إسرائيل تسابق حلّ الدولتين: قلقٌ من الأوروبيين

15-05-2015

إسرائيل تسابق حلّ الدولتين: قلقٌ من الأوروبيين

في الوقت الذي تستعد فيه إسرائيل لمواجهة قانونية أمام المحكمة الجنائية الدولية، يبدو الصدام السياسي أقرب في الحلبة العالمية. وحتى قبل أن تقر الكنيست حكومة نتنياهو الرابعة والثلاثين بدأت الضربات تتوالى عليها من الأسرة الدولية، سواء بسبب عدم التزامها بحل الدولتَين، أو جراء مساندة الحق الفلسطيني. وخلال يوم واحد أصيبت الخارجية الإسرائيلية بالخيبة من قرار الفاتيكان الاعتراف بدولة فلسطين، ومن صدام بشأن فلسطين وقع أثناء الحوار الاستراتيجي السنوي مع فرنسا.
وأشارت صحيفة «يديعوت» في نوع من الاستغراب إلى أن المسؤولين الإسرائيليين اعتبروا في البداية استخدام الفاتيكان لتعبير «دولة فلسطين» زلة لسان، إلا أن الناطق بلسان الحبر الأعظم أكد أن «هذا اعتراف بأن الدولة قائمة». وأوضحت الصحيفة أن الخارجية الإسرائيلية تشعر بقلق عظيم قبيل أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية، وترى أن العالم يخطط لإسرائيل حياة صعبة. وفي إشارة للتحركات الأوروبية بهذا الشأن قال مصدر إسرائيلي إن «الأوروبيين يخططون لقرارات دراماتيكية فيما لم يعد الأميركيون يعتزمون الاستلقاء على الجدار من أجل اسرائيل».طفلة فلسطينية تحمل مجسما لمفتاح منزل فلسطيني كرمز لحق العودة خلال تظاهرة في ذكرى النكبة في بيت لحم، أمس . (رويترز)
وتنقل «يديعوت» عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن هناك تنسيقاً كاملاً بين الولايات المتحدة وأوروبا بالنسبة لإسرائيل، وإن أوروبا في هذه اللحظة تلعب دور «الشرطي الشرير». وفي نظرهم يشعر الأوروبيون بالإحباط من الجمود السياسي ومن البناء في المستوطنات، ويستعدون لخطوة شاملة تبدأ على الفور مع قيام الحكومة الجديدة. وتقدر إسرائيل أن الأوروبيين سيكونون مسؤولين عن معالجة الشأن الإسرائيلي حتى توقيع الاتفاق مع إيران في حزيران المقبل، حيث ينوي أوباما بعدها الدخول في مواجهة مع نتنياهو في الشأن الفلسطيني. عموما يتجه القلق الإسرائيلي أساسا إلى «الاقتراح الفرنسي» الذي يتضمن موعدا نهائيا للمفاوضات على إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
وكشفت صحيفة «هآرتس» النقاب، أمس، عن تحول جلسة الحوار الاستراتيجي السنوي بين إسرائيل وفرنسا إلى مواجهة صدامية بشأن مشروع القرار الفرنسي المتداول في مجلس الأمن الدولي بشأن حل الدولتَين. وقد اتهم الجانب الإسرائيلي فرنسا بأنها تعمل على إقصاء إسرائيل وتتصرف من خلف ظهرها في كل ما يتعلق بهذه المبادرة.
وأشارت «هآرتس» إلى أن الغاية من الحوار الاستراتيجي السنوي بين فرنسا وإسرائيل، والذي يدور برئاسة المدير العام لوزارة الخارجية في كل من باريس وتل أبيب يهدف إلى التشاور في المواضيع السياسية والأمنية وإلى «التعبير عن التنسيق القوي والحميم بين الدولتين». ويرى ديبلوماسيون إسرائيليون أن الغاية من اللقاء هو التأكيد على القواسم المشتركة وتجنب المهاترات في القضايا المختلف عليها.
ولكن، بحسب «هآرتس»، كان اللقاء الذي عقد، الاسبوع الماضي، في وزارة الخارجية في القدس استثنائيا، فمنذ اللحظات الاولى اتضح للمشاركين أنه سيكون صعبا لدرجة يستحيل فيها ردم الهوة والخلافات بين الطرفين، خاصة في كل ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني.
وأشار ديبلوماسيون اسرائيليون وفرنسيون إلى أن تبادل العبارات القاسية التي وجهها كل طرف للآخر أظهر عمق التوتر بين الدولتين. وكان الشعور في أوساط المشاركين بأن الإحباط الكبير الذي يشعر به كل طرف تجاه الطرف الآخر، الذي تراكم في الاشهر الاخيرة، انفجر دفعة واحدة. ودار الخلاف أساسا حول المبادرة الفرنسية في مجلس الأمن الدولي التي ينوي وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس إعادة طرحها بعد الانتهاء من الاتفاق النووي مع إيران. ويبدو أن فابيوس مصمم على عرض المبادرة للتصويت في مجلس الأمن في تموز المقبل.
ومعروف أن مشروع القرار الفرنسي يتضمن بضعة مبادئ لا تنسجم مع السياسة الإسرائيلية، وبينها تثبيت حدود الدولة الفلسطينية على أساس خطوط العام 1967 مع تبادل للاراضي، وتحويل القدس إلى عاصمة للدولتين، وصيغة محددة للاعتراف باسرائيل كدولة يهودية، ووضع جدول زمني لانهاء المفاوضات، وعقد مؤتمر سلام دولي.
ونقلت «هآرتس» عن ديبلوماسيين اسرائيليين قولهم إنه وصلت في الاسابيع الاخيرة إلى وزارة الخارجية في القدس معلومات عن أن الفرنسيين بدأوا مشاورات، سواء في باريس أو نيويورك، مع الفلسطينيين ومع دول عربية وكذلك مع عدد من أعضاء مجلس الأمن بشأن صيغة مشروع القرار الذي يريدون طرحه. وبالمقابل امتنعوا عن اجراء مشاورات مشابهة مع اسرائيل ولم ينقلوا الى القدس مسودة مشروع القرار، أو على الأقل مبادئها. وخلال جلسة الحوار الاستراتيجي احتج المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية مئير بن شتريت بشدة على التصرف الفرنسي، وقال: «أنتم تتحدثون مع كل العالم عن مبادرتكم، وفقط معنا لا تتحدثون، ويبدو أنكم نسيتم أننا طرف في الموضوع ويتوجب اشراكنا ايضا فيه».
الديبلوماسيون الاسرائيليون أكدوا أن أعضاء البعثة الفرنسية دافعوا عن أنفسهم، ونفوا أنهم عرضوا أي مسودة أو مبادئ مفصلة على الفلسطينيين أو الدول العربية، وأشاروا إلى قول الفرنسيين بأن «الامور ما زالت في مراحلها الاولى فقط. وعندما يكون لديهم شيء ما متبلور فسيعرضونه علينا».
وقال أحد الدبلوماسيين: «قالوا إن كل العملية في مجلس الامن هي بمجملها في مصلحتنا وإنهم يحاولون بلورة صيغة تكون مقبولة من الطرفين وتُمكن من استئناف عملية السلام». لكنهم في الجانب الاسرائيلي رفضوا الاقتناع بالتوضيحات الفرنسية، وتحول النقاش الى هجوميٍّ أكثر فأكثر وتدهور الى تبادل الكلام القاسي. «في مرحلة معينة تحول الحوار الاستراتيجي الى حوار طرشان»، قال الديبلوماسي الاسرائيلي.
وتطرقت الاتهامات الإسرائيلية إلى قول فابيوس عن العدوان الإسرائيلي على غزة إنه مذبحة، فرد الفرنسيون بأن مئات المدنيين سقطوا «قتلى» في غزة. وانتقد الفرنسيون إسرائيل بشدة مشيرين إلى المناكفة اليومية لزعماء إسرائيليين مع الاتحاد الأوروبي. وفي كل حال ينظر للهجة القاسية التي استخدمت في هذا اللقاء على أنها تعبير عن وضع العلاقات ليس فقط بين إسرائيل وفرنسا، وإنما أيضا بين إسرائيل وأوروبا عموما.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...