اغتيال «الخال» في الجنوب السوري: فصل جديد من «الاقتتال الجهادي»

17-11-2015

اغتيال «الخال» في الجنوب السوري: فصل جديد من «الاقتتال الجهادي»

سقطت ورقة قائد «لواء شهداء اليرموك»، محمد علي البريدي (الخال)، ظهر أول من أمس. هكذا انتهى فصل من فصول «الاقتتال الجهادي» معه، لتواصل «جبهة النصرة» معركتها مع «شهداء اليرموك» بقيادة أبو عبيدة قحطان في الجنوب السوري، وتحديداً في منطقة حوض اليرموك، جنوب غرب درعا.

لم يكن القضاء على البريدي سهلاً، إذ احتاج اغتيال قائد «اللواء» المتهم بمبايعة تنظيم «داعش» من قبل «النصرة»، التي اتخذت قرار «اجتثاث الخوارج» من الجنوب، بحسب مصدر مقرّب منها، إلى تخطيط مسبق لتنفيذ عملية أمنية حملت طابعاً «انغماسياً».
وبحسب الرواية المتداولة، فإنه بعد «دراسة أمنية دقيقة، وتحديد موعد اجتماع قادة اللواء في منزل الخال في منطقة جلمة في درعا، انغمس عنصران من جبهة النصرة بالمجتمعين». وتضيف الراوية أن «الانغماسي الأول أبو عائشة محجة، قتل بعضاً من المجتمعين، ومن ثم فجّر حزامه الناسف ليردي أغلبهم بين قتيل وجريح. تبعه انغماسيّ ثانٍ، يدعى أبو عصام الأنصاري، أجهز على الجميع بسلاحه وخرج ليواجه مؤازرة لعناصر اللواء، فاشتبك معهم، ثم فجّر حزامه».
مصدر آخر أفاد بأن العملية كانت بسيارة مفخخة، هاجمت مقرّ الاجتماع، تلاها هجوم لـ«الانغماسي» الثاني، الذي عاد وفجّر نفسه. ورست الحصيلة النهائية على مقتل «الخال»، وخمسة عشر قائداً وشرعيّاً من «اللواء»، أبرزهم أبو عبدالله الجوعاني. وتلت عملية الاغتيال اشتباكات عنيفة بين «النصرة» و«شهداء اليرموك»، في بلدة سحم الجولان في محافظة درعا، والتي انسحب منها الأخير بعد ذلك.
«الإلغاء الجهادي» لم يتوقف عند هذا الحد، بل امتدّ ليشمل حرب بيانات بين الطرفين، إذ تبنّت «النصرة» على حساباتها على موقع «تويتر» عملية اغتيال «الخال» مع عدد من قيادات «اللواء». وقد اعترف «اليرموك» بمقتل قائده في بيان. بعدها أمهل «جيش الفتح ــ المنطقة الجنوبية»، الذي تشكّل «النصرة» عموده الفقري، في بيان حمل الرقم 4، عناصر «اليرموك الذين لم يصيبوا الدم الحرام مهلة 24 ساعة لتسليم أنفسهم وسلاحهم، لكي يخضعوا لدورة شرعية، ويخلى سبيلهم بعدها».
في المقابل، أصدر «اليرموك» بياناً آخر، معلناً «مبايعة أبو عبيدة قحطان» أميراً لـ«اللواء». وكان لافتاً اعتماد راية «داعش» في الشعار الخاص بالبيان، ما يدل على «اصطفاف اليرموك النهائي خلف داعش». هذه البيانات المتبادلة تدلّ أيضاً على أن فصلاً جديداً من فصول «الاقتتال» سيعود مجدداً بعد «مضيّ الـ24 ساعة».
وكان الخلاف بين الطرفين قد بدأ منذ قرابة عام بحرب «كلامية» شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي، بين «لواء شهداء اليرموك» من جهة، و«جبهة النصرة» و«أحرار الشام» وحلفائهما من جهة أخرى. وسعّرت نيران الحرب ما قيل عن بيعة «الخال» لزعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، إذ اتهم أبرز قادة «النصرة»، أبو مارية القحطاني، عبر مواقع التواصل، «الخال» بـ«الخارجي»، وهي صفة يطلقها تنظيم «القاعدة» على المنتمين أو المبايعين لـ«داعش».
ومع تحوّل الحرب إلى عسكرية، شهدت قرى حوض اليرموك، المحاذية للجولان المحتل، اشتباكات عنيفة بين الأطراف المتقاتلة، وقد أصيب «القحطاني» في إحداها. وزاد حدّتها تدخل «دار العدل في حوران»، المحسوبة على «النصرة»، على خط «الصلح» بين المتقاتلين، مقرّرة اعتقال «الخال» لأجل محاكمته.
لم يكن شرط «الصلح» مقبولاً، فتواصل «الاقتتال» على مراحل عدّة، أخذت شكل الكر والفر في قرى حوض اليرموك. وكان آخرها في الأسبوع الماضي، إذ أدّت المواجهات إلى سقوط ما لا يقل عن 20 قتيلاً في صفوف الطرفين. غير أن «اليرموك» استطاع أن يقمع عدداً من الاحتجاجات الشعبية ضده، الشهر الماضي، وذلك عبر جهاز «الحسبة»، بعدما أصدر قوانينه الخاصة الشبيهة بتلك المعتمدة في مناطق سيطرة «داعش»، كمنع التدخين، واللباس «الشرعي»، وسماع الموسيقى، والتهديد بإقامة الحدود «الشرعية»، وغيرها.
من ناحية أخرى، شهد الجنوب السوري، في الفترة الماضية، عمليات اغتيال عدّة لقادة «النصرة» و«أحرار الشام» و«الفصائل الأخرى»، ما دفع مؤيّدي «النصرة» إلى اتهام «خلايا داعش من جماعة اليرموك وخلايا أخرى».
وحمّل أحد وجوه «النصرة»، صالح الحموي، المعروف على «تويتر» بـ«أس الصراع في الشام» فصائل «الموك» مسؤولية ما يجري، لأسباب عدّة، منها «موقف الموك الرافض لقتال داعش بسبب أوامر خارجية»، واعتمادها «قتال الدواعش على أساس مناطقي وعشائري، ما جعل الصدام ينشب بين أبناء العشيرة والمنطقة‏ ‎الواحدة»، إضافة إلى «إمداد شهداء اليرموك بالسلاح والذخيرة بسبب الارتباط العشائري».
وتابع «أس الصراع» أن «بعض فصائل الموك نصبت حواجز أعاقت تقدّم النصرة لقتال الدواعش»، وذلك لـ«تصفية حسابات قديمة مع النصرة». وأوضح أن «أكبر مثال على ذلك قرية صغيرة باللجاة اسمها حوش حماد سيطرت عليها داعش وكل فصائل الموك لم تحرّرها».
بدوره، أعلن أحد «الجهاديين»، ويدعى أبو زينب الهاشمي على حسابه على موقع «تويتر»، أن «علي البصري، المعروف بأبو عبد الرحمن العراقي، لعب دوراً في تجنيد خلية في درعا، وهي مسؤولة عن الاغتيالات»، مضيفاً أن أعضاءها «موزعون ضمن النصرة واليرموك وبعض الفصائل الأخرى».
وبحسب رواية الهاشمي، فإن دور العراقي هو «اغتيال رؤوس الصحوات في الجنوب السوري». وقد استطاع العراقي زرع «خلايا عدّة، في النصرة واليرموك، لإحداث بلبلة في الجنوب السوري، ومعظم المجنّدين من المهاجرين، من الجزيرة العربية والصومال». وتابع أن قائمة الاغتيالات «ضمّت قيادات الجيش الحر والفصائل الأخرى والشيخ أبو مارية القحطاني».

نور أيوب

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...