الخاصرة الرخوة

10-10-2017

الخاصرة الرخوة

مع اندلاع الأزمة السورية انكبت جهات خارجية أميركية أوروبية وحتى بعض دول الخليج العربي للبحث عن الساحاتالخاصرة الرخوة والسبل الآيلة إلى تأمين المناخات السياسية والإعلامية وحتى العسكرية وتسخيرها واستثمارها بسرعة مع جميع المستلزمات التي تكفل تحقيق هدف أعداء سورية ألا وهو إسقاط النظام السوري.

ولطالما كانت الساحة اللبنانية توصف بأنها الخاصرة الرخوة لسورية فوقع الاختيار عليها لاستخدام معظم الوسائل الإعلامية والسياسية فيها وإطلاق شعارات مستفزة وبث معلومات كاذبة إضافة إلى عمليات تهريب السلاح وإنشاء الخلايا وتأمين مراكز الاجتماعات وحتى في تجنيد العديد من الشبان اللبنانيين وغير اللبنانيين للمشاركة في المعارك الدائرة في سورية تحت مسمى الجهاد لإسقاط النظام السوري، وذلك لتحقيق مآرب وأهداف وضعت لخدمة أميركا والعدو “الإسرائيلي” مع العلم المسبق بمدى سرعة تأثر الساحة اللبنانية طبقاً لمجريات بالأحداث الإقليمية.

هنا ظهر الانقسام على الساحة اللبنانية بين ساعٍ ومؤيد لإسقاط النظام في سورية وبين مدافع عن سورية ممانعاً كل محاولات تقسيمها مدافعاً عن وحدة أراضيها معلناً تحالفه الإستراتيجي مع سورية.

المؤيدون لمشروع إسقاط سورية يشهد التاريخ على تعاملهم مع العدو “الإسرائيلي” ومع أجهزة المخابرات الأميركية والانصياع لأوامر دول التمويل عربية كانت أم أجنبية، فهؤلاء لا هم لهم سوى الحصول على المال والاجتهاد في تهيئة المناخات المؤدية إلى تأمين كل مستلزمات تنفيذ المشروع الأميركي الصهيوني المسمى الشرق الأوسط الجديد، ولو كان على حساب السيادة الوطنية، فجعلوا من الساحة اللبنانية مقراً وممراً ومستقراً للتنظيمات المتطرفة الممولة خليجياً من أجل إسقاط النظام والدولة السورية.

أمام هذا الانقسام على الساحة اللبنانية وخوفاً من انفجار لبنان وخسارة ورقة الساحة اللبنانية، تم ابتداع شعار النأي بالنفس، بيد أن ممارسات بعض الجهات اللبنانية المؤيدة لتنفيذ المؤامرة على سورية كانت ولم تزل مستمرة في استعمال الساحة اللبنانية منصة للتخريب على سورية، فعقارب ساعة بعض الساسة في لبنان ضبطت على موعد إسقاط النظام السوري، فبعض المراهنين أعطى مواعيد محددة لرحيل الرئيس بشار الأسد ولجوئه إلى خارج سورية.

رئيس الوزراء سعد الحريري كبير المؤيدين لإسقاط نظام سورية، أطلق شعاره الشهير «لن أعود إلى لبنان إلا عبر مطار دمشق الدولي» ومن الفريق عينه هناك من دأب على استعمال منصبه وسلطاته الأمنية محتمياً بحصانته الرسمية السياسية لتسهيل عمليات تهريب الأسلحة عبر موانئ لبنانية إلى سورية بواسطة بواخر أطلق عليها اسم «لطف الله»، ومنهم من تسلل إلى الداخل السوري عبر تركيا منفذاً أوامر مصادر التمويل الخليجي تحت شعار توزيع الحليب والبطانيات للشعب السوري.

البعض أيضاً من أصحاب شعار النأي بالنفس، تنطح ليدعي الحرص على حياة اللاجئين السوريين فأطلق شعاره: لا لعودة اللاجئين إلى سورية إلا بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

مؤخراً قامت الدنيا ولم تقعد احتجاجاً على اجتماع وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل بنائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم في نيويورك فقط لأن الدول الداعمة للفريق المؤيد لإسقاط نظام سورية، لا يريد التواصل والتنسيق مع الحكومة السورية مع العلم أن رئيس هذا الفريق، أي الحريري، تناسى زيارته الشهيرة إلى قصر المهاجرين ونزوله ضيفاً مكرماً محتضناً من دمشق وبات ليلته فيها.

لم نوثق كل ما تقدم من باب المزايدة السياسية بل لكشف وإظهار الدور الذي أنيط بفريق لبناني لتسهيل وتنفيذ المؤامرة على سورية مع سبق الإصرار والترصد، أولئك هم أنفسهم تبوّؤوا مناصب حكومية رفيعة في لبنان، أولئك هم أنفسهم ممن رفع شعار النأي بالنفس وهنا يتبين لنا بالدليل القاطع أن ذاك الشعار لم يكن في يوم من الأيام إلا شعاراً من مجموعة شعارات زائفة استعملت وما تزال للتستر على تنفيذ أجندات ومشاريع لا تصب إلا في مصلحة أميركا وبعض الخليج و “إسرائيل”.

إن صمود سورية أفشل مشروع أصحاب الشعارات الزائفة ما أدى لتوقف عقارب الساعات المضبوطة على موعد رحيل الرئيس الأسد كما أرغم سعد الحريري على العودة إلى لبنان عبر مطار «رفيق الحريري» مطار بيروت الدولي، وليس عبر مطار دمشق الدولي وخسارة المراهنين.

إن المتغيرات الحاصلة على الساحة الدولية والإقرار بانتصار الرئيس الأسد مع الاعتراف باستمرار تماسك الدولة السورية جيشاً وشعباً ومؤسسات، أمر أصاب فريق 14 آذار في لبنان صاحب شعار النأي بالنفس، بحال من الوهن والإحباط وبعثرة التحالفات، وهذا ما جعل المملكة العربية السعودية تدرك خسارة معظم أوراقها على الساحة اللبنانية التي طالما اعتبرتها ساحة مواجهة مع إيران والمقاومة وسورية.

إن خسارة السعودية ساحة لبنان، تعني أن الرياض فقدت السيطرة على أهم الساحات المؤهلة لتنفيذ الأجندة السعودية المتماهية مع الإرادة الأميركية، وهذا الأمر دفع بالرياض إلى توجيه دعوات رسمية للفريق المكتئب صاحب شعار النأي بالنفس، لزيارة السعودية وذلك بهدف استنهاض الساحة اللبنانية من جديد وجعلها ساحة ملتهبة في مواجهة إيران والمقاومة وسورية.

تصريح رئيس الاستخبارات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل الذي أشار فيه إلى أن السعودية لن تقبل ببقاء الرئيس الأسد، وبالإشارة إلى كلام السيد حسن نصر اللـه الذي حذر فيه من مغبة نتائج تلك الزيارات للسعودية، يشي بأن الساحة اللبنانية ستكون بانتظار شعارات جديدة كي تبقى الخاصرة الرخوة لسورية.

المصدر: رفعت البدوي - الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...