنه «لن يترك قواته إذا ما غادرت القوات الأميركية». ولفت إلى أنه «كانت هناك رغبة كبيرة بإيجاد اتفاق أو آلية أمنية... ولكن لم يخرج حلّ ملموس لملء الفراغ الأمني».
وأكدت تصريحات المسؤولين الأوروبيين هذا الأمر، إذ اعتبرت وزيرة الدفاع الألمانية، أورسولا فون دير لين، أن مهمة «التحالف» يجب أن تكون تحت شعار «ندخل معاً ونخرج معاً». وعن الجدول الزمني المتوقع لإتمام سحب القوات، شدد المسؤول الأميركي على أن «الانسحاب سيكون مدروساً، وضمن جدول زمني محدد، لكنه مشروط»، قبل أن يوضح أن الوقت المفترض هو «عدة أشهر... لا أسابيع، ولا سنوات»، وأنه لم يتم نقاش موعد دقيق خلال اجتماع أمس.أما مصير «المنطقة الآمنة» و«قوة المراقبة»، فلا يزال ملفاً مفتوحاً، ولم تَحسم نقاشات «التحالف» عدداً من الأسئلة حوله، بما في ذلك «كيفية حماية أمن تركيا؟ وكيف نراعي المسؤولية الأخلاقية تجاه قوات سوريا الديموقراطية؟ وما هي طبيعة القوات المسؤولة عن المراقبة؟»، على حدّ ما بيّن المسؤول الأميركي. ولفت الأخير إلى أن «ما يتم نقاشه يتطلب تغيير الالتزامات الحالية (لبعض المشاركين في التحالف)... وأولئك الذين استثمروا في العراق، يفكّرون في حماية العراق أولاً».
ولم يتأخر الجانب التركي، على لسان وزير الدفاع خلوصي أكار، ومن ميونيخ، عن التأكيد على أن «قيام التحالف بتأمين المنطقة الآمنة لن يكون مناسباً ولا كافياً»، مشدداً على أن بلاده يجب أن تتولى «وحدها» إدارة تلك المنطقة. وبالتوازي، نبّه المسؤول الأميركي إلى أن قرار سحب الأسلحة التي قدمتها بلاده للقوات التي حاربت معها سيكون «قراراً عسكرياً»، مشيراً إلى أن «معظم المعدات الثقيلة التي قدمناها باتت غير صالحة للعمل بسبب المعارك التي استخدمت فيها... ولا توجد خطط لتقديم أسلحة (جديدة)».
الأخبار
إضافة تعليق جديد