اقتراح أمريكي بتحويل الجولان إلى "حديقة للسلام"
الجمل: أدى صعود تحالف الليكود – إسرائيل بيتنا بعد الانتخابات الإسرائيلية العامة الأخيرة إلى تعقيد اتفاق التوصل إلى الحلول السلمية في الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص في الصراع العربي – الإسرائيلي. وعلى خلفية تشدد الحكومة الإسرائيلية الساعية إلى فرض صيغة "السلام مقابل السلام" بدلاً عن "الأرض مقابل السلام"، فقد برزت بعض الأطراف الأمريكية الساعية إلى خيار سيناريو الوسط.
* معهد السلام الأمريكي:
نشر الموقع الإلكتروني الخاص بمعهد السلام الأمريكي ورقة بحثية ركزت على منظور تحويل الجولان إلى "حديقة للسلام" واعتبار ذلك كسياق لاتفاقية سلام سورية – إسرائيلية.
أعد الورقة البحثية الخبير يهودا غرينفيلد غيلات وتقع في 23 صفحة. ولا تكتسب هذه الورقة أهميتها من المحتوى والمضمون الذي حملته، بل بسبب المعهد الذي صدرت عنه لأنه يتمتع بوزن ومكانة كبيرة في التأثير على عمليات صنع القرار السياسي الأمريكي عندما يكون الحزب الديمقراطي الأمريكي مسيطراً على الإدارة الأمريكية، إضافة إلى ذلك فقد تزامن نشر الورقة مع الزيارات المتعددة والمتواصلة التي يقوم بها العديد من المسؤولين الأمريكيين إلى العاصمة السورية دمشق وهي زيارات تزامنت مع بروز فكرة أن الإدارة الأمريكية تقوم حالياً بإعادة علاقات خط واشنطن – دمشق إلى وضعها الطبيعي ضمن خطوات بطيئة وهادئة الإيقاع.
* المقدمة:
يقول الباحث في مقدمة الورقة أن مفهوم حديقة السلام الإسرائيلية – السورية هو مفهوم يجد جذوره في الافتراض القائل أن إسرائيل وسوريا تملكان الرغبة والخبرة من أجل التعاون بما هو كافي استعداداً لمعاهدة سلام ثابتة ودائمة بين البلدين. ويشير الباحث قائلاً أن المشكلة العملية ستتمثل في آليات السيطرة والإبقاء على حديقة السلام ضمن الفترة المستقبلية المفترضة.
* حدود مفاهيم حديقة السلام:
أشار الباحث إلى وجود العديد من الدراسات التي سعت إلى استطلاع واستكشاف قيمة حديقة السلام في توجيه ودفع المواقف السورية والإسرائيلية المتقابلة باتجاه الحل. وفي هذا الخصوص يشير الباحث إلى الآتي:
• تطالب سوريا بحزم بضرورة الإجلاء الكامل للمدنيين والعسكريين الإسرائيليين من الأراضي السورية التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967.
• يقول الإسرائيليون أن الانسحاب من الجولان سوف لن يحرم إسرائيل من السبيل باتجاه المرتفعات وإنما أيضاً سيؤدي إلى تطويق إسرائيل من الناحية الشرقية لبحيرة طبرية (ونلاحظ هنا أن الباحث تفادى الإشارة إلى تعمد الإسرائيليين انتهاك القوانين والتشريعات الدولية عن طريق تصريحات الزعماء الإسرائيليين العلنية الرافضة للانسحاب وإصدار إسرائيل لقرار ضم الجولان رغماً عن أنف الأمم المتحدة والقانون الدولي، وبدلاً عن ذلك سعى الباحث إلى الإشارة إلى الذرائع والمبررات محاولاً إضفاء القدر الاستباقي لعدم الانسحاب الإسرائيلي من الجولان).
إضافة لذلك يقول الباحث أن إقامة حديقة السلام سيترتب عليه تأمين مصادر المياه لإسرائيل وتأمين حماية البيئة للسوريين.
* استدامة مفهوم حديقة السلام:
يقول الباحث أن الهدف الرئيسي لحديقة السلام هو حل سلسلة من الخلافات السورية – الإسرائيلية حول الأراضي والمياه والوصول إلى تأمين هذا الحل لفترة طويلة. ويضيف قائلاً بضرورة أن يتم تدعيم مشروع الحديقة بالآتي:
• إقامة مراكز أبحاث وإنتاج الطاقة المتجددة.
• إقامة سلسلة من الأنشطة السياحية والصناعية.
ويقول الباحث أن هذه الأنشطة ستعزز وتدعم مفهوم حديقة السلام وفقاً لعدة طرق:
• إن الحديقة ستكون قادرة على البقاء عن طريق الاعتماد على نفسها إضافة إلى أنها ستكون مربحة.
• مشاريع الطاقة المتجددة سوف تجعل لحديقة السلام بعداً إقليمياً مهماً وستجعل لها دوراً فعالاً في التصدي لمشاكل الطاقة العالمية.
• إذا تم التوصل إلى تنفيذ اتفاق حديقة السلام عبر المراحل فإن مشروعات الطاقة المتجددة ستتيح لكل طرف أن يثبت للطرف الآخر أنه ملتزم بالاتفاق السابق وأنه متمسك بالاستمرار في التعاون.
• توجد حالياً في الجولان بنيات تحتية إسرائيلية تقدر بمليارات الدولارات وفي حالة نجاح الاتفاق حول مشروع الحديقة فإن هذه البنيات ستظل سليمة بما يتيح استخدامها في مشروع الحديقة والطاقة المتجددة.
• يمكن أن تقوم شراكة ثنائية بين الطرفين للتعاون في حماية البيئة الطبيعية وإنتاج الطاقة الخضراء وهو تعاون سيؤدي إلى تعزيز موقف الطرفين أمام المجتمع الدولي.
* الطاقة المتجددة في حديقة السلام في مرتفعات الجولان:
أشار الباحث إلى أن الطاقة المتجددة تتمثل في الطاقة التي يتم الحصول عليها بواسطة المصادر الطبيعية مثل ضوء الشمس والرياح وحرارة باطن الأرض ويقول الباحث بأن هذه الطاقة ستلعب دوراً هاماً في العلاقات الدولية وأنشطة دوائر الأعمال بسبب عدم استقرار أسعار النفط وتزايد الاهتمام بالتغييرات المناخية، وأضاف الباحث قائلاً أن إجمالي استثمارات رأس المال العالمي في مجال الطاقة المتجددة كان في حدود 80 مليار دولار عام 2006 ثم تزايد إلى 117 مليار بدية عام 2008.
* منافع التعاون السوري – الإسرائيلي:
تطرق الباحث إلى المنافع التي يمكن أن تعود على الطرفين في حالة الاتفاق على حديقة السلام المفترضة، وأشار إلى النقاط الآتية:
• الاستثمار في حسن النوايا من خلال حرص الطرفين على التعاون المتبادل.
• دعم المجتمع الدولي من خلال ما سيقدمه من تمويل ودعم تكنولوجي للطرفين.
• استثمار البنيات التحتية الموجودة من خلال توظيف ما هو موجود من بنيات تحتية لمصلحة الطرفين.
* خيارات التصميمات:
في هذا الخصوص أشار الباحث إلى العديد من التصميمات الممكنة لقيام حديقة السلام المفترضة وعلى هذه الخلفية يمكن أن نكتفي باستعراض الخرائط التي قدمها الباحث على النحو الآتي:
• الخيار الأول: (انظر الخارطة هنا):
• الخيار الثاني: (انظر الخارطة هنا):
وفي نهاية الورقة استنتج الباحث مؤكداً مرة أخرى أن هذا المشروع سيتيح لدمشق إعادة بناء السيادة على الجولان وفي الوقت نفسه يبدد مخاوف إسرائيل من ملف الانسحاب من الجولان. وعموماً نكتفي بالتساؤل: هل سيكون مشروع حديقة السلام هو خيار الإدارة الأمريكية الديمقراطية الحالية؟
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد