استراتيجية التعاون الأمني بين اليمن والمغرب والبحرين
الجمل: نشر الموقع الإلكتروني الخاص بيونايتيد برس إنترناشيونال تقريراً مختصراً حمل عنوان «اليمن والمغرب يقومان بالتعهدات والالتزامات الأمنية»، وما هو لافت للنظر وجدير بالانتباه يتمثل في التساؤل القائل: ما هي طبيعة التعهدات والالتزامات الأمنية بين بلدين تفصل بينهما آلاف الكيلومترات ولا يتمتعان بحدود مشتركة ولا حتى بالتواجد ضمن قارة واحدة إضافة إلى أن كليهما يعتبران من البلدان الصغيرة التي لا يمكن أن يزعم أي أحد في هذا العالم أن أي واحدة منهما تمثل قوة إقليمية تسعى لتعزيز نفوذها ضمن مجالها الحيوي الجيوسياسي.
* البعد المعلن: ماذا تقول المعلومات؟
التقى مسؤولون يمنيون ومغربيون يوم أمس في العاصمة اليمنية صنعاء لمناقشة تعزيز وتقوية التعاون الأمني بين الجمهورية اليمنية والمملكة المغربية.
وأضافت المعلومات أن وزير الداخلية اليمني مطهر المصري قد التقى بمحمد حما المبعوث الملكي المغربي لليمن وناقش معه العلاقات اليمنية – المغربية وبعض المواضيع الثنائية المشتركة الأخرى.
وتقول المعلومات أن وزير الداخلية اليمني تعهد ملتزماً بقبول الدعم الذي ستقدمه المملكة المغربية عبر سفارتها في اليمن وأضاف الوزير اليمني مؤكداً أن المملكة المغربية قد التزمت وتعهدت بدعم استقرار اليمن.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن الشهر الماضي قد شهد اتفاقاً يمنياً – بحرينياً مماثلاً ويجري ضمن السياق ذاته.
* هل من ترتيبات أمنية إقليمية جديدة في المنطقة؟
تشهد اليمن حالياً صراعاً مزدوجاً فبالإضافة إلى الحرب الداخلية الإثنوطائفية بين الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الحوثي فقد نشأت من جديد أزمة ملف انفصال الجنوب اليمني على النحو الذي أصبح يهدد بإشعال الساحة اليمنية بالمزيد من الحروب والصراعات المسلحة، إضافة لذلك فقد بدأت مفاعيل الصراعات المفتجرة والكامنة تلقي بتداعياتها على الصراع السياسي اليمني الجاري ضمن العملية السياسية اليمنية.
بادرت السلطات اليمنية إلى اتهام إيران باعتبارها الطرف الثالث الذي يسعى لإشعال الصراعات لتفتيت اليمن، وتشير التحليلات إلى أن مبادرة اليمن باتهام طهران دفعت بالنظام في اليمن إلى الوقوع ضمن دائرة تجمع المعتدلين العرب المعادي لإيران والحليف لأمريكا وإسرائيل الذي يضم كل من مصر والسعودية والأردن إضافة إلى المغرب وتونس وجيبوتي.
برغم ذلك، فإن دخول اليمن في الترتيبات الأمنية الإقليمية التي تربط بين المعتدلين العرب وإن كان سيجعل من اليمن أكثر تحالفاً مع واشنطن فإنه في الوقت نفسه لم تبرز أي تسريبات تفيد لجهة وجود روابط يمنية – إسرائيلية، ولكن وعلى غرار المثل القائل أن "أول الغيث قطرة"، فإنه ليس من المستبعد أن تأتي إسرائيل لاحقاً محمولة على أكتاف اليهود اليمنيين المنقسمين حالياً إلى ثلاث مجموعات، الأولى في اليمن والثانية في الولايات المتحدة والثالثة في إسرائيل، حيث يشكلون أحد المكونات الهامة لحزب شاس الديني لليهود الشرقيين.
تجري بعض الترتيبات الأمنية الإقليمية هذه الأيام على قدم وساق في منطقة خليج عدن المواجهة للسواحل اليمنية ضمن مشروع القرصنة الصومالية ولكن الوقائع تشير إلى وجود حدث مواز آخر وأكبر من موضوع القرصنة وهو قيام واشنطن وحلفائها بتجميع واحد من أكبر الحشود العسكرية البحرية في العالم والتي لا تضم أمريكا ودول حلف الناتو فحسب وإنما أيضاً الدول الآسيوية الحليفة لأمريكا، والتي تستضيف عشرات القواعد العسكرية الأمريكية ومنها اليابان وكوريا الجنوبية وإندونيسيا وتايلاند وماليزيا.
إضافة لذلك، نلاحظ أن دولتي المغرب والبحرين اللتان دخلتا في اتفاقيات عسكرية – أمنية مع اليمن هما من أكثر الدول في المنطقة ارتباطاً بالقوات البحرية الأمريكية:
• البحرين: تعتبر الدولة الخليجية المستضيفة للأسطول الخامس الأمريكي وتقول المعلومات أن قيادة الأسطول الخامس أصبحت تتمركز حالياً في البحرين.
• المغرب: تعتبر الدولة ذات الروابط الوثيقة مع البحرية الأمريكية والفرنسية والقوات البحرية التابعة لحلف الناتو إضافة لذلك فالمغرب يرتبط بمشروع مبادرة عبر الصحراء التي طرحتها واشنطن من أجل تمديد مشروع الحرب ضد الإرهاب إلى داخل ووسط وغرب إفريقيا وتنخرط المغرب في شراكة تضم حلف الناتو وإسرائيل وتهدف إلى التعاون في مجال الحرب ضد الإرهاب وقد شاركت المغرب جنباً إلى جنب مع إسرائيل في المناورات والتدريبات البحرية التي أشرفت عليها قيادة الناتو.
إذا نظرنا للاعتبارات الجيوستراتيجية الخاصة بموقع المغرب واليمن والبحرين فإننا نلاحظ الآتي:
• تطل المغرب على مضيق جبل طارق الاستراتيجي الذي يحكم حركة الملاحة البحرية بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي.
• تشرف اليمن على مضيق باب المندب الذي يمثل البوابة الحاكمة لحركة الملاحة البحرية بين المحيط الهندي والبحر الأحمر الذي يمثل الممر الملاحي الأكثر خطورة في العالم لجهة الربط بين المحيط الهندي والبحر المتوسط.
• تقع البحرين في عمق الخليج العربي بما يجعل منها قاعدة بحرية ممتازة لتمركز الأساطيل البحرية وقياداتها.
على هذه الخلفية فإن القراءة في التحركات الجارية تشير إلى وجود بدايات لإدماج اليمن ضمن الترتيبات الأمنية الإقليمية الجارية حالياً التي تشمل ملفات مثل الأمن البحري وتعزيز تجميع المعتدلين العرب المعادي لإيران إضافة لذلك تشير إلى أن دخول اليمن في مثل هذه الملفات سيتيح لها أن تصبح فاعلاً رئيسياً في الحلف العسكري الجديد قيد الإنشاء في منطقة المحيط الهندي، والذي سيقوده الأسطول الخامس الأمريكي مع ملاحظة أن قوة المهام المشتركة الأمريكية-150 وقوة المهام المشتركة-151 تتمركزان حالياً ومنذ بضعة أشهر قبالة السواحل اليمنية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد