الأحمد يتحدث عن برنامج مؤسسة السينما في احتفالية دمشق عاصمة للثقافة
حاول الناقد السينمائي محمد الأحمد، منذ مجيئه في بداية عام 2001 لإدارة المؤسسة العامة للسينما، تحريك الحالة السينمائية في سورية، عبر مجموعة من التحديثات تمكنت المؤسسة من انجازها على صعيد القوانين والتشريعات وتحديث المعامل ودفع عملية الانتاج السينمائي ومهرجان دمشق السينمائية وتحديث الصالات التابعة لها واقامة التظاهرات والاسابيع السينمائية المهمة وغيرها من النشاطات من اجل تطوير وبلورة المشروع السينمائي الوطني.. التقيناه في هذا الحوار لاضاءة الجديد في هذا النشاط :
< هل يمكن ان توجز لنا ما قدمته المؤسسة العامة للسينما في السنوات السابقة؟.
<< تم في الأعوام السبعة الفائتة تطبيق مجموعة من القرارات والاجراءات التي وضعناها كفريق عمل للمؤسسة للنهوض بالصناعة السينمائية الوطنية من أهمها: دفع عملية الانتاج السينمائي وزيادة كم الافلام المنتجة بحيث اننا في سنوات معينة كنا ننتج حوالي 3 افلام روائية طويلة في الوقت الذي كان كم الافلام قبل عام 2000 لايتجاوز الفيلم كل عامين . عبر هذه الانتاجات تمكنا من اكتشاف وجوه جديدة كانت تخوض تجربة الاخراج للمرة الاولى كما حصل مع واحة الراهب ونضال الدبس واستمر المخرجون الذين لمعوا في الثمانينيات والتسعينيات بتحقيق افلام جديدة نذكر منهم : اسامة محمد وسمير ذكرى وعبد اللطيف عبد الحميد وغسان شميط وريمون بطرس وماهر كدو، يضاف الى ذلك باننا انتهجنا تجربة الانتاج المشترك فكان فيلم صندوق الدنيا لأسامة محمد مشاركة هامة في مهرجان كان السينمائي الدولي حيث تم اختياره في البرنامج الرسمي للمهرجان كواحد من اربعين فيلماً تم اختيارها من العالم أجمع، كذلك خاضت المؤسسة تجربة الانتاج المشترك مع القطاع الخاص للمرة الاولى عبر تاريخ عملها عبر فيلم " قمران وزيتونة " وخضنا ايضاً تجربة الانتاج المشترك مع شركة من القطاع الخاص لتحقيق فيلم رسوم متحركة طويل بعنوان " خيط الحياة " حاز الذهبية في مهرجان القاهرة منتزعاً الجائزة من دول عريقة في صناعة الرسوم المتحركة مثل اليابان وفرنسا والصين والولايات المتحدة، ناهيك عن تجربة الافلام القصيرة التي أقدمت عليها المؤسسة مانحة الفرص لشبان جدد ليسوا موظفين بالمؤسسة أو ممن أوفدتهم المؤسسة للدراسة في الخارج مستندين في ذلك الى قناعة أن المؤسسة هي الحاضنة الوحيدة في بلدهم كذلك فيما يتعلق بالانتاج أطلقنا تجربة التصوير الرقمي " تقنية الديجيتال " ونفخه لاحقاً الى شريط 35 مم وهو الاسلوب الحديث المتبع على الساحة السينمائية العالمية والهدف منه توفير الانتاج ومنح فرص عمل أكثر لمن ينتظرون الدور وكانت تجربتان مهمتان أساسهما عمل أدبي شهير " حسيبة " من اخراج ريمون بطرس عن رواية لخيري الذهبي ، و " دمشق يابسمة الاحزان " لماهر كدو عن رواية للاديبة الراحلة الفة الادلبي . كذلك هنا نشير الى تجربة سينما الفيلم القصير الاول التي تنوي المؤسسة اطلاقها مع بداية العام القادم وهي تتمثل في تبني مشاريع سينمائية قليلة التكلفة لشبان جدد تواقين لاخراج ما يعتمل في داخلياتهم من أفكار ورؤى نحن نستند في هذا الى حقيقة بأن هذا المشروع كفيل باكتشاف وجوه واعدة ستسهم مستقبلا في رفد السينما السورية بلغات سينمائية متميزة .
< ما هو الجديد بمهرجان دمشق السينمائي مع تحوله سنوياً ؟
<< بالنسبة لمهرجان دمشق السينمائي، نجحنا مع دخول ألفية جديدة بتحويل المهرجان من اقليمي مرتبط بسينما آسيا والوطن العربي وامريكا اللاتينية الى مهرجان دولي يحتفل بكل سينمات العالم ، نجحنا في نقله من مهرجان يقام كل عامين الى مهرجان يقام كل عام ، كان في السابق يقتصر على عرض 50 أو 60 فيلماً ، وهو اليوم يعرض قرابة 500 فيلم . كما حصل في الدورات الثلاثة السابقة . نجحنا في استقدام أفلام رفيعة المستوى وشخصيات سينمائية مميزة ، وتوزيع كم كبير من الكتب التي تصدر ضمن سلسلة الفن السابع وهي اليوم بعرف وقناعة العاملين بالفن السينمائي تعتبر الاهم ، تمكنا ايضا من وضع برمجة للعروض لا تتغير طيلة زمن المهرجان وكذلك اقامة ندوات شديدة التميز شارك فيها سينمائيون عرب واجانب مشهود لهم .. الغاية من مهرجان دمشق ليس فقط عرض افلام ، ولا احداث ضجة اعلامية، الغاية الرئيسية هي تعريف هذه الشخصيات التي تأتينا بالشخصية السورية وبحضارتنا وقيمنا وبالأمان الذي نعيشه، وكل هذا يشكل لهم مخزوناً يكتبون عنه حين عودتهم في كبريات الدوريات التي ينشرون فيها . الغاية مزيد من الاتصالات عبر المهرجان بوجود هذه الشخصيات الهامة لنشر الفيلم السوري وتسويقه في مهرجانات دولية لاتزال أبوابها موصدة في وجه الفيلم العربي عموماً .
< ماذا عن الفعاليات التي ستضمها الدورة القادمة للمهرجان؟.
<< في الدورة القادمة التي ستكون في الفترة بين 1 - 10 تشرين الثاني القادم قمنا بتجهيز مجموعة من الترتيبات التي نتوقع بأنها ستؤدي لمهرجان كبير، لدينا : المسابقة الرسمية للفيلم الطويل والمسابقة الرسمية للفيلم القصير، والبرنامج الرسمي الذي يشتمل على مجموعة من الافلام الكبيرة التي ستعرض خارج المسابقة الرسمية، تظاهرة للمخرج السوري العالمي مصطفى العقاد تضم بالاضافة لفيلميه الرسالة وعمر المختار مجموعة من افلام سلسلة هالوين، تكريم سينما دريد لحام ونهاد قلعي ، تظاهرة السينما التسجيلية السورية احتفاء بهذه الافلام التي تشكل ذاكرة بأكملها ، ذاكرة السينما العالمية "الدرر الثمينة" تحتوي على 20 عنواناً من سينمات مختلفة شكلت تيارات واتجاهات عظيمة في السينما العالمية، وتظاهرة للنجمة الالمانية مارلين ديتريش التي احتفل بها مهرجان برلين هذا العام، تظاهرة مقهى القارات الخمس، تظاهرة سينما الأطفال والمرأة، تظاهرة تقام لأول مرة في العالم العربي احتفاءً بالمخرج السويدي انغمار بريغمان تضم 17 فيلماً من روائعه، تظاهرة خاصة بالمخرج أندريه تاركوفسكي تضم افلامه السبعة التي اخرجها تحية إلى تاريخ استديو موسفيلم العريق الذي انتج مئات الافلام الروسية المهمة، الاحتفال بأفلام المؤسسة المصرية للسينما هذه المؤسسة التي غابت الى غير رجعة وحققت عناوين ماثلة في الذاكرة ، ولدينا تكريم للسينما الجزائرية بمناسبة اختيار الجزائر عاصمة للثقافة العربية، وتظاهرة المخرج الفرنسي لوي مال، أحد رواد الموجة الجديدة نماذج من السينما الفرنسية الجديدة، إضافة لسوق الفيلم الدولي الذي يضم 50 عنواناً من أحدث ما أخرج في استوديوهات الانتاج العالمي، بالاضافة الى سلسلة الكتب السينمائية التي نحن بصدد انجازها .
اذاً كما ترى مهرجان دمشق السينمائي القادم الذي غدا سنوياً حافل بمجموعة ضخمة من التظاهرات سيجد فيها عشاق السينما ما يشتهون وما يرغبون تلقيه، رئيس لجنة تحكيم الافلام السينمائي الروسي كارن شخنازاروف وستضم مجموعة من الأسماء الهامة مثل السينمائي الايراني مجيد مجيدي، المخرج البلجيكي الشهير جيرار كوربيو الحاصل على اوسكار افضل فيلم اجنبي عن فيلمه فارينيلي، الممثلة الكندية الكسندرا ستيورت نجمة افلام فرانسوا تروفو، الممثلة الفرنسية مايفا باسكالي . من الوطن العربي النجمة المصرية ليلى علوي والنجمة التونسية هند صبري، ومن سورية الناقد والكاتب رفيق الصبان والمخرجة واحة الراهب .
< ماذا عن مشاركة مؤسسة السينما في احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية للعام القادم ؟
<< مهرجان دمشق السينمائي ربما سيكون الحدث الابرز قبل بدء فعاليات دمشق عاصمة الثقافة العربية . سيفصل بين الحدثين شهران، ونحن في هذه المناسبة حضرنا مجموعة من الافلام التي ستعرض عام 2008 : " خارج التغطية " لعبد اللطيف عبد الحميد " ، "سبع دقائق على منتصف الليل"لوليد حريب ، " الهوية " لغسان شميط ، "دمشق يابسمة الاحزان " لماهر كدو ، " حسيبة " لريمون بطرس ، "ايام الضجر " لعبد اللطيف عبد الحميد ايضا . كذلك بعد نجاح تجربة فيلم الرسوم المتحركة " خيط الحياة " بدأنا العمل مع الشركة نفسها بفيلم آخر بعنوان " رحلة اليمام الماسي "وهناك فيلم تسجيلي طويل حققه المخرج السوري المقيم بامريكا زياد حمزة وهو انتاج مشترك . كذلك لدينا مجموعة من العناوين الاخرى من بينها انتاج مشترك مع السينما الصينية يجري الاعداد له . كما ترى سيكون لدينا حوالي عشرة افلام طويلة وكلها بتمويل من المؤسسة العامة للسينما ولم يرصد لها أي شيء من موازنة احتفالية دمشق وسنضعها بتصرف الاحتفالية متى اراد القائمون عليها لبرمجتها.
< لأية درجة النهوض بالواقع السينمائي الوطني ملقى على كاهل المؤسسة العامة للسينما.. وهل هناك رؤية للتعاون مع القطاعات الاخرى في هذا المجال ؟
<< اعود وأكرر بأنني حين اطلع على بعض المقابلات التي يجريها بعض الزملاء من ممثلين ومخرجين وكتاب وعاملين في الحقل السينمائي الذي يضمنا جميعا ألمس بعض اللوم الملقى على كاهل المؤسسة . انها فرصة لأعود واكرر بأن السينما الوطنية كمشروع كلي متكامل " انشاء صالات، طباعة كتب، انتاج افلام طويلة وقصيرة اصدار مجلات متخصصة اقامة وتحقيق اسابيع سينمائية مع البعثات الدبلوماسية المتواجدة في القطر استيراد معدات " لايمكن أن يلقى بالكامل على كاهل المؤسسة لوحدها، ولا توجد مؤسسة سينمائية بالكون قادرة على القيام بذلك . المؤسسة العامة - وهذا الكلام ليس دفاعا عنها ولا تنصلا من أية مسؤولية - تقوم بدورها بشكل كامل وربما بشكل يزيد من طاقتها ضمن الميزانية المتواضعة التي ترصد لها . . اعتقد ان المشروع السينمائي الوطني يجب ان يتحقق له ما تحقق للدراما التلفزيونية حين نهض القطاع الخاص ودخل مع الهيئة العامة للتلفزيون بانتاج مشترك . وضرورة أن تدعم وزارة الاعلام الانتاج السينمائي كما حصل في اوروبا، فلوقف طغيان الفيلم الامريكي وتسيده واختناق الفيلم الاوروبي قامت المحطات التلفزيونية بدعم الانتاج الاوروبي ووضع خطة للنهوض به كي لا تتم حالة الاختناق بشكل كامل لذلك يندر أن ترى فيلماً اوروبياً بديعاً الا وقد مولته محطات تلفزيونية متخصصة . نحن لا يتحقق لنا شيء من هذا ونعمل كأننا يجب أن نواجه المصاعب بمفردنا، ومن هنا أقول: إن المؤسسة تستطيع المساهمة بتطوير وبلورة المشروع السينمائي الوطني ولكن في الوقت نفسه هي بحاجة لتآزر ودعم من هيئات حكومية اخرى ومن الشركات الخاصة . يتحدثون عن " غرفة صناعة السينما " وأتوجه لجميع الاصدقاء فيها، ماذا قدموا للسينما منذ تم انشاء هذه الغرفة قبل عشرين عاما..؟ المؤسسة مهما قيل ومهما اراد البعض زجها في حالة تقصير أو ملامة تقدم بمفردها الحالة السينمائية وتنشر السينما السورية وتحدث الصالات السينمائية التابعة لها بعد أن عزف اصحاب الصالات في القطاع الخاص عن تحديث صالاتهم بالرغم من كافة القوانين والمراسيم التي حققتها المؤسسة لهم على امل ضخ دماء جديدة في هذه الصالات ولكن دونما تحرك يذكر من قبلهم . في الوقت الذي ينتقدنا فيه البعض ويحاول ان يقلل من اهمية ما ننجزه في المؤسسة نقول اننا ما زلنا مصرين على أن هناك سينما سورية وجهداً سينمائياً سورياً في كل المجالات، والتي هي تتحقق بدعم من السيد وزير الثقافة الذي يؤازرنا في كل ما نطلبه مؤازرة كفيلة بتحقيق المشروع السينمائي الوطني الذي نبتغيه .
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد