أدونيس ضيفاً على مهرجان الشعر العالمي في روتردام
اختتم الشاعر أدونيس مهرجان الشعر العالمي في مدينة روتردام الهولندية في دورته الرابعة والأربعين مثلما كان بدأه، بصحبة تسعة عشر شاعراً من العالم. بدأ المهرجان بقراءات مختصرة لكل شاعر هي بمثابة تعريف أول بالشاعر، قبل أن يلتقي جمهوره في الأيام التالية فيخصص وقت كاف لكل شاعر كي يطلع الجمهور على تجربته الخاصة. الشاشة الكبيرة التي وضعت في أعلى وسط المسرح كانت تظهر النصوص المترجمة من اللغة الأم لكل شاعر الى اللغة الهولندية والإنكليزية بحيث يستطيع الكل الاطلاع على ما يقدم من شعر بيسر وهدوء. خصصت هذه الدورة للاحتفاء بالشعر الصيني الحديث من خلال أربعة شعراء صينيين حضروا من الصين ولندن ومنهم الشاعر الكبير يانغ ليان الذي يكتب باللغتين الصينية والإنكليزية.
من التقاليد الجديدة في هذه الدورة توزيع جائزة أفضل ديوان شعري صدر خلال هذه السنة، ورشح النقاد أربعة شعراء هولنديين صدرت لهم دواوين هذه السنة، هم: هنك استر وايرس براونيا وبرنكا زاندفورت وكيرا فوك. وسبقت القراءات الرئيسة في القاعة الكبرى نشاطات كثيرة بين المسرح والموسيقى ومقابلات مع شعراء ضيوف ومحليين يتحدثون عن الشعر وعلاقته بمتغيرات الحاضر. وقدم هذه النشاطات شاعر مدينة روتردام الشاب دانيال دي، الذي أعد برنامجاً حافلاً تحت عنوان «العراق مع الدب» لا يخلو من الإثارة والمتعة. وفي الوقت الذي يسبق القراءات المسائية، تم الاحتفاء بالشاعر الألماني الكبير غوته والشاعر الإيراني حافظ من خلال قراءات لشعرهما قدمها شعراء هولنديون معروفون وأعقبتها مناقشات مع الجمهور مع قطع موسيقية لفرق شابة من داخل هولندا.
في المساء، وفي القاعة الكبرى، قرأ الشعراء يان خلاس وكارينا كوليازوالك ارب ثم كفاما داوز، وهم شعراء هولنديون لا تشذ نصوصهم عن الشعر الهولندي الذي يكتب اليوم، باستثناء الشاعر يان خلاس الذي قرأ قصائد عن الموت والوجود. في هذه الليلة نفسها، تم الاحتفاء بالشاعر الأميركي الكبير يوهان اشبري الذي لم يستطع الحضور إلى المهرجان من خلال فيلم وثائقي ترافقه موسيقى وبورتريهات للشاعر نفذت في أوقات سابقة من نشاطاته وحضوره مع الكثير من نصوصه التي قدمت باللغة بالهولندية.
شاعر المهرجان
في اليوم الثالث، استحوذ الاهتمام بالشاعر أدونيس، إذ قدم المخرج السينمائي الهولندي يوهان ألبرت يانسن فيلماً وثائقياً عن «شاعر المهرجان» أدونيس تحت عنوان «البلد المفقود» تحدث فيه الشاعر عن مراحل من حياته والصدف التي قادته ليكون ما هو عليه الآن، وما يحدث الآن في ذلك البلد المفقود.
ثم قرأ أدونيس عدداً من النصوص الشعرية التي صفق لها الجمهور.
لا يفوت المهرجان أن يقوم بطباعة كتاب شامل يضم النصوص التي تقدم في المهرجان وتضم نصوص جميع الشعراء الذين يشاركون في المهرجان، ويباع ضمن ما يشبه معرض الكتاب الذي يرافق أيام المهرجان ويحضره ناشرون هولنديون غالباً ما يتفقون مع شاعر ما من المهرجان ليقوموا باختيار قصائد له تترجم إلى الهولندية.
في اليوم الأخير من المهرجان كان جمهور العاصمة السياسية لاهاي على موعد مع أدونيس متحدثاً مع جمهوره عن حياته وشعره. سيدتان هولنديتان تجيدان اللغة العربية، إحداهما عملت في السلك الديبلوماسي الهولندي في دمشق سابقاً وأخرى من أصول مغربية، حاورتا الشاعر عن أمور شعرية وحياتية.
وتحدث أدونيس عما يجري في المنطقة العربية اليوم والربيع العربي، قائلاً إن الصراع ليس جديداً وليس له علاقة فعلية بالحريات، بقدر ما هو صراع طائفي بين مكونين: «يظن الناس أن تغيير السلطة سيغير كل شيء في البلدان التي عاشت وتعيش الثورة، لكن ما جرى في مصر وتونس وليبيا واليمن، وحتى العراق، لم يجلب غير الكوابيس لهذه الشعوب، فبدلا من أن تعم الحرية وتطبق حقوق الإنسان وتحصل المرأة على حقوقها، تراجعت هذه الحقوق وعمت الفوضى وجاء طغاة جدد أكثر ديكتاتورية من سابقيهم» .
في نهاية الأمسية جرى حوار مفتوح بين الشاعر والجمهور حول الحداثة الشعرية والإسلام والمتغيرات الكبرى في المنطقة العربية. وأجاب الشاعر عن الأسئلة بمنتهى الوضوح، وأعلن بصراحة أنه ضد كل الجهات التي تريد تمزيق العالم العربي وبلده سورية، خاتماً بقراءة نص عنوانه «هاجر».
في حديث جانبي بين أدونيس والشاعر الصيني يانغ ليان، قال يانغ إن الطبعة التاسعة من مختارات أدونيس باللغة الصينية صدرت قبل أيام في بكين.
صلاح حسين
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد