إسرائيل مرتاحة وأنقرة مستاءة ودمشق تدرس ردودها
خرقت تصريحات مبهمة للمسؤولين الإسرائيليين، أمس، سياسة التعتيم التي اعتمدتها اسرائيل حتى الآن حول انتهاك طائراتها الحربية المجال الجوي لسوريا الخميس الماضي، وعبر رئيس الوزراء إيهود أولمرت عن ارتياحه لان الجيش الإسرائيلي استعاد «القدرة على الردع» التي تلقت ضربة موجعة خلال الحرب على لبنان الصيف الماضي، فيما قال نائب الرئيس فاروق الشرع، في مقابلة مع صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية نشرت أمس الأول، « انه تجري في دمشق دراسة لسلسلة من الردود على أعلى المستويات السياسية والعسكرية. وستظهر النتائج قريبا».
وفرضت السلطات الاسرائيلية قيودا على حركة الصحافيين الذين يغطون اجتماع الحكومة الأسبوعي، أمس. وكان التعليق الوحيد الذي حصل عليه الصحافيون من مسؤول حكومي بارز ان أولمرت «أصدر تعليمات محددة للوزراء بعدم الحديث عن الحادث المتعلق بسوريا على الإطلاق».
وأدلى أولمرت بعبارة غامضة عند بدء اجتماع الحكومة. فبعد أن أشاد بالعمليات العسكرية التي تجري في قطاع غزة، قال «أقدر المجهود المستمر الذي يقوم به الجيش بجنوده وقادته في هذه المناطق، والذين يقومون بعمليات شجاعة ليس لها نظير، ولا تتوقف للحظـة واحدة. ولسوء الحظ لا نستطيع دائما أن نكشف عن التفاصيل للعامة، وهناك عمليات كثيرة تنفذها إسرائيل ضد قادة المنظمات الإرهابية، وستتواصل هذه العمليات من دون تردد، وكل من يرسل إرهابيين ستوجه له الضربات، وفي كل مكان».
واتهم وزير شؤون المتقاعدين رافي ايتان، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، سوريا بـ«تشجيع الإرهاب». وقال إن «الذين يعتقدون أن سوريا مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات مخطئون». وأضاف «لا يمكن للسوريين أن يقولوا إنهم يرغبون في السلام، وفي الوقت ذاته يشجعون الإرهاب». وقلل من أهمية تصريح الشرع، موضحا «لا يتوجب أن ننفعل من أقوال الشرع».
وانتقد ايتان وسائل الإعلام الإسرائيلية، ودعاها إلى «التحفظ»، وعدم إعطاء تفاصيل عن هدف اختراق الطائرات الإسرائيلية المجال الجوي السوري.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أمس، أن أولمرت وعددا من المسؤولين الإسرائيليين عبروا عن ارتياحهم بعد ساعات من الحادث، لان الجيش الإسرائيلي استعاد «القدرة على الردع» بعد حرب لبنان الثانية.
وصل وزير الخارجية وليد المعلم إلى أنقرة لإجراء محادثات، كانت مقررة سلفا، قبل الخرق الإسرائيلي، مع نظيره التركي علي باباجان والرئيس عبد الله غول ورئيس الحكومة رجب طيب أردوغان.
وقال المعلم، في مطار أنقرة، «مستعدون للدفاع عن أنفسنا ضد أي هجوم تخطط له إسرائيل، إلا أن الأولوية الأساسية لدينا هي السلام الشامل». وأضاف «ما قلناه (حول الخرق) حقيقي، وتركيا على علم بذلك».
وعما إذا كان تولي غول رئاسة الجمهورية سيؤثر على دوره في الوساطة بين سوريا وإسرائيل، أكد المعلم أن بلاده «تقدر الجهود التي بذلها غول في هذا الصدد، لكنها في الوقت ذاته لا يمكن أن تتدخل في الشؤون الداخلية لتركيا»، مشيرا إلى أن «نقل ملف الوساطة إلى رئاسة الجمهورية أو تركه في وزارة الخارجية أمر يعود إلى الجانب التركي وحده».
واستمرت في أنقرة تداعيات القضية، في ظل الحديث عن أن المقاتلات الإسرائيلية دخلت إلى سوريا من البحر لكنها خرجت إلى الأراضي التركية، إذ طلبت أنقرة رسميا من تل أبيب توضيحات بعدما عثرت على خزاني وقود على أراضيها قرب الحدود السورية. واستدعت وزارة الخارجية التركية مسؤولا إسرائيليا للاستفسار عن الحادثة. وقال مصدر في وزارة الخارجية التركية إن باباجان طلب من إسرائيل توضيحات حول الحادثة، إلا انه لم يلق جوابا.
وكان لافتا مرور القضية من دون ردود فعل أو تعليقات من جانب السلطات التركية، أو حتى من جانب وسائل الاعلام، فضلا عن القوات المسلحة والمعارضة خصوصا، مع العثور على خزانات وقود في الاراضي التركية.
وذكرت صحيفة «حرييت» أن عدد الطائرات الإسرائيلية كان من ثلاث إلى أربع، ومن طراز «أف 15 ـ أي» التي صنعتها شركة بوينغ الاميركية، وحصلت إسرائيل على 25 منها، نظرا لإمكانية هذه الطائرات في التحليق لمسافات طويلة، تبلغ 1300 كلم بفضل خزانات الوقود الإضافية فيها، والتي يقال إنها تستهدف ضرب إيران.
ووفقا لخبراء، لفتت الصحيفة إلى أن الطائرات الإسرائيلية كانت تريد جمع معلومات حول محطات مراقبة سورية في المنطقة المقابلة لشانلي اورفة، وان دمشق أطلقت صواريخ «سام»، ما اضطر الطائرات الإسرائيلية للقيام بمناورة للتخلص من خزانات الوقود وتسريع هربها.
إلى ذلك، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية محمد علي حسيني، أمس، عن استغرابه من صمت بعض الدول العربية تجاه اختراق إسرائيل للأجواء السورية. وقال «برغم أن هذا الإجراء من قبل الكيان الصهيوني ليس ذا قيمة من الناحية العسكرية، ويعتبر مغامرة وعملية عديمة الفائدة، إلا انه نظرا لأوضاع المنطقة وماهية هذا الكيان، يبدو من الضروري أن تتخذ مختلف دول المنطقة مواقف سريعة تجاه هذا الإجراء». وأضاف «طبعا بعض الدول، جامعة الدول العربية وأغلب البرلمانات العربية، أعلنت موقفها بهذا الشأن، لكن من المتوقع في مثل هذه الحالات أن يتم اتخاذ مواقف أكثر جدية، وأن لا تنحصر على دول المنطقة»، معربا عن قلق طهران «من مثل هذه التحركات التي يقوم بها الكيان الصهيوني، لأنها تؤدي إلى الإخلال بأمن المنطقة».
وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الليبية، أمس الأول، إن الخرق «يؤكد أن ما يجري من حديث عن السلام وما يتم الترويج له عن مؤتمر للسلام يعقد قريبا، هو تسويق للأوهام مع التردي الذي يشهده الواقعان الفلسطيني والعربي».
وأعلن الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمال الدين أوغلو تضامن المنظمة مع الحكومة والشعب السوريين، معربا عن أمله أن «يلتزم الاحتلال الإسرائيلي بميثاق الأمم المتحدة وبقواعد القانون الدولي، خاصة في هذا الظرف الدقيق الذي يتحرك فيه المجتمع الدولي على كل الأصعدة بهدف إزالة التوتر في منطقة الشرق الأوسط».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد