اعتذارات المسؤولين المتزايدة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.!
كثرت خلال الآونة الأخيرة، وعلى غير العادة، اعتذارات المسؤولين المقدمة إعلامياً للمواطنين، وذلك على خلفية التعثر الحاصل في تقديم الخدمات والسلع الضرورية، وما يرافقه من مخالفات، تجاوزات، تأخير، وتقصير...!
وقلّت على غير العادة لسببين:
- الأول، إن ثقافة الاعتذار وفدت حديثاً إلى قاموس الخطاب الإعلامي للمسؤولين لدينا تحت ضغط الخوف من تداعيات الأخطاء والتجاوزات وسوء إدارة الملف الخدمي والاقتصادي، وليس إيماناً بحق المواطن في الحصول على ذلك الاعتذار، جراء ما يتعرض له من إذلال وسرقة أثناء محاولته تأمين احتياجات أسرته.
-الثاني، رفض معظم المسؤولين الاعتراف بوجود تقصير من جانبهم، فهم بحسب ما يعتقدون يقومون بما يمكن فعله في مثل هذه الظروف، وليس هناك وفق قناعتهم من يمكنه أن يفعل أكثر من ذلك، وتالياً فعندما يخرج مسؤول على الإعلام ويقدم اعتذاراً... فهو برأيه يقدم تنازلاُ كبيراً..!
لهذا كله، فإن كل الاعتذارات المقدمة لا تخرج عن كونها هروباً من تحمل المسؤولية ومحاولة فاشلة لامتصاص غضب الناس، طالما أنها لا تقترن بخطوات عملية تصحح الأخطاء الحاصلة، تحاسب المتسببين بالتقصير، وتعيد للمواطنين حقوقهم..
فمثلاً... التصريح الأخير لمدير المؤسسة السورية للتجارة، والذي تضمن اعتذاراً للمواطنين الذين لم يتمكنوا من الحصول على مخصصات شهري كانون الأول والثاني، أتى بنتائج جد سلبية، بدليل ردود فعل المواطنين وتعليقاتهم الغاضبة، إذ عندما يتعلق الأمر بلقمة عيش الفقراء وأصحاب الدخل -وما أكثرهم هذه الأيام- لا يكون الحل بتقديم اعتذار، وتحميل المسؤولية للعقوبات الخارجية... وإنما بإيجاد آلية تسمح بإيصال الحقوق لأصحابها... فكيف إذا كانت المؤسسة المذكورة قدمت تبريرات متناقضة لتقصيرها الأخير.... فتارة كان الجرد السنوي هو المشكلة، وتارة أخرى قالت إن السبب هو في الرسائل النصية، ومرة ثالثة اعتبرت أن العقوبات الخارجية تتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية التقصير!
ثم هل يحق لمدير عام أو لوزير أو حتى لرئيس وزراء أن يسقط حقاً لأسر كثيرة ويغطي ذلك باعتذار... وعبر وسيلة إعلامية؟
للاعتذار المقبول شعبياً أصوله... قواعده... وتوقيته.
فمثلاً..
لا يمكن للناس أن يقبلوا اعتذاراً من مسؤول فاقد للثقة وغير جدير بالمنصب الموكل إليه، أو من وزارة فشلت في كل الملفات المعنية بها، أو من مؤسسة ينخرها الفساد.ولا يمكن للناس أن يقبلوا اعتذاراً لا يتضمن استرداداً لأبسط حقوقهم المادية والمعنوية، ووعداً ينفذ بالمحاسبة وعدم تكرار الخطأ والتقصير...
ولا يمكن للناس أن يقبلوا اعتذاراً وهم على قناعة أنهم مخدوعون، لا يعرفون حقيقة ما جرى.. ولا يراد لهم أن يعرفوا.
عندما تكون المؤسسات شفافة في عملها وبياناتها وتخضع لمساءلة حقيقية، فلا حاجة آنذاك لأي مسؤول فيها للاعتذار، لأن الرأي العام أصبح على دراية بكل شيء، ولديه القناعة أن المحاسبة على أي تقصير ستتم لا محالة، وأن معالجة الخلل ليست سوى مجرد وقت.
لهذا كله، فإن نصيحتي لكل مسؤول ألا يعتذر طالما أنه غير قادر على تحمل اشتراطات ذلك الاعتذار...!
زياد غصن _ المشهد
إضافة تعليق جديد