الأنظار الفلسطينية تتجه الى مكة فيما غزة تحترق
الأنظار الفلسطينية باتت متجهة إلى مدينة مكة السعودية، التي تستضيف الثلاثاء المقبل لقاء “قمة” بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل، علها تنجح في إخراج الساحة الداخلية من أزمتها الدموية، التي أدت أمس إلى سقوط 19 قتيلاً جديداً، لترفع عدد قتلى مواجهات اليومين الماضيين إلى 25 ومهم 250 جريحاً .
وأشارت مصادر فلسطينية إلى أن أجواء إيجابية تحيط بلقاء عباس ومشعل، وسط توقعات أن يخرج اجتماع الزعيمين باتفاق شامل على حكومة وحدة وطنية.
وبالتوازي مع العنف الداخلي الفلسطيني، كانت “اللجنة الرباعية” تبحث في واشنطن، خلال اجتماع عقد على مستوى وزراء الخارجية، استئناف عملية السلام على الطريقة الأميركية، والاستمرار في تجاهل الحكومة الفلسطينية، التي تقودها “حماس”، من دون أن ترفع الحصار عن الشعب الفلسطيني.
واتفق المجتمعون على دعم الخطة الأميركية، على أن تجتمع اللجنة في برلين بعد لقاء عباس ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت منتصف الشهر الجاري.
ورغم تخصيص اجتماع “الرباعية” لبحث القضية الفلسطينية، لم تنس رايس انتقاد سوريا بمطالبتها “بتنفيذ ما هو مطلوب منها”، من دون تحديد ذلك باعتبار “أن سوريا تعرفه”.
أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فحاول طرح النظرة الروسية للأزمة في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن “الرباعية” ليس هدفها حل القضية الفلسطينية بمعزل عن باقي قضايا المنطقة.
كما أعلن مصدر فلسطيني رسمي أن الرئيس محمود عباس اجتمع أمس مع لجنة الانتخابات المركزية في رام الله. ولم يعرف إن كان اللقاء يعني أن عباس حسم أمره تجاه الذهاب إلى الانتخابات التي تراها حركة “حماس” “وصفة للحرب الأهلية”، أم أنه مجرد اجتماع للتشاور في الاستعدادت لهذه العملية.
وقد سقط 19 فلسطينياً أمس ضحايا جدداً للفتنة الداخلية الفلسطينية، وامتدت شرارة الصدامات الدموية بين مناصري “فتح” و“حماس” لتشمل مناطق عديدة في قطاع غزة، وتركزت في عدد من أحياء مدينة غزة وفي محيط الجامعة الإسلامية، بعدما اقتحمت قوات كبيرة من حرس الرئاسة وقوات الـ17 وجهازي الأمن الوقائي والأمن الوطني، مقر الجامعة، أحد المعاقل الرئيسية لحركة “حماس”، وأضرموا النار في مبانٍ فيها، واستولوا على أجهزة ومعدات.
وقال سكان في المنطقة وشهود عيان إن قوات الأمن احتلت مجمّع الوزارات الحكومية المحاذي للجامعة الإسلامية واستخدمت مبان عديدة لإطلاق النار والقذائف في اتجاه الجامعة خلال عملية الاقتحام.
وتمكنت عناصر من القوة التنفيذية و“كتائب القسام” من طرد عناصر الأجهزة الأمنية من داخل الجامعة بعد معركة عنيفة استمرت لساعات، قبل أن تعاود الأجهزة الأمنية اقتحام الجامعة مجدداً.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة إن العشرات من منتسبي الأجهزة الأمنية الموالية لعباس اعتقلوا من منازلهم، فيما احتجز عدد منهم داخل المواقع، بعدما أعلنوا التمرد والعصيان على أوامر إطلاق النار والمشاركة في مهمة اقتحام الجامعة الإسلامية، والاشتباكات المسلحة.
ونقلت مواقع إخبارية مقربة من حركة “حماس” عن مصادر، وصفتها بأنها “مطلعة”، أنه أُعدم اثنان من المتمردين وأُلصقت التهمة بـ“حماس”، في محاولة لقمع حركة التمرد داخل صفوف الأجهزة الأمنية، فيما أُخضع عدد كبير للتحقيق والتعذيب واتهموا بأنهم “جواسيس” لـ“حماس”.
وسيطرت القوة التنفيذية وكتائب القسام على مواقع أمنية في شمال القطاع، بينما أحرق مجهولون مقر جامعة القدس المفتوحة في غزة، رداً على ما يبدو على اقتحام الجامعة الإسلامية.
واتهم مصدر مسؤول في جهاز المخابرات العامة كتائب القسام والقوة التنفيذية بقتل قائد الجهاز في شمال القطاع العميد عبد القادر سليم (55 عاماً)، إثر إطلاق ثلاث قذائف صاروخية على مقر الجهاز.
وفي بلدة عبسان شرقي مدينة خان يونس، جنوب القطاع، قتل أيمن النجار (26 عاماً) وأصيب 10 آخرون في صدامات عنيفة لفك حصار عناصر من الأجهزة الأمنية وحركة “فتح” لمسجد الشهيد إسماعيل أبو شنب في البلدة.
وأفاد مسؤول في أمن الرئاسة الفلسطينية الجمعة بأن ما بين أربعين وخمسين من المنتسبين الجدد لأمن الرئاسة أُصيبوا في هجوم بالقذائف قال إن «حماس» نفذته على موقع تدريب جنوب غرب مدينة غزة.
وقال شخص يدعى عرفات أبو إياد من شرفته المطلة على المباني المشتعلة “غزة تحترق”.
وفي الضفة الغربية، أفاد مصدر أمني فلسطيني بأن مسلحين ملثمين اختطفوا اثنين من قادة حركة “حماس” في مدينة جنين شمال الضفة الغربية.
في هذا الوقت، دعا عباس من رام الله إلى وقف المعارك “فوراً”. وقال إنه على “جميع الأطراف في غزة أن تتوقف فوراً عن هذه الأعمال التي تضر بمصالح الشعب الفلسطيني”.
وأعلن القيادي في حركة “حماس”، نزار ريان، مساء أمس، أنه تم الاتفاق خلال اجتماع بين ممثلين عن حركتي “فتح” و“حماس” بحضور الوفد الأمني المصري وإثر اتصال بين عباس ومشعل، على “وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء التوتر” في قطاع غزة.
وجاء تصريح ريان إثر جلسة ثانية عقدت بين ممثلين عن “فتح” و“حماس” بحضور الوفد الأمني المصري برئاسة اللواء برهان حماد ووزير الداخلية سعيد صيام والمدير العام للأمن الداخلي رشيد أبو شباك.
وقال ريان: “تم الاتفاق على وقف فوري لإطلاق النار”، مضيفاً: “خلال اللقاء، اتصل مشعل وتحدث إلى المجتمعين وقال إنه اتفق مع عباس خلال اتصال هاتفي على وقف فوري لإطلاق النار وإنهما يباركان ما تم الاتفاق عليه ويشددان على ضرورة إنهاء التوتر على الأرض”.
وأضاف ريان أنه “تم الاتفاق أيضاً على عقد لقاء آخر السبت (اليوم) لإتمام الآليات الخاصة لتنفيذ الاتفاق لضمان تهدئة حقيقية ووقف فوري جدي لإطلاق النار وإنهاء مسبباته”.
وأفاد مصدر أمني في غزة وشهود عيان بأن الوفد الأمني المصري تعرض “لإطلاق نار كثيف”، من دون تسجيل وقوع إصابات.
كما أعلن المتحدث باسم حركة “فتح”، عبد الحكيم عوض، أن ثلاثة من مرافقي المسؤولين في الحركة، ممن شاركوا في اجتماع مع “حماس”، أصيبوا بجروح عندما تعرض موكبهم لإطلاق النار. وأضاف عوض، الذي كان ضمن وفد “فتح” مع القياديين في الحركة نفسها سمير مشهراوي وأحمد حلس،“أن السيارتين اللتين كانتا تقلان المسؤولين في فتح أصيبت بنحو عشرين رصاصة وأن أحد الجرحى في حال الخطر”.
وطالب رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية الإدارة الأميركية برفع يدها عن الشعب الفلسطيني كي لا يقع في حرب أهلية، مشيراً إلى أن ضغوط أميركا وإسرائيل وتدخلاتهما “السافرة” لمنع قيام حكومة وحدة وطنية انطلاقاً من الرؤية الفلسطينية، هي سبب استمرار التوتر على الساحة الفلسطينية.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد