الحرب السورية والموارد المائية: جردة حساب
في وقتٍ كانت التغيّرات المناخيّة القاسية تمثّل أبرز التحدّيات والصعوبات التي تواجه المجتمع السوري بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، وزيادة تبخّر المياه، وانخفاض معدّل هطول الأمطار وما رافقها من أزمات جفاف متتالية، جاءت الحرب السوريّة بمثابة ضربة كبيرة في قطاع المياه السوري بسبب ما خلّفت، لغاية الآن، من آثار «كارثيّة» في هذا القطاع.
في جردة حساب سريعة للأضرار المباشرة للحرب السوريّة على قطاع المياه، يذكر مدير الموارد المائيّة، الدكتور سامر أحمد، «تفجير آبار في السويداء، تخريب محطّات ضخّ اليرموك الأعلى (1،2،3،4) في درعا، تخريب مبنى مديريّة الموارد المائيّة ومراكز الاستثمار في درعا، تخريب تجهيزات القاس والمراقبة لسدّ برادون في اللاذقيّة، تخريب المبنى الإداري لمديريّة الموارد المائيّة في حلب، أضرار كبيرة في مبنى الموارد المائيّة وسرقة كل المواد من مبنى استثمار السدود في الحسكة، تخريب منشآت آبار راس العين الحكوميّة التي تمثّل مصدراً رئيسيّاً لمياه الشرب في الحسكة، تخريب كل منشآت الريّ في إدلب والغاب، وتخريب تجهيزات سدّ زيزون في حماة ومنشآت الري في القنيطرة والغوطة ومحطة المعالجة في عدرا ومحطة الضخّ في ريف دمشق، إضافة إلى تخريب محطّات الرصد المناخيّة في معظم المحافظات السوريّة، وعلى رأسها ريف دمشق والسويداء».
إضافةً إلى ما سبق، يسوق مدير الموارد المائيّة مجموعةً أخرى من الأضرار ساهمت بتفاقم أزمة المياه، منها على سبيل المثال: «هروب المياه من حوض اليرموك باتّجاه الأراضي المحتلّة والأراضي الأردنيّة - خاصة إلى سد الوحدة الأردني بسبب تخريب محطات ضخّ اليرموك الأعلى - الأمر الذي يؤثّر على إملاء السدود في محافظتي القنيطرة ودرعا، وهو ما أضرّ تالياً بالمحاصيل المرويّة في هذه المنطقة، إضافة إلى التأخّر في تنفيذ المشاريع المائيّة التي كانت قائمة في سوريا قبل اندلاع الحرب كمشروع آبار السويداء، ومشروع نهر دجلة، ومشروع نقل مياه الفرات إلى تدمر والمدينة الصناعيّة بحسياء ومصفاة الفرقلس، وعدم استكمال إتمام مشاريع بناء تسعة سدود في حمص وإدلب وحماة واللاذقية وحلب».
كذلك، ساهمت الأضرار الكبيرة في شبكات المياه من جهة، وخروج مناطق عديدة عن سيطرة الحكومة من جهة أخرى، بانتشار ظاهرة حفر الآبار العشوائي، أو استجرار المياه الجوفيّة بشكل غير مدروس، الأمر الذي أدّى إلى استنزاف كبير لمخزون سوريا من المياه الجوفيّة التي تمثّل «ثروة وطنيّة يصعب تعويضها»، وفق تعبير مدير الموارد المائيّة.
وتقدّر وزارة الموارد المائيّة الخسائر الناجمة عن الحرب، حتى الآن، بنحو 74 مليار ليرة سوريّة (يصعب تحديد قيمتها الفعليّة بالدولار بدقة كونها قيمة تراكميّة في ظلّ الارتفاع المتواصل لسعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، إلّا أنَّ القيمة بالتأكيد تتجاوز النصف مليار دولار). كما قُتل نحو 250 عاملاً وعاملة في الوزارة، تمّ تسجيلهم كـ «شهداء»، وتعرّض أكثر من 60 عاملاً للإصابة، وخطف أكثر من 70 آخرين.
مطلع العام الحالي، أعلنت وزارة الموارد المائيّة عمّا أسمته «خطة طوارئ» لحل أزمات المياه المتتالية. وذكر وزير الموارد المائيّة، الدكتور كمال الشيخة، أنَّه «تمّ تأمين المصادر المائيّة في التجمّعات السكانيّة لأكثر من 10 آلاف مشترك من خلال مصدر مائي احتياطي، وحصر الآبار العائدة لكلّ الجهات العامة والخاصة ضمن المدينة وربطها بالشبكة العامة. ولحظ تجهيزات لتقسيم تزويد المشتركين في الشبكة بما يضمن أعلى كفاءة وأقلّ نسبة ضياعات، إضافةً إلى زيادة الطاقة التخزينية الموضعية (خزانات الطوارئ) وتزويد المدن التي تقع بجوار مصادر مائيّة سطحية بوحدات تنقية متنقلة».
ولتنفيذ خطة الطوارئ، تمّ ربط محطّات الضخّ بتغذية كهربائيّة مستقلّة عن محطات التحويل ورفد محطّات الضخّ بمجموعات توليد احتياطيّة وخزانات للوقود، حيث بلغ عدد المجموعات الاحتياطيّة للتوليد الخاصة بمياه الشرب 1800 مجموعة احتياطيّة تحتاج إلى 7.5 ملايين ليتر من المازوت شهرياً.
كذلك، تساعد المنظّمات الدوليّة في عمليّات حفر وتجهيز الآبار، وتقديم بعض مجموعات التوليد الاحتياطيّة، ووحدات تنقية المياه، وتجهيزات مواد التعقيم والصيانة وقطع التبديل، وتركيب خزانات الطوارئ، وتمويل حاجة مجموعات التوليد من المحروقات في بعض المحافظات. وبلغ إجمالي إنفاق المنظمات المانحة لقطاع المياه، خلال العام الماضي، حوالي 19.7 مليار ليرة، وفق وزارة الموارد المائية.
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد