الأبعاد غير المعلنة في مثلث العلاقات الأردنية- المصرية- الكازاخستانية
الجمل: نشر موقع أوراسيا ديلي مونيتور الالكتروني، التابع لمؤسسة جيمس تاون الأمريكية تحليلاً أخبارياً حمل عنوان (تشديد الروابط الاقتصادية والأمنية الوثيقة في علاقات الأردن- كازاخستان، وأشار التحليل إلى أن مصر أيضاً ترتبط بعلاقات وثيقة مع كازاخستان.
• كازاخستان وتوازنات آسيا الوسطى:
تعتبر كازاخستان، الأكبر والأهم من بين جمهوريات آسيا الوسطى التي انفصلت عن الاتحاد السوفييتي، وذلك بسبب العديد من العوامل، والتي أبرزها:
- وجود مخزونات النفط والغاز الهائلة.
- وجود المعادن وخامات اليورانيوم.
- قربها الشديد من المناطق الحيوية الحساسة في روسيا.
- تأثيرها الكبير على دول آسيا الوسطى الأخرى: طاجيكستان، تركمانستان، أوزبكستان، وقيرغيزستان.
وقد ظلت كازاخستان هدفاً لمحاولات اختراقات السياسة الخارجية الأمريكية والإسرائيلية المتكررة، ولكن بسبب الدور والوجود الروسي الكبير المؤثر على أوضاعها السياسية، فإن أمريكا وإسرائيل لم تستطيعا تحقيق الاختراق المطلوب، من أجل وضع كازاخستان تحت السيطرة وعباءة النفوذ الأمريكي.
وبرغم ذلك، فقد ظل الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزار باييف، يقوم بالمزيد من الأدوار المزدوجة، فهو يقف مع روسيا وبقية دول آسيا الوسطى في كافة الاعتبارات المتعلقة بضرورة عدم السماح بأي نفوذ أمريكي على المنطقة، ولكنه (يلعب محاولاً الارتباط) مع أمريكا في أجندتها المتعلقة بالمناطق الأخرى غير المرتبطة بمنطقة آسيا الوسطى، أو بالمجال الجغرافي للدول الأعضاء في منظمة تعاون شنغهاي. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، قيام الرئيس الكازاخستاني نزارباييف بتأييد الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق، إضافة إلى قيامه بإرسال القوات الكازاخستانية والمشاركة ضمن قوات التحالف الدولي الموجودة حالياً إلى جانب القوات الأمريكية في العراق.
كذلك، طالب ومازال يطالب نزارباييف بضرورة استمرار القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي المشاركة معها في العراق، وذلك باعتباره –على حد تعبيره- يشكل الضمانة المستقبلية الوحيدة للشعب العراقي، من أجل الحصول على المعونات والمساعدات.
• مثلث العلاقات الأردنية- المصرية- الكازاخستانية.. الأبعاد المعلنة:
تقول المعلومات المعلنة بأن العلاقات بين كازاخستان والأردن ستتضمن الجوانب الآتية:
- التبادل التجاري: وحالياً يتم إجراء شراء الأردن لحوالي 300 ألف طن قمح من كازاخستان.
- التعاون في مجال مكافحة الإرهاب: وذلك في مجالات (الحرب ضد الإرهاب)، ومكافحة الجرائم الدولية، والـ(تطرف).
- التعاون الأمني: وذلك في مجال تبادل المعلومات الاستخبارية والتعاون بين الأجهزة الأمنية والاستخبارية.
- التعاون السياسي: وذلك عبر الانضمام إلى منظمة مؤتمر التفاعل وإجراءات وترتيبات بناء الثقة في آسيا (CICA).
وتجدر الإشارة إلى أن مصر قد دخلت في علاقات ثنائية مع كازاخستان وفقاً لترتيبات تتطابق مع محتوى ومضمون العلاقات الثنائية الأردنية الكازاخستانية.
• مثلث العلاقات الأردنية- المصرية- الكازاخستانية.. الأبعاد غير المعلنة:
بسبب ارتباط السياسات الخارجية المصرية، والسياسيات الخارجية الأردنية بالسياسة الخارجية الأمريكية، وبشروط اتفاقية السلام المصرية- الإسرائيلية، واتفاقية السلام الأردنية- المصرية، فإن اتفاقيات مثلث: الأردن، مصر، كازاخستان، لا يمكن النظر إليها بمنأى عن أمريكا وإسرائيل بل والصحيح هو أن أمريكا وإسرائيل قد لعبتا دوراً كبيراً في تحفيز أطراف هذا المثلث على الانخراط في ترتيبات العلاقات والروابط الثنائية (المتماثلة).
التدقيق في علاقة السياسة الخارجية بالسياسة الداخلية في مصر، وعلاقة السياسة الخارجية بالسياسة الداخلية في الأردن، هو تدقيق يكشف عن البعد الخفي غير المعلن المتعلق بـ(خصوصية) و(طبيعة) هذا المثلث، وذلك وفقاً للمعطيات الآتية:
- تعتمد مصر والأردن بشكل أساسي على مساعدات القمح التي تقوم بتقديمها وكالة المعونة الأمريكية سنوياً للبلدين، وذلك من أجل تغطية العجز والفجوة الغذائية.
- توجد فوائض كبيرة في إنتاج القمح الكازاخستاني.
- تحاول أمريكا تقديم المساعدات الاقتصادية عبر الأساليب غير المباشرة مع كازاخستان.
وعلى خلفية هذه المعطيات فإن قراءة ترتيبات التعاون التجاري بين أطراف المثلث، تقوم على المعادلة الآتية:
تستلم الأردن ومصر حصة القمح التي تقررها وكالة المعونة الأمريكية، من كازاخستان، وبالمقابل تقوم كازاخستان باستلام قيمة القمح من أمريكا.
ولما كانت مصر والأردن لا تستطيعان الاستغناء عن القمح المقدم بواسطة المعونة الأمريكية، ولما كانت كازاخستان بأمس الحاجة لبيع فوائضها الزراعية، فإن دخول أمريكا كوسطي غير مباشر، سوف يؤمن لكازاخستان تصريف منتجاتها، إضافة إلى أنه يؤمن لـ(الشركات اليهودية) التي تسيطر على تجارة الصادرات والواردات المزيد من الأرباح والأعمال والأنشطة التجارية بما يترتب عليه قيام هذه الشركات بتعزيز نفوذها على مفاصل الاقتصاد الكازاخستاني.
الجوانب الأخرى المتمثلة في التعاون الثنائي بين الأردن وكازاخستان في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب، هو أمر سوف يصب في النهاية في مصلحة أمريكا وإسرائيل، وذلك لأن المعلومات التي تقدمها كازاخستان للأردن ومصر، بالضرورة سيتم تبادلها مع إسرائيل والولايات المتحدة.
• الولايات المتحدة- إسرائيل.. استراتيجية الاقتراب (غير المباشر) من روسيا وآسيا الوسطى والصين:
إن وجود جالية يهودية قوية اقتصادياً ومالياً وتجارياً في كازاخستان سوف يتيح لإسرائيل بناء لوبي إسرائيلي قوي في منطقة آسيا الوسطى، يستطيع التأثير على عملية صنع القرار الكازاخي، والتجسس على كل الدول المتاخمة لكازاخستان، وبالذات روسيا والصين. وتقول المعلومات بأن قومية الايغور الإسلامية السنية المتشددة، والتي يبلغ عددها الإجمالي 150 مليون وتقطن في مقاطعة سيكيانج غرب الصين، سوف تكون هدفاً للعمليات السرية الأمريكية القادمة التي تستهدف إثارة الاضطرابات في غرب الصين. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الحركات الأصولية الايغورية تقوم حالياً بتفعيل أنشطتها السياسية في الأراضي الكازاخستانية.
إن مثلث العلاقات الأردنية- المصرية- الكازاخستانية، يهدف إلى توريط كازاخستان في مصيدة المبادلات والبروتوكولات الاقتصادية التي تشرف عليها وكالة المعونة الأمريكية، إضافة على توريط كازاخستان بشكل غير مباشر، وعبر حلفاء أمريكا مصر والأردن في روابط أمنية- استخباراتية، تصب في نهاية المطاف في مصلحة الموساد الإسرائيلي ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وفي الوقت نفسه دون أن يسبب ذلك حرجاً لـ(روابط كازاخستان الخاصة مع روسيا ودول آسيا الوسطى المجاورة لها).
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد