«المعاهدة» تتعثر ... ولندن تريد مثلها

20-10-2008

«المعاهدة» تتعثر ... ولندن تريد مثلها

تزايدت الضغوط على الإدارة الأميركية والحكومة العراقية، عندما طالب »الائتلاف العراقي الموحد« الحاكم، أمس، »بتعديل بعض بنود المعاهدة الاستراتيجية«، التي ستحكم عمل قوات الاحتلال الأميركي نهاية عام ،٢٠٠٨ والتي اعتبر رئيس الحكومة نوري المالكي أنها ستخدم كمثال لاتفاقية أخرى تحاول لندن الحصول عليها.
وجاءت المطالبة بتعديل بعض بنود »المعاهدة« بعد يوم من تظاهرة حاشدة مناهضة للاحتلال نظمها التيار الصدري في بغداد، وحذر خلالها زعيمه السيد مقتدى الصدر البرلمان من المصادقة على المعاهدة الاستراتيجية لأنها لن »تعطي السيادة ولن تنهي الاحتلال«، مشدداً على أن التوقيع عليها »سيكون وصمة عار في جبين العراق وحكوماته، كما كانت كامب ديفيد وسايكس بيكو«.
ودعا »الائتلاف« في بيان إثر اجتماع في مكتب زعيمه عبد العزيز الحكيم، استمع خلاله إلى »عرض تفصيلي« قدمه المالكي، إلى »تعديل بعض بنود الاتفاقية الأمنية«، مشيراً رغم ذلك إلى نقاط »إيجابية تتضمنها، وأخرى تحتاج إلى مزيد من الوقت والحوار«.
وتظهر بنود المسودة النهائية للمعاهدة ان العراق سيتمكن من مقاضاة الجنود والمدنيين الأميركيين في حال ارتكابهم جنايات جسيمة خارج معسكراتهم بشكل متعمد وعندما يكونون خارج »الواجب«، وتوضح أن قوات الاحتلال الأميركي المقاتلة ستنسحب من المدن والقرى والضواحي بتاريخ لا يتعدى حزيران عام ،٢٠٠٩ بينما تنسحب جميع القوات بتاريخ لا يتعدى ٣٠ كانون الأول عام ٢٠١١ ما لم يطلب منها العراق البقاء.
وأضاف بيان »الائتلاف« الذي يضم حزب »الدعوة« بزعامة المالكي، و«المجلس الأعلى الإسلامي العراقي«، ويملك ٨٥ نائباً من أصل ،٢٧٥ أن الحضور ناقشوا »المحاور الأساسية التي تتضمنها المسودة، وضرورة أن يتم التعامل معها على أساس الحفاظ على سيادة العراق ومصالح شعبه العليا والظروف التي يمر بها العراق، والرغبة الأكيدة في أن يتحمل العراقيون كامل المسؤولية في بلدهم بسيادة كاملة على كل شؤونهم«، مشيراً إلى انه تقرر تشكيل لجنة لجمع الملاحظات من اجل الأخذ بها.
وفي حين أن الكتلة الصدرية (٣٠ نائباً) ترفض المعاهدة، فإن الكتلة الكردية (٥٤ نائباً) تدعمها، فيما لم يصدر عن »جبهة التوافق« السنية (٤٤ مقعداً) أي رد فعل بعد.
وقال نائب عن حزب »الدعوة« إن أعضاء التحالف يتحفظون عن البنود »التي لا تستجيب لسيادة العراق«. وأضاف »لا يمكننا الحديث اليوم عن رفض أو موافقة بالمطلق (للمعاهدة). هناك بنود قوية وأخرى ضعيفة« ضمنها توقيت خروج الاحتلال، بينما أشار نائب عن »المجلس الأعلى« إلى أن اللغة المعتمدة في مسودة المعاهدة »مبهمة«، خصوصا تلك التي تحكم عمليات قوات الاحتلال والحصانة القانونية.
وكان وزير الخارجية العراقية هوشيار زيباري أعلن، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البحريني الشيخ خالد بن احمد آل خليفة في بغداد أمس الأول، إن مسودة المعاهدة نهائية، موضحاً انه »من الصعب إعادة فتحها مجدداً« لإدخال تعديلات. وأضاف أن الحكومة ستحيلها إلى »البرلمان للمصادقة عليها أو رفضها. ليس هناك برنامج خفي في الاتفاقية، فهي لا تلحظ وجوداً عسكرياً دائماً، إنما لثلاث سنوات فقط. الأيام المقبلة حاسمة بالنسبة للقادة العراقيين بشأن اتخاذ قرار«.
وقال الوزير البحريني، الذي سلم المالكي والرئيس جلال الطالباني دعوة لزيارة البحرين، »تحدثنا عن العلاقات مع مجلس التعاون الخليجي، فالعراق يشكل امتداداً طبيعياً لدول المجلس«. وأضاف »نحن متفائلون جداً بإقبال الدول العربية على إعادة فتح سفاراتها. هناك العديد منها في طريقها إلى ذلك الآن. العراق جزء لا يتجزأ منا«. وأضاف »لم يعد لدى أي مسؤول عربي عذر في عدم زيارة العراق«.
إلى ذلك، قال المالكي خلال لقائه وزير الدفاع البريطاني جون هاتون في بغداد، إن »العراق سيعين فريقاً تفاوضياً لغرض بحث مستقبل القوات البريطانية في العراق«، مشدداً على »ضرورة التوصل إلى اتفاق بين بغداد ولندن في هذا الشأن قبل نهاية التفويض الدولي الذي ينتهي نهاية العام الحالي«. وأضاف »في حال تمت الموافقة من جانب المؤسسات الدستورية على الاتفاقية بين العراق والولايات المتحدة، فإن ذلك سيسهل عقد اتفاقية مع بريطانيا حول مستقبل قواتها في العراق«.
وزيارة هاتون، الذي التقى نظيره العراقي عبد القادر العبيدي، هي الأولى له إلى بغداد بعد تعيينه وزيراً للدفاع في ٣ تشرين الأول الحالي، بديلاً لديس براون. وأشار بيان لمكتب رئيس الحكومة إلى أن الوزير البريطاني اصطحب معه فريقاً تفاوضياً لمناقشة وضع قوات بلاده مع المسؤولين العراقيين.
وفي طهران، قال رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، خلال لقائه رئيس الوزراء العراقي السابق إبراهيم الجعفري، إن »أهم واجب ملقى اليوم على عاتق الشخصيات الدينية والسياسية المؤثرة في العـــراق هو الدفاع عن حقوق الشعب العراقي في هذه الظـروف الخطيرة وحماية بلادهم من أي ضرر«.
ونقلت وكالة »مهر« عن الجعفري قوله إن المعاهدة مع واشنطن لا تخدم الشعب العراقي، مشيراً إلى أن »الشعب العراقي يريد تسلم زمام أموره بيده وإدارة شؤونه وفقاً للشريعة الإسلامية«، فيما اعتبر وزير الخارجية الإيرانية منوشهر متكي أن محاولات واشنطن التوقيع على المعاهدة مع بغداد من دون موافقة الشعب ستبوء بالفشل.
قال الصدر، في كلمة ألقاها بالنيابة عنه الشيخ هادي المحمداوي أمام مئات الآلاف من العراقيين شاركت في التظاهرة السنوية للتيار ضد الاحتلال في حي المستنصرية في بغداد أمس الأول، إن »الحكومة العراقية أحالت الاتفاقية إليكم (الـنواب) لتصوتوا عليها، وكان الأولى أن ترفضها منذ البداية«.
وأضاف الصدر أن الاتفاقية »بين أيديكم. إذاً، فمصير العراق وسمعته بين أيديكم، فإياكم والتصويت لها، بل الكل يصوت ضدها مهما كانت«. وتابع »إن صوروا لكم أنها تنهي بقاء المحتل في أرضنا، فإن المحتل سيبقي قواعده. وإن قال لكم احدهم إنها تعطيكم السيادة، فهو كاذب«.
وتابع الصدر »بعدما أطاعت الشعوب ربها وضميرها وعبرت عن صوتها (في إشارة إلى التظاهرة)، يأتي دور البرلمان«. واعتبر أن »التوقيع عليها سيكون وصمة عار في جبين العراق وحكوماته عبر مر السنين، كما كانت كامب ديفيد وسايكس بيكو وغيرها من الاتفاقيات المشؤومة التي ختمت جبين الإنسانية«.
وكانت حشود ضخمة تجمعت في ساحة المستنصرية شمال شرقي بغداد، انطلاقاً من مدينة الصدر والكاظمية وأحياء أخرى، وسط إجراءات أمنية مشددة لقوات الأمن العراقية. وشارك في التظاهرة ممثلون عن الأكراد الشيعة (الفيليين) ووفد مسيحي يتقدمه رجال دين وآخر من سُنة البصرة.
ورفع المشاركون أعلاماً عراقية، كما حملوا دمى تمثل وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس مرتدية حجاباً اسود اللون والرئيس جورج بوش واضعاً ضمادات طبية في يديه ورأسه. وعلت الهتافات عندما أحرقت الحشود العلم الأميركي والدميتين، وصرخ الغاضبون »الجيش بعده بحيْلَه والصدر بعده بحيْلَه«، في إشارة إلى أن ميليشيا »جيش المهدي« والصـدر لا يـزالان يحتـفظان بقــوتهما.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...