اتهامات الفسـاد ضد بلير تتصاعد في بريطانيا: استغل «الرباعية» للحصول على أموال طائلة
عرضت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أمس للحملة الجارية في بريطانيا، عبر وسائل الإعلام، ضد رئيس الحكومة البريطانية الأسبق ومبعوث الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط طوني بلير. وأشارت إلى أن الاتهامات تراكمت حوله بشأن استغلاله منصبه في «الرباعية» للتوسط في إبرام صفقات كبيرة أدخلت إلى خزانته أموالا طائلة.
وبحسب الصحيفة فإن بلير الذي عين مبعوثا للرباعية قبل أربع سنوات لم يحقق أي إنجاز على الصعيد السياسي، لكنه راكم ثروات كبيرة. وتشير الصحف البريطانية إلى أن بلير أبرم حتى من مكتبه الفاخر الذي كان في فندق «أميركان كولوني» في القدس الشرقية المحتلة صفقات عالمية. وركزت على أن هذه الصفقات تتم عبر شركة الاستشارات التي أنشأها والتي تقدم المشورة لزبائن بينهم بنك الاستثمارات «جي بي مورغن»، وأمير الكويت وكبرى شركات التأمين «زورخ فايننشال».
وتشدد الصحف البريطانية على تضارب المصالح بين المهمة المكلف بها بلير في «الرباعية» والدافع التجاري، وهو ما منعه من تحقيق تقدم في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وأثار السؤال: هل بلير يستغل وظيفته الحالية كي يجني مالا تجاريا؟
ورأت «معاريف» أن قضية بلير تفجرت بصخب كبير في الأيام الأخيرة، عندما نشرت صحف بريطانية بينها «ديلي ميل»، أن بلير أبرم اتفاقا دسما من الناحية المالية مع رئيس كازاخستان، نور سلطان نزارباييف، لإرسال مستشارين للمساعدة في تحقيق إصلاحات اقتصادية. ولفريق المستشارين هذا مهمة أخرى وهي توثيق العلاقات بين كازاخســتان ومحافل تجارية وسياسية مختلفة في أوروبا، وإعادة بناء الســمعة المشكوك فيها لكازاخستان في العالم. وحسب تقديرات مختلفة، نفاها الناطق بلسان بلير، فان هذا اتفاق قيمته تقدر بثمانية ملايين جنيه إسترليني.
بنك بلير
وفي الأراضي الفلسطينية شارك بلير في سلسلة صفقات تضع علامة استفهام حول صلاحيته لتنفيذ مهام منصبه من دون تضارب في المصالح. وقد فضح تحقيق شامل في القناة الرابعة البريطانية سلسلة من تضارب المصالح على نحو ظاهر. وأشار التحقيق إلى مبادرات اقتصادية دفعها بلير إلى الأمام في مناطق السلطة الفلسطينية وفي قطاع غزة أفادت شركات تعتبر من زبائنه، مثل بنك الاستثمارات «جي بي مورغن» الذي يدفع لبلير راتبا سنويا دسما. وهكذا مثلا نجح بلير في إقناع السلطات الإسرائيلية بالسماح لشركة «الوطنية» للهاتف الخليوي، العمل في الاراضي الفلسطينية كشركة خلوية إضافية. أصحاب «الوطنية» هم شركة «QTEL» القطرية الكـبرى، وهي زبــون مركزي لـ«جي بي مورغن».
كما أن بلير دعم إقامة حقل غاز طبيعي في غزة بقيمة 6 مليارات جنيه إسترليني. ومارس كل نفوذه لإقناع إسرائيل بالسماح بتطوير الحقل، مع أن الفلسطينيين أعربوا عن انتقادهم لجهوده وطالبوا باستقلالية حصرية في تشغيل الحقل وفي تلقي مداخيله. هنا أيضا يتبين أن من يشغل الحقل هي شركة «بريتش غاز»، زبون مركزي «لمورغن». وتجدر الإشارة إلى أن «جي بي مورغن» يدعي بأنه لم يتشاور أبدا مع بلير حول الصفقتين الأخيرتين، كما أن بلير يدعي بأنه لم يكن على علم بالعلاقة.
في كانون الثاني 2009 التقى بلير بأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في جولة لقاءات له في الشرق الأوسط. وحضر اللقاء جونتان باولر، الذي كان رئيس طاقم بلير عندما كان رئيسا للوزراء، ويشغل اليوم منصب مستشار كبير في فريق الاستشارات التابع لبلير. ومع أن بلير زار الكويت كمبعوث للرباعية، عجب الكثيرون في بريطانيا من إدخال عنصر مشارك في الأعمال التجارية إلى اللقاء. وبالفعل بعد وقت قصير من اللقاء وقع أمير الكويت على صفقة كبرى مع فريق الاستشارات لدى بلير لتقديم خدمات استشارية لتطوير الاقتصاد في الدولة. قيـــمة الصـــفقة ظلت حتى هذه اللحظة سرية، ولكن التقديرات المختلفة في وسائل الإعلام البريطانية ألمحت إلى مبلغ مقدر بـ 27 مليون جنيه إسترليني.
وزار بلير أبو ظبي أيضا ضمن منصبه الرسمي كمبعوث للرباعية، وشاع أنه في هذه المرة أيضا وقع اتفاقا بين شركة الاستشارات بملكية بلير وبين سلطات أبو ظبي، بموجبه يمنح رئيس الحكومة السابق خدمات الاستشارة لابو ظبي مقابل نحو مليون جنيه إسترليني في السنة.
مال طائل
تقديرات مختلفة في بريطانيا تشير إلى أن أموال بلير تقدر بـ 20 إلى 60 مليون جنيه. سبعة منازل تقدر بمبلغ 14 مليون جنيه على الأقل. كما يتبين من المنشورات المختلفة بان بلير كسب 20 مليون جنيه منذ ان غادر رئاسة الحكومة وانتقل ليشغل منصب مبعوث الرباعية. وهو يعتبر أحد الأشخاص الأثرياء في بريطانيا، والمال الذي جمعه منذ ان اعتزل منصبه كرئيس للوزراء أكثر من أي مال رئيس وزراء بريطاني آخر . وخارج الشرق الأوسط أيضا منح بلير خدماته لسلسلة من الشركات كشركة الأزياء «لوي فيتون»، التي تلقى منها مبلغا من ستة أصفار مقابل الترويج لعلامتها التجارية.
ومنذ اعتزاله حصل بلير على نحو 9 ملايين جنيه إسترليني فقط من المحاضرات التي قدمها لمؤسسات مختلفة. «ميل أون صاندي» نشرت في الماضي أن بلير طلب من المركز المتعدد المجالات في هرتسيليا 100 ألف جنيه مقابل مشاركته في حلقة بحثية. ولكن المركز تخلى في حينه عن هذه المتعة.
«عندما تسلم بلير وظيفة الرباعية»، كتبت «الديلي تلغراف»، «حصل على فرصـــة خاصة لضمان مكانه في التاريخ من خلال المساهمة في تقدم الســلام. ومع أن بلير دفع إلى الأمام بضعة أمور، إلا انه يبـدو أنه يتعاطى مع مهمــته كوظيـفة جزئية، ويسمح لمصالحه الاقتصادية الشخصية بان تندمج بواجباته العامة. ومثلما هو الحال دوما، ينجح في أن يخرج من هذا أيضا بسلام».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد