التوبة المتأخرة للإعلام المصري الرسمي

13-02-2011

التوبة المتأخرة للإعلام المصري الرسمي

غيّرت الصحف الحكوميّة المصريّة مواقفها بصورة جذرية، فبعد استمرارها في وصف المتظاهرين، منذ بداية الثورة، بـ «شرذمة ضالّة تحركها أجندات أجنبية مدفوعة من أميركا وإيران وإسرائيل وحزب الله وحماس.. إلى غيره»، تحوّل هؤلاء على صفحاتها، بعد سقوط نظام حسني مبارك، إلى «ثوار نبلاء». الصفحة الأولى من «الأهرام» كما صدرت أمس
وفيما كان نائب الرئيس عمر سليمان يذيع خبر تنحّي مبارك، كانت الصحف الرسميّة تحاول لاهثة اللحاق بركب الثورة. وقد عنونت صحيفة «الأهرام» في صفحتها الأولى، أمس، «الشعب أسقط النظام»، ولم تتوان عن إصدار ملحق خاص تحت اسم «ثوار التحرير».
و«الأهرام» نفسها كانت قد تجاهلت طيلة أيام الثورة بلطجة وقمع النظام للمتظاهرين في ميدان التحرير وسط القاهرة، مفردة صفحات كاملة لدعمه. وخير مثال يتجلّى في تغطيتها ليوم 3 شباط، يوم الدعوة المليونية للاعتصام في ميدان التحرير، حيث خصصت «الأهرام» صفحات بأكملها لـ «الملايين يخرجون تأييداً لمبارك»!، متجاهلة مرة أخرى المتظاهرين في الميدان وبلطجة النظام بحقهم.
من جهة أخرى، وفي مقال بعنوان «لا لجيل الثلاثينيات»، انتقدت الصحيفة الرسميّة، في عددها أمس، سليمان والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي لإعلانهم في أوقات مختلفة استعدادهم قيادة البلاد. وقالت إن «كل الوجوه التي احتلت السياسة الرسمية لسنوات طويلة عليها أن تصمت إلى الأبد».
وإلى جانب «الأهرام»، رحّبت صحيفة «الجمهورية» الرسميّة بـ«المرحلة الجديدة التي دشنها تنحي حسني مبارك عن الرئاسة». وعنونت «مبارك يتنحى والجيش يحكم»، و«انتصرت ثورة 25 يناير»، و«القوات المسلحة تحيي مبارك على ما قدمه للبلاد حربا وسلما، وتؤكد أنها ليست بديلا للشرعية».
وتناولت افتتاحية «الجمهورية»، بعنوان «70 مليارا؟»، المعلومات التي تحدثت عن امتلاك مبارك وأسرته 70 مليار دولار. وقالت «بغض النظر عن صحة هذا الأمر فان شعبية مبارك التي قامت على انه نصير محدودي الدخل والفقراء، تحطمت».
والفكرة ذاتها كررتها صحيفة «أخبار اليوم» الحكومية أيضا، فعنونت «ورحل مبارك.. قواتنا المسلحة: أنا الشعب».
ولم يكن الإعلام المرئي، بدوره، بعيداً عن هذا الانقلاب المفاجئ، وإن كانت مؤشرات التشرذم بين صفوفه ومحاولة الارتداد عن مواقفه الأولى قد ظهرت قبل فترة قصيرة على سقوط مبارك، فخرج في بيان هنأ فيه الشعب والجيش على نجاح «الثورة العظيمة». وقال إن «اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري يهنئ الشعب المصري بثورته العظيمة التي قادها خيرة شباب مصر، ويقدم كل التحيات للقوات المسلحة لدورها العظيم في حماية الثورة وحفظ الوطن والمواطنين». كما تعهد الاتحاد أن يكون «أمينا في رسالته».
ويأتي هذا الموقف، بعد سلسلة من التهديدات تلقاها التلفزيون من المتظاهرين نتيجة تغطيته المنحازة لتظاهرات «25 يناير»، أبرزها كان الطوق الذي احكمه المتظاهرون أمس الأول حول مبنى الإذاعة والتلفزيون مانعين موظفيه من الدخول إليه أو الخروج منه.
وفي سياق متصل، تجمّع، أمس، عشرات الصحافيين في «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية احتجاجا على أسلوبها في تغطية الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم مبارك وطالبوا بسحب الثقة من إدارة الوكالة.
ووقع حوالى 30 صحافيا على بيان يستنكر «الموقف المشين» الذي اتخذته الوكالة من تغطية أحداث الثورة واتهامها بتزييف ثورة الشارع المصري «ما أدى لاهانتنا وتشويه موقفنا كصحافيين وإفقاد الوكالة مصداقيتها المهنية داخلياً وخارجيا».


المصدر: «السفير»+ أ ف ب

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...