أوسيتيا الجنوبية:معارك طاحنة تقتل وتشرّد الآلاف وروسيا تستعيدالسيطرة
»جورجيا تشعل حرباً في القوقاز«. هكذا وصفت وسائل الإعلام الروسية المغامرة الجورجية الجديدة في جمهورية أوسيتيا الجنوبية، التي شهدت، أمس، جولة جديدة من القتال، بعد هدنة استمرت قرابة الأربعة أعوام، وسبقها توتر بين موسكو وتبليسي، تصاعدت وتيرته في الأشهر الماضية.
ويبدو من الواضح أن تبليسي تكرّر بمغامراتها تلك، تجربة سابقة خاضتها عام ،٢٠٠٤ حين زج الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي بقواته في معركة طاحنة ضد هذه الجمهورية »الانفصالية« لتندحر قواته بعد أشهر، وتسود هدنة »المصالحة بالسلاح«.
وكانت حدة التوتر في أوسيتيا الجنوبية قد تصاعدت منذ ليل أمس الأول، حيث أعلن الرئيس الأوسيتي ادوار كوكويتي أن »معارك عنيفة« اندلعت مع القوات الجورجية قرب عاصمة الإقليم تسخينفالي، واصفا الهجوم بأنه »عمل دنيء« أقدم عليه الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي.
وسرعان ما أكددت تبليسي الهجوم، مشيرة إلى أنّه يهدف إلى »إعادة النظام الدستوري«، فيما أشار رئيس الوزراء الجورجي لادو غورغينيدزي إلى أنّ بلاده تريد »منع تسـلل مرتزقة« إلى أوسيتيا.
ولم يمض قليل على هذا التأكيد حتى أعلنت جورجيا أنّ قواتها »تطوّق« تسخينفالي وأنها سيطرت على ثمــاني قرى اوسيتية، فيما قصفت طائــرات جورجية مواقع في أوسيــتيا الجنوبية، في حين أكد ممثل موسكو في الإقليم أنّ »تدخلا عسكريا أصبح ضروريا من اجل وقف المعتدي«.
وذكرت وكالة »انترفاكس« الروسية أنّ المدفعية الجورجية أطلقت قذائفها بشــكل مباشر على ثكنات قوات حفظ السلام الروسية في تسخينفالي، ما أسفر عن مقتل عشرة جنود روس، في حين أعلنت تبليسي أنّ عاصمة الإقليم باتت »بالكامل تحت السيطرة الجــورجية«، فيما أكد قائد قوات حفــظ الســلام الروسية الجنرال مارات كوباحمدوف تسخينفالي »دمرت بالكامل تقريبا« جراء القصف الجورجي.
في هذه الأثناء، انطلقت دبابات وشاحنات عسكرية روسية تنقل مقاتلين متطوعين من عاصمة اوسيتيا الشمالية فلاديكافكاز إلى أوسيتيا الجنوبية، التي دخلها أيضاً رتل من القوات الروسية، فيما قام الطيران الحــربي الروسي بقصف قاعــدة فازياني ومطار مارنيــولي العســكري قرب تبليسي، ما أوقع عدداً من القتلى حسبما ذكر سكرتير مجلس الأمن القومي الجورجي الكسندر لومايا.
ولم يمــض وقت طويــل حتى أعلن المتحـدث باسم وزارة الداخلية الجورجية تشــوتا اوتيــاشفيلي أنّ قوات بلاده »فقدت السيطرة على جزء« من تسخينفالي.
وأعلن رئيس اوسيتيا الجنوبية ادوارد كوكويــتي مقتل ١٤٠٠ شخص في الهجــوم الــذي شنته جورجيا، وذلــك استنادا الى معلومات من أقــارب الضحايا، فيما أعلن الجهاز الإعلامي في المديرية الروسية لشؤون الهجرة ان الآلاف من سكان الإقليم فروا الى روسيا نتيجة تفاقم التوتر.
- من جهته، أعلن الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف، خلال ترؤسه اجتماع لمجلس الأمن القومي، إن بلاده لن تترك قتل أبنائها في اوسيتيا الجنوبية يمر من دون عقاب مؤكداً أن روسيا »كانت تاريخيا وستبقى ضمانة امن شعوب القوقاز«.
وأضــاف »طــبقا للدســتور وللقانون الفــدرالي، وبصــفتي رئيسا للاتحــاد الروســي، انا ملزم بالدفــاع عن حــياة المواطنين الروس وكرامتهم حيثما وجدوا«.
أمّا رئيس الوزراء الروسي فلاديمــير بوتين فأعتــبر من بكين، حيث يشــارك في حفل افتتاح الألعاب الأولمبية، أنّ »الأعمال العدوانية« الجورجية تستدعي »الرد«، مؤكــداً للرئــيس الأميركي جورج بوش أنّ مئات المتطوعين الروس جاهزون للقتال في أوسيتيا الجنوبية.
- في المقابل، وصف ساكاشفيلي الوضع في أوسيتيا الجنوبية بأنه »أسوأ كابوس يمكن تصوره«، مشيراً إلى أنّ بلاده »في وضع دفاع عن النفس ضد قوات دولة مجاورة عبرت حدودها بمئات الدبابات والمدرعات التي تقصف المنطقة بكثافة ولا سيما الأهداف المدنية«.
واتهم ساكاشفيلي القوات الروسية بغزو بلاده واستهداف السكان المدنيين، زاعماً أنّ قواته تمكنت من إسقاط طائرتين حربيتين روسيتين.
وخلافاً لما أعلنته مصادر رسمية في تبليسي، أكد ساكاشفيلي ان قواته تسيطر بشكل شبه كامل على اوسيتيا الجنوبية، باستثناء منطقة دجافا شمالي العاصمة، مشيراً الى سقوط ٣٠ جورجياً في المعارك.
ووسط تصاعد حدة القتال، أعلنت جورجيا أنها ستسحب ألفاً من جنودها المنتشرين في العراق. وأشار مجلس الأمن القومي إلى أنّ »اتصالات جرت بأصدقائنا الأميركيين، لسحب نصف قواتنا من العراق خلال أيام لأننا نتعرض لعدوان روسي«.
- إلى ذلك، دعت واشنطن »جميع اطراف« النزاع في اوسيتيا الجنوبية للتوصل إلى حل سلمي. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض غوردن جوندرو، الموجود مع بوش في بكين، ان »على جميع الأطراف إنهاء العنف فورا والدخول في محادثات مباشرة لحل هذه القضية سلمياً«.
وأعلن المتحدث باسم القيادة الأميركية في أوروبا الكــولونيل جون دوريان أنّ القــوات الأمــيركية المنتشرة في جــورجيا »ليست ضالعة بأية طريــقة« في النزاع، فيما أشــارت وزارة الخارجية الأميركية إلى أنها سترسل مبعوثا للمساعدة على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، مضيفة أنّها »تراقب الوضع عن كثب«.
- وفي حــين أعـرب مجــلس الأمن الدولي عن قلقه بشأن تدهور الوضع في جمهــورية اوســيتيا الجنوبية الجورجــية الانفصــالية، فإنه لم ينجــح في الاتفاق على بيــان يدعــو الطرفــين الى التــخلي عن استخدام القوة.
وقالت مساعدة السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة كارين بيرس، خلال اجتماع طارئ دعت إليه روســيا »نأسف لأنه لم يمكن التوصل حتى الآن الــى اتفاق حول إعلان لمجلس الأمــن الدولي في هذا الشأن«، فيــما أشــار سفير بليـجكا لــدى المنظمة الدولــية جان غــرول، الذي يتولى الرئاســة الدورية لمجلس الأمن، أنّ الــدول الأعضــاء أعربت عن »قلقــها لتصاعد العنف، وطلبت استئناف الحوار فورا«.
أمّا السفير الروسي فأوضح أنّ نقطة الخلاف في الاجتماع كانت »تردد« بعض الدول الأعضاء في الموافقة على بند »التخلي عن استخدام القوة«.
بطاقة تعريف
ـ الاسم: جمهورية أوسيتيا الجنوبية
ـ العاصمة: تسخينفالي
ـ المساحة: ٣٩٠٠ كيلومتر مربع
ـ الموقع: وسط الأراضي الجورجية من ناحية الشمال، تحدها شمالاً جمهورية أوسيتيا الشمالية التي تشكل أحد أجزاء روسيا الاتحادية
ـ الرئيس: ادوارد كوكويتي
ـ رئيس الوزراء: يوري موروزوف
ـ أعلنت استقلالها في ٢٨ تشرين الثاني ،١٩٩١ ولكن لم تحظ باعتراف دولي
ـ عدد السكان: ٧٠ ألفاً يمتلك ٩٥ في المئة منهم الجنسية الروسية
ـ التوزيع الديموغرافي: ٦٧ في المئة من سكان اوسيتيا الجنوبية هم أوسيتيون، فيما تشكل نسبة الجورجيين ٢٥ في المئة
ـ الديانة: المسيحية الأرثوذكسية
ـ اللغات: الأوسيتية، الروسية، والجورجية.
حجم القوات الروسية والجورجية
في الآتي مقارنة بين القوات المسلحة في روسيا وجورجيا
روسيا جورجيا عديد الجيش ٣٩٥٠٠٠ ٣٢٠٠٠
دبابات ٢٣٠٠٠ ١٢٨
ناقلات جند مدرعة ٩٩٠٠ ٤٤
قطع مدفعية ٢٦٠٠٠ ١٠٩
مقاتلات جوية ١٨٠٩ ٨
طوافات ١٩٣٢ ٣٧
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد