إغراءات أميركية لروسيا في سورية: زيادة المعابر مقابل حقول النفط
تُكثّف واشنطن جهودها الدبلوماسية لاستثمار الفترة المتبقيّة من اجتماع مجلس الأمن الخاص بتمديد عملية «المساعدات الدولية» عبر الحدود، بهدف الحصول على موافقة روسية على زيادة عدد المعابر، وعدم حصر «المساعدات» بمعبر حدودي واحد كما هو قائم حالياً. وتحاول الولايات المتحدة، من أجل ذلك، البعث برسائل إيجابية باتجاه روسيا، من خلال الإعلان عن إلغاء الترخيص الممنوح للشركة الأميركية «دلتا كريسنت إنرجي»، التي تستثمر وتسوّق النفط في المناطق الخاضعة لسيطرة «قسد»، شمال شرق سوريا. وينبئ تحرّك واشنطن الأخير بأن إدارة الرئيس جو بايدن ربّما تكون في صدد التخلّي عن «حماية» حقول النفط، توازياً مع محاولة تزخيم الجهود السياسية الدولية، والاستمرار في ممارسة الضغوط القصوى سياسياً واقتصادياً على الحكومة السورية لدفعها نحو تقديم مزيد من التنازلات. وعلى هذا الأساس، تسعى واشنطن إلى تقديم إغراءات لموسكو لثنيها عن قرار «فيتو» جديد بخصوص رفع عدد المنافذ الحدودية. ويَظهر الاهتمام الأميركي بملفّ «المساعدات»، بشكل واضح، من خلال الإعلان عن زيارة للسفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا غرينفيلد، إلى تركيا، ونيّتها زيارة الحدود بين لواء اسكندرون وإدلب، لبحث الملفّ المذكور.
وفي هذا السياق، تؤكّد مصادر سورية مطّلعة، أن «شركة دلتا كريسنت إنرجي» تلقّت إشعاراً بوقف أنشطتها في سوريا في مدّة لا تتجاوز نهاية الشهر الجاري، بعد إلغاء قرار استثنائها من العقوبات من «مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركية». وتتوقّع المصادر أن «تلجأ الإدارة الذاتية الكردية إلى شركات نفط روسية لتعويض الفراغ الذي ستتركه الشركة الأميركية (...) وقد بدأت شركات بالعمل فعلاً في حقول النفط في رميلان، شمال شرق محافظة الحسكة».
وتلفت المصادر إلى أن «العديد من الشركات الروسية كانت تعمل في هذه الحقول في فترة ما قبل الحرب (...) ومن المتوقّع عودتها إلى المنطقة قريباً، في ظلّ تغاضٍ أميركي»، مُستبعِدةً، في الوقت نفسه، «انسحاباً أميركياً من حقول النفط في الحسكة ودير الزور، إلّا في حال وجود اتفاق مع الجانب الروسي». وتدعم تلك المعلومات تصريحات صدرت في شهر آب الفائت، لرئيس «الإدارة الذاتية»، حامد المهباش، كشف فيها أن «الذاتية» بصدد «دراسة طلبات لشركات روسية وأميركية، بهدف الاستثمار في مجال الخدمات المختلفة». وستمثّل العودة الروسية إلى حقول النفط خطوة مهمة نحو استفادة الحكومة السورية من إنتاج هذه الحقول، خصوصاً مع استمرار وجود الموظّفين الحكوميين في غالبيتها. وسيساعد الوجود الروسي هناك ــــ إن تَحقّق ــــ في وقف جزئي لعمليات تهريب النفط وسرقته، وتحويل حركة التجارة النفطية من الحدود باتجاه الخارج، إلى اتجاه الداخل السوري، ما سيؤدّي إلى تحسّن واقع الخدمات في عموم البلاد.
ونقلت وسائل إعلام كردية عن مصدرَين مطّلعَين أن «قرار إدارة بايدن عدم تمديد قرار الإعفاء من العقوبات الأميركية بحق شركة النفط دلتا كريسنت إنرجي، التي تنشط في شمال شرق سوريا، مبنيّ على أمل أن تتمكّن بلاده من التفاوض مع روسيا على قناتَين رئيستَين لإدخال المساعدات إلى البلاد مقابل الانسحاب من حقول النفط»، فيما قال مصدر في الإدارة الأميركية، لموقع «مونيتور» الأميركي، إن الرئيس بايدن «لديه سياسة تجاه سوريا، وهذه السياسة هي أننا لسنا في سوريا من أجل النفط، نحن في سوريا من أجل الناس». وأضاف المصدر في الإدارة: «لدينا حملة ضدّ تنظيم داعش، ونركّز بشكل كبير على تقديم المساعدة الإنسانية، ويشمل ذلك السعي لإقناع روسيا بالتخلّي عن حق الفيتو، والسماح بدخول مساعدات الأمم المتحدة عبر معبر اليعربية الحدودي مع العراق، والعمل مع تركيا لتخفيف الأزمة الإنسانية في محافظة إدلب». وتابع المصدر أن «الأمر بسيط ومعقول، قد يكون وقف عمليات دلتا كريسنت إنرجي بمثابة حافز لروسيا لتخفيف معارضة السماح للأمم المتحدة بمساعدة شمال شرق سوريا عبر العراق».
أيهم مرعي
إضافة تعليق جديد