احتجاج علني ضد الرقابة في التلفزيون السوري
لأوّل مرّة في سورية، ومن على منبر المركز الثقافي في أبو رمانة نسمع احتجاجاً علنياً على الرقابة في سورية، حيث احتشدنا كجمهور من الإعلاميين والفنانين والمهتمين بالحركة التشكيلية مساء الثلاثاء 26/10/2010 لمتابعة الندوة الشهرية للبرنامج الإذاعي 'كاتب وموقف' الذي يُعدّه ويُقدمه الإعلامي المخضرم عبد الرحمن الحلبي منذ منتصف ستينيات القرن المنصرم وحتى تاريخه، إذ أعلن الحلبي من ذلك المنبر الرسمي إيقاف بث هذا البرنامج على أثير الإذاعة السورية، احتجاجاً على إيقاف الرقابة بث حلقة سابقة، وقد تكرّر الموقف مع حلقة الشهر المنصرم التي كانت بعنوان 'الرقابة على الإعلام الثقافي'.
وقد فاجأنا الحلبي قبل الدخول إلى موضوع الندوة، أنه سيسمح لنفسه بأن يستحضر أمامنا محطات في رحلته الإعلامية منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، وكانت كلها محطات تتعلق بمواقف استثنائية صادفته في مسيرة هذا البرنامج عبر خمسة عقود ونصف العقد من الزمن، حيث كان تجاوب مديري الإذاعة والمديرين العامين للهيئة العامّة للإذاعة والتلفزيون في كل مرة كفيلا بتذليل تلك الصعاب وتجاوز بعض المواقف الإشكالية للهيئة، بما فيهم موقف مع المدير العام الحالي معن حيدر، إنما في إدارته الأولى للهيئة وليس في إدارته الثانية الآن.
وقد تجاوب الحلبي مع احتجاج الجمهور في القاعة الذي طالبه بالعودة إلى موضوع الندوة، ممّا اضطرّه للاختصار، وبق البحصة أمام مئتي متابع للندوة، وفيما يُشبه بيانا علنيا ضد الرقابة، إذ أعلن أنه سيدير هذه الندوة الآن، لكنها لن تبث على أثير إذاعة دمشق، فهذا البرنامج الذي شكّل علامة فارقة في تاريخ الإذاعة السورية وفي المشهد الثقافي السوري أيضاً لن يستمر مع هكذا رقابة، وصفها الحلبي بالسطحية. مُعلناً المفاجأة بأنّ هذه الرقابة اعترضت على حديث الدكتور ممتاز الشيخ في الندوة، وهو مسؤول الرقابة في وزارة الإعلام قبل أن يتسلم مناصب: مدير مؤسسة الوحدة للطباعة والنشر، ومدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون سابقاً التي تعترض فيها الرقابة الآن على حديثه، كما اعترضت على حديث الإعلامي المُخضرم محمد قطان. فهل يُعقل أن يخضع مدير الرقابة سابقا لسيف الرقابة الحالية؟
ما لم يقله الحلبي في احتجاجه، أنّ موقف الرقابة من حديث الدكتور ممتاز الشيخ ربما تكون له علاقة بما أشيع منذ فترة في الأوساط الإعلامية عن خلاف بين السيد وزير الإعلام والدكتور ممتاز الشيخ، والذي كانت إقالة هذا الأخير أحد نتائجه. فهل يمضي السيد الوزير بموقفه حدود وقف هذا البرنامج الثقافي الإعلامي المهم؟ أم أنّ الإعلان الاحتجاجي لعبد الرحمن الحلبي سيتلقفه معن حيدر الذي سبق له وذلل للحلبي بعض الصعاب، ليُعيد الأمور إلى نصابها مُجدداً!
أنور بدر
المصدر: القدس العربي
إضافة تعليق جديد