إسرائيل تخشى عواقب اجتماع دمشق الثلاثي
حذر رئيس وحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية العميد يوسي بايدتس، من التطورات التي تقع خلف الحدود مع لبنان على الجبهة الشمالية. وقال في عرض أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، ان «سوريا تنقل الى حزب الله مكونات لم تكن تجرؤ على تسليمها اليه قبل الآن».
وتعامل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع هذه المسألة أيضا أمام اللجنة ذاتها، فأعلن أن «هناك عملية تسلح وتهييج منهجية جدا من جانب إيران. لكننا لا نسعى إلى أي مواجهة مع سوريا. والأحاديث بأننا نعد لهجوم على سوريا، لا أساس لها في الواقع. وإيران هي من يحاول خلق مثل هذه الصورة الزائفة».
وفي كلمته، قال بايدتس ان «حزب الله يقف على قرني المعضلة، بين هويته الجهادية والتزاماته تجاه إيران، وبين الحلبة الداخلية اللبنانية. ورغم أنه يحافظ على الهدوء وغير معني بالصدام، فإنه يحاول تنفيذ عملية ثأرية حول اغتيال (القائد في المقاومة الشهيد عماد) مغنية، في الأساس ضد أهداف إسرائيلية في الخارج، وبموازاة ذلك، يحاول بناء قوته استعدادا لمواجهة ضد إسرائيل، وتنفيذ انتشار واسع في الجنوب اللبناني، وأيضا في العمق، وهو يراكم أسلحة متقدمة، صواريخ بعيدة المدى، مضادات للطائرات، مضادات للدروع، بمساعدة من إيران وسوريا».
وأضاف بايدتس ان «سوريا تواصل السير في الطريق المزدوج. من ناحية تعمق تدخلها في المحور الراديكالي، وبموازاة ذلك، تتمتع بثمار تحسين علاقاتها مع الغرب ومع الدول العربية المعتدلة. وهي لا تشعر بأنها مضطرة للاختيار حاليا بين المسارين. إنها تواصل الإيحاء باستعدادها للتسوية السياسية مع إسرائيل، بشروطها التي هي استعادة كل هضبة الجولان وبمشاركة أميركية».
وبحسب بايدتس، فإن «إيران تواصل وتوثق علاقاتها مع المحور الراديكالي. وعليكم فقط أن تنظروا إلى اللقاء الثلاثي الذي عقد في سوريا (بين الرئيسين بشار الاسد والايراني محمود احمدي نجاد والامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله).. بينهم كان قائد الحرس الثوري الإيراني، الجهة المسؤولة من الجانب الإيراني عن تزويد كل منظمات الإرهاب في كل المناطق بالسلاح».
وقال رئيس وحدة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عن الخطر النووي الإيراني، ان إيران في العام الماضي لم تتقدم كما كانت تريد في امتلاك أجهزة الطرد المركزي، لكنها تقدمت «أكثر مما كنا نريدها أن تتقدم. ولديهم اليوم أكثر من طنين من المادة المخصبة من اليورانيوم بنسبة أربعة في المئة، وهي أكبر من الكمية المطلوبة لمنشأة نووية. كما أنها شرعت بتخصيب يورانيوم بنسبة 20 في المئة. وهذا بالتأكيد تحدّ للأسرة الدولية».
وأشار بايدتس إلى أن كشف النقاب عن منشأة التخصيب النووي قرب مدينة قم، أضر بالمشروع النووي الإيراني. وأضاف انهم «ينفذون الآن مشروعا تجريبيا لتشغيل أجهزة طرد مركزي
حديثة، نجاعتها أكبر ثلاث أو أربع مرات مما كان لها حتى الآن. إن المفاعل في بوشهر هو الآن مفاعل مدني بُني بمساعدة روسية. وهو ينطوي على قدرة. إنه مفاعل مدني، لكن إذا ما أراد أحدهم، فإن بالوسع استخدامه لأغراض عسكرية».
واستخف بايدتس باحتمال نشوب «ثورة خضراء» في إيران. وقال ان «احتمالات حدوث شيء بين السكان في إيران أمر قائم، لكن بين الاضطرابات التي رأينا، وبين سقوط النظام، مسافة كبيرة. فالنظام الإيراني لن يسقط، وكل من يتوقع انهيار إيران قريبا، سيخيب أمله جدا».
من جهة أخرى، رد نتنياهو على الأنباء التي نشرتها صحيفة «هآرتس» أمس بشأن خطة سلام سورية. وقال ان إسرائيل لا تعلم بأمر موافقة سوريا على التوصل لتسوية مع إسرائيل، في مقابل انسحاب على مراحل من هضبة الجولان. وجادل زعيمة حزب كديما تسيبي ليفني وقال لها «رأينا النتائج في لبنان، هناك أيضا طالبت أنت بترتيبات أمنية قادت إلى أن حزب الله بات أكثر تسلحا مما كان في العام 2006. ويبدو أن لديك ما يكفي من الأوراق عندما تطلبين ترتيبات أمنية. إنني أطالب بترتيبات على الأرض».
وفي إشارته للموضوع الإيراني، قال نتنياهو انه «تتبلور رزمة عقوبات في مجلس الأمن الدولي. لن تتضمن خطوات في مجال الطاقة، كما كنا نريد. والقطار التكنولوجي الإيراني نحو امتلاك الذرة يسير، بينما الخطوات السياسية تتحرك بوتيرة سيارة هرمة. إسرائيل أرادت وتحدثت حول الحاجة لعقوبات شديدة، في الأساس في مجال الطاقة. إلغاء استيراد وتصدير المشتقات النفطية من وإلى إيران. وهذا لم يحدث بعد. الأميركيون ليسوا هناك. الروس ليسوا هناك. والصينيون أيضا».
وكانت «هآرتس» قد نشرت أن سوريا مستعدة لان تفكر بالسلام والتطبيع على مراحل مع اسرائيل، بحيث انه مع انسحاب من نصف أراضي هضبة الجولان، تعلن الدولتان عن نهاية حالة العداء بينهما. واستندت «هآرتس» في خبرها الى باحثة بريطانية هي غبرييل ريفكن من «مجموعة اكسفورد للبحوث»، التقت في كانون الاول الماضي في دمشق وزير الخارجية وليد المعلم.
وتترأس ريفكن برنامج الشرق الاوسط في معهد البحوث البريطاني، وزارت دمشق مرات عدة، آخرها في كانون الاول مع مجموعة من الخبراء لتسوية النزاعات. وقد نشرت انطباعاتها عن الزيارة مؤخرا في صحيفة «الغارديان» البريطانية. وبحسب أقوالها، قال المعلم انه في اطار خطة السلام على مراحل، سيؤدي انسحاب من ثلاثة أرباع الاراضي التي احتلتها اسرائيل في العام 1967، الى فتح مكتب مصالح إسرائيلي في السفارة الاميركية في دمشق، ومع استكمال الانسحاب ستفتح سفارة سوريا في اسرائيل. وشدد المعلم على أن «سوريا معنية بالسلام، لكن على اسرائيل أن تعترف بحق سوريا في كل سنتمتر في الجولان. بالنسبة لنا الارض مقدسة، وهذا موضوع كرامة».
وشدد وزير الخارجية السورية على دور تركيا كوسيط، ذلك انها سبق أن عنيت بتعريف خط الحدود من العام 1967، والذي لم يتحدد حتى اليوم. وبحسب أقواله، عملت تركيا كوسيط نزيه، ورغم التوتر بين الدولتين، أرسل الوزير الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر الى أنقرة لمعالجة الازمة. وقال المعلم ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان شعر بانه مخدوع بعدما هاجمت اسرائيل غزة قبيل استكمال ترسيم الحدود بين اسرائيل وسوريا.
واضافت ريفكن ان المعلم أشار الى أن سوريا لا تتوقع بدء محادثات مباشرة مع اسرائيل من خلال تركيا. وقال ان المرحلة الثانية في المسيرة ستستدعي تدخلا مباشرا من الولايات المتحدة لمعالجة الترتيبات الامنية، بما في ذلك جولات اميركية جوية في سماء الجولان.
وردا على مسألة قطع العلاقات مع حماس و«حزب الله»، أوضح المعلم ان سوريا هي دولة ذات سيادة ولا تتطرق الى هذه المسائل، مثلما أيضا لسياستها تجاه ايران، الا بعد انسحاب اسرائيل من الجولان. وقالت ريفكن لـ «هآرتس» انه «من ناحية اسرائيل، هذا هو القسم الأكثر إشكالية في موقف سوريا». اضافت «من زاوية نظر تسوية النزاعات، سوريا يمكنها أن تشكل وسيطا بين اسرائيل وحماس و«حزب الله»، وتحسن فرص وقف نار طويل بينهم».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إقرأ أيضاً:
إضافة تعليق جديد