الذكرى الخمسون لمجزرة كفر قاسم
افتتحت في كفر قاسم رسميا فعاليات إحياء الذكرى الخمسين للمجزرة تحت شعار "لن نغفر ولن ننسى", ويتزامن الاحتفال مع استعداد الحكومة الإسرائيلية لتعيين أفيغدور ليبرمان الداعي إلى ترحيل فلسطينيي 48 نائبا لرئيس الحكومة وضم حزبه للائتلاف الحكومي.
ووقعت المجزرة أثناء العدوان الثلاثي على مصر وأسفرت عن مقتل 49 مواطنا من أهالي كفر قاسم وأصيب العشرات بجراح. وبينما يتهم فلسطينيو 48 إسرائيل بالتخطيط المسبق للمجزرة, فإن الأخيرة لاتزال ترفض الاعتراف بها والاعتذار منهم.
وقال المؤرخ عادل مناع في محاضرته إن مجزرة كفر قاسم نفذت ضمن خطة تهدف إلى ترحيل فلسطينيي منطقة المثلث بواسطة الترهيب على غرار دير ياسين. ولفت مناع إلى أن البداية تعود لأحداث النكبة حينما اقترفت إسرائيل مجازر كثيرة في قرى داخل أراضي 48 بعد احتلالها كما حصل في قرية مجد الكروم.
ونوه بأن منطقة المثلث لم تحتل وإنما سلمها الأردن لإسرائيل بموجب اتفاقية رودوس عام 1949, لافتا إلى أن الأخيرة لم تحتمل العدد الكبير لسكانها العرب. وأضاف أن "المقاتلين الصهاينة ذاتهم الذين قاتلوا قبل النكبة هم الذين اقترفوا مجزرة كفر قاسم".
وأضاف أن إسرائيل قتلت بين عامي 1949 و1956 ثلاثة آلاف فلسطيني بدم بارد على يد وحدة خاصة بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون عرفت باسم "الوحدة 101".
وأكد مناع أن إثبات وقوع المجزرة لا يحتاج بالضرورة إلى وثائق خطية واتهم مؤسس دولة إسرائيل ديفد بن غوريون بالسعي الدؤوب للتغرير بالمؤرخين عبر إخفاء ما يجب إخفاؤه. وأضاف "عند تنفيذ المجزرة طوقت القوات الإسرائيلية القرية من جهات ثلاث فيما أبقت الجهة الشرقية نحو الضفة الغربية مفتوحة وهذا أيضا يعكس نوايا التهجير".
وللتدليل على أجواء القتل وهيمنة عقلية المجازر والقتل في إسرائيل عشية مذبحة كفر قاسم التي نفذت برأيه وفق خطة للتطهير العرقي ووسط أجواء دموية إرهابية وليس كحادثة كما تزعم المؤسسة الحاكمة, قال مناع "قبل المجزرة نفذت إسرائيل سلسلة مجازر إحداها في 11 سبتمبر/أيلول عام 1956 حيث قام الجيش الإسرائيلي بقتل 20 جنديا أردنيا في هجوم على معسكرهم".
وفي الـ26 من الشهر وفي العام ذاته دخلت قوات إسرائيلية قرية حوسان بقضاء بيت لحم وقتلت 39 من سكانها ضمن عملية انتقام من الفدائيين, أما في 11 أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته فقد دخلت القوات ذاتها مدينة قلقيلية المجاورة لكفر قاسم وقتلت 88 من سكانها.
في المقابل كان المؤرخ هليل كوهين زعم في محاضرته أن المجزرة وقعت نتيجة جريمة اقترفتها مجموعة من حرس الحدود دون أوامر عليا أو خطة مبيتة، لافتا إلى أن ديفد بن غوريون كان طريح فراش المرض يومها، وأضاف أنه "لو كانت هناك خطة لظهرت الوثائق بالأرشيف ثم لماذا في كفر قاسم وليس في قرى مجاورة".
وستشهد القرية الأحد مهرجانا خطابيا بمشاركة منظمات سياسية وثقافية في أراضي 48 لإحياء الذكرى الخمسين بعد إزاحة الستار عن متحف الشهداء في كفر قاسم. وقال المؤرخ مصطفى كبها إن الصحافة الإسرائيلية شاركت المؤسسة الحاكمة في قتل الذكرى ومحوها من ذاكرة فلسطينيي 48 وعرضها كخلل ميداني فقط في ذاكرة الإسرائيليين.
وروى الحاج إسماعيل عقاب بدير أبو عزمي (70 عاما) الناجي من المجزرة بعد إصابته وبتر ساقه، أنه اصطدم بثلاثة جنود ملثمين في مدخل كفر قاسم مساء الاثنين 29 أكتوبر/تشرين الأول 1956 وأوقف الجنود كل من وصل في طابور ولما بلغ الحاجز مواطنه سليم أحمد بدير قالوا له "صف يا كلب.. وما لبث الضابط أن أصدر أمره بالعبرية: احصدوهم وفعلا فتحوا النار علينا وكنت أسمع سليم يصرخ يا أولادي".
وأضاف أن الجنود سارعوا لنقل الجثث من الشارع إلى كرم زيتون, مشيرا إلى أنه تظاهر بالموت بعد إصابته بساقه. وقال "عندها سمعت أحد الجنود يقول عبر جهاز اللاسلكي لقد قتلنا أكثر من عشرين وكان القائد يجيبه: أكملوا.. أكملوا".
وقال أبو عزمي إنه زحف على قدميه ويديه وسط العتمة نحو الجهة الشرقية وتسلق شجرة زيتون ومكث عليها بعد أن لف موقع الجرح بخرقة طيلة يومين. فانتفخت ساقه وبدأت الديدان تخرج منها.
وصباح يوم الخميس نادى سيدة مرت قربه ولم تسمعه بسبب ضعف صوته وعندها رمى بنفسه فأحست به واستدعت أهل البلدة الذين نقلوه إلى المستشفى حيث بترت ساقه.
وديع عواودة
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد