اتفاق واشنطن ــ موسكو: عودة إلى مربع الخلافات الأول
عادت الجبهات السورية يوم أمس، وخاصة في مدينة حلب، لتصدّر المشهد بالتوازي مع فشل جهود «المجموعة الدولية لدعم سوريا» في التوصل إلى توافق يعيد إحياء «الهدنة». وفي ضوء سياسة رعاة وقف إطلاق النار، بعدم إعلان «الفشل»، مثّلت معطيات يوم أمس نقطة عودة واضحة إلى ما قبل إعلان الاتفاق الروسي ــ الأميركي.
ومع انهيار أسس هذا الاتفاق، إثر الفشل في تطبيقه، سيصبح لزاماً طرح كامل التفاصيل مجدداً على طاولة المفاوضات الأميركية ــ الروسية، وخاصة إذا حملت الأيام المقبلة تغييرات ميدانية وازنة في خارطة السيطرة، ولا سيما في ضوء ما يجري من تحضيرات على جبهات الأحياء الشرقية في حلب، والغارات السورية على مواقع في مدينة الباب في ريف المدينة الشرقي، الخاضعة لسيطرة تنظيم «داعش».
وبدا واضحاً عقب اللقاء الذي جمع وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري أمس في نيويورك، أن نقاط الاختلاف تعمّقت خلال تطبيق اتفاق «الهدنة». إذ تحدث لافروف بشكل واضح أمام مجلس الأمن، أن «رفض أو عدم القدرة» على فصل قوات المعارضة عن التنظيمات الإرهابية، يظهر أن خطط «حماية جبهة النصرة» من أجل «تغيير النظام في سوريا، لا تزال قائمة» لدى البعض، وهو ما يعد «خرقاً واضحاً لقرارات مجلس الأمن» بهذا الشأن. وأشار إلى «تعذر حل القضية السورية وتحسين الوضع الإنساني» دون القضاء على تنظيمي «داعش» و«النصرة» والتنظيمات التي اندمجت معهما، وهو ما سيتيح «الوصول إلى إقرار وقف إطلاق نار مستقر في كامل الأراضي السورية». ودعا إلى بذل الجهود لضمان عدم انهيار الاتفاق الروسي ــ الأميركي، مؤكداً في الوقت نفسه على «إصرار بلاده على تحقيق موضوعي حول الغارات ضد مواقع الجيش السوري في دير الزور، والقصف الذي استهدف قافلة المساعدات في ريف حلب». وعاد ليهاجم أطراف المعارضة السياسية، إذ أعلن في مؤتمر صحافي عقب انتهاء كلمته، أن اشتراط بعض الأطراف المعارضة، رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، يعتبر «انتهاكاً» لقرار مجلس الأمن الدولي، داعياً إلى الالتزام بقرار مجلس الأمن بدلاً من «الإصغاء إلى رغبات بعض الأطراف».
وكان لافروف قد التقى نظيره الأميركي جون كيري، على هامش اجتماعات مجلس الأمن في نيويورك. وأعلن الأخير في ختام اللقاء أن هناك «تقدماً محدوداً جداً» لحل الخلافات و«نحن نجري تقييما لبعض الأفكار المشتركة بطريقة بناءة». كذلك التقى لافروف نظيره السوري وليد المعلم، الذي أعرب عن شكره للعملية العسكرية الروسية «الهامة» في سوريا ضد الإرهاب، التي ستدخل عامها الثاني خلال أيام، وأوضح أن اللقاء مع لافروف كان «قيّماً».
ويظهر أن واشنطن وحلفاءها في حلف شمال الأطلسي، يحاولون استباق أي نشاط جوي مرتقب سيرافق العمليات البرية للجيش السوري وحلفائه، واستغلاله للضغط على موسكو التي رفضت مقترحات أميركية بضرورة «حظر طيران سلاح الجو السوري» كشرط لاستعادة مسار اتفاق «الهدنة». وضمن هذا الإطار، انضمت ألمانيا وفرنسا إلى اللعبة الأميركية الجديدة، وطالبتا بفرض الحظر على الطائرات السورية. وذهب وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرلوت، ليل أول من امس، إلى أبعد من بنود الاتفاق الروسي ــ الأميركي الذي يقيّد حركة الطائرات السورية فوق بعض المناطق، ليطالب بضرورة منعها من المشاركة ضد تنظيم «داعش»، مضيفاً أن الحرب ضد التنظيم هي من «مهمة قوات التحالف الدولي بالتعاون مع روسيا». كذلك، أشار أمس، إلى أن الجهود ستتواصل برغم فشل اجتماع «المجموعة الدولية لدعم سوريا» في نيويورك، معتبراً أن «الساعات المقبلة ستحدد مصير الهدنة». ورأى أن «النظام السوري وداعميه يلعبون بورقة تقسيم البلاد»، مضيفاً أن استجابة موسكو للمطالب الدولية بمنع تحليق الطيران الحربي السوري «غير كافية».
وعلى صعيد آخر، حمّل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الحكومة السورية مسؤولية استهداف قافلة المساعدات في ريف حلب. وأوضح خلال مقابلة أجرتها معه قناة «إم إس إن بي سي» أمس، أنه دعا الدول المعنية بالوضع السوري، إلى ضرورة «حظر الطيران» فوق المنطقة التي تعرضت فيها قافلة المساعدات الإنسانية للهجوم، غير أن رؤساء تلك الدول «لم يهتموا بذلك بما فيه الكفاية».
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد