إثيوبيا تضع مصر أمام الأمر الواقع: «اتفاقية عنتيبي» تدخل حيّز التنفيذ

15-06-2013

إثيوبيا تضع مصر أمام الأمر الواقع: «اتفاقية عنتيبي» تدخل حيّز التنفيذ

حدث ما كان متوقعاً، وصدق البرلمان الاثيوبي، أمس الأوّل، على الاتفاقية الإطارية المعروفة بـ«اتفاقية عنتيبي» الخاصة باعادة تقسيم مياه النيل بين دول الحوض العشر، ما يعنى أن أديس أبابا ستدعو بعد ذلك إلى تأسيس مفوضية خاصة ستعمل على إعادة تقسيم موارد نهر النيل على دول الحوض، من دون الاعتراف بحصص مصر والسودان في الاتفاقيات الدولية السابقة، وأبرزها اتفاق العام 1959، الذي يقدر حصة دولتي المصب بـ 84 مليار متر مكعب سنويا (نصيب مصر منها 55,5 مليار متر مكعب).
ويعني تصديق برلمانات دول حوض النيل السبع الموقعة على الاتفاقية في مدينة عنتيبي الأوغندية في العام 2010 أن الاتفاقية دخلت حيز التنفيذ. ولأن الدول السبع (إثيوبيا، تنزانيا، كينيا، أوغندا، رواندا، بوروندي، الكونغو) كانت تنتظر أن تنضم مصر والسودان وجنوب السودان إلى الاتفاقية عبر مفاوضات كان سيرها متعثرا، فقد رأت أن تأجيل تصديق برلماناتها قد يساعد في تسهيل التفاوض،.
وعقب «ثورة 25 يناير»، ونتيجة لجهود رسمية وشعبية، اعلنت الدول السبع، وفي مقدمتها اثيوبيا، تأجيل التصديق على الاتفاقية إلى أن تجرى انتخابات رئاسية في مصر وتستقر الأوضاع السياسية، لكن» الحرب الكلامية» الدائرة حالياً بصخب بين القاهرة وأديس أبابا حفزت الأخيرة على فتح بوابة التصديق الذي يزيد من تعقيد الموقف ويلقي بمزيد من الضغوط على الحكومة المصرية، خاصة بعدما وقعت حكومة جنوب السودان على الاتفاقية، وصدور تصريحات من حكومة السودان تفيد بقبولها لمشروع «سد النهضة» الأثيوبي، ما يترك مصر وحيدة في مواجهة شركائها التسع في حوض نهر النيل.
الموقف الرسمي المصري يبدو وكأنه «ينكر الواقع»، فقد اعتبر المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء علاء الحديدي أن تصديق البرلمان الإثيوبي على الاتفاقية لا يغيّر من الموقف مصر الرسمي الرافض لتلك الاتفاقية، ما لم يتم التوصل إلى تفاهمات بشأن كافة البنود الخلافية التى أثارتها مصر.
وكان رئيس الوزراء المصري هشام قنديل قد تحدث عن الاتفاقية الاطارية لدول حوض النيل خلال خطابه أمام مجلس الشورى قبل أيام. وقال إن الخلاف فيها كان يتعلق بثلاثة بنود تريد مصر تضمينها في الاتفاقية بينما ترفضها الدول السبع الأخرى، والبنود الثلاثة هي: الإخطار المسبق عن أية مشاريع تقام على مجرى النيل، وأن يكون اتخاذ القرار داخل مفوضية حوض نهر النيل بالاجماع وليس بالغالبية، و أن يتم اقرار مبدأ عدم إضرار أي طرف بالأطراف الأخرى.
وزير الري الأسبق نصر علام، الذي كان يمثل مصر في المفاوضات التي افضت إلى توقيع الدول السبع على الاتفاقية وامتناع مصر والسودان، قال لــ«السفير» إنه «بعد تصديق أثيوبيا على الاتفاقية ستبدأ دول أخرى في اتباعها والتصديق عليها حيث وقعت عليها ثماني دول بانضمام جنوب السودان قبل بضعة أيام، بينما لا تزال مصر والسودان ترفضان التوقيع عليها لعدم قبول الدول الثمان الاعتراف في الاتفاقية بالحقوق التاريخية للبلدين»، مضيفا إن «دول الحوض الأخرى ستبدا بعد ذلك في إنشاء سدود مثل سد النهضة الاثيوبي، وهو «مسلسل واضح»، وهم يسيرون حاليا لتنفيذه، ما يعني بالتأكيد انخفاض حصة مصر من المياه.
ولفت، علام، إلى أن مصر اشترطت للتوقيع على الاتفاقية ثلاثة بنود هي: الاعتراف بحقوق مصر المائية، والإخطار المسبق لأي مشاريع مائية تقام في دول حوض النيل، وأن يكون تعديل أي بند في الاتفاقية بالتوافق وليس بالغالبية، مشددا على أن أكبر خطأ ارتكبته مصر كان قبولها بالدخول في مفاوضات مع دول حوض النيل في الاتفاقية الإطارية.
بدوره، قال عضو اللجنة الوطنية لمياه النيل علاء الظواهري لـ«السفير» إن «التوقيع على الاتفاقية من جانب أديس أبابا يجعل من تهديدها بعدم الاعتراف بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل أمراً واقعاً».
ونبه الظواهري إلى أن الاتفاقية لا تعترف بحقوق مصر التاريخية في حصتها من مياه نهر النيل البالغة 55,5 مليار متر مكعب. وقال: «قبل سد النهضة لم يكن ممكنا تقنيا وعلميا أن تنتقص حصة مصر، لكن بوجود سد النهضة وغيره من السدود التي يجري التخطيط لها، يمكن التأثير فعليا على حصة مصر في مياه النيل».
من جهته، اعتبر رئيس «حزب الدستور» محمد البرادعي، عبر حسابه الشخصي على «توتير»، أن «حل أزمة سد النهضة يتمثل في العقلانية وليس العنترية»، بحيث «يتم التعاون مع أثيوبيا بهدف تحقيق مصلحة الجميع، وذلك عن طريق التقنيات الحديثة في بناء السدود والزراعة وتوليد الكهرباء».
أضاف «يجب البعد عن الغوغائية، فالقانون الدولي ليس بالضرورة في صالح مصر، والمجتمع الدولي غير متعاطف معنا بسبب سياساتنا الخاطئة والاستعلائية».

محمد فوزي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...