الرئيس الأسد: لم يصرخ الغرب أو عملاؤه إلا عندما صرخ وتألمّ الإرهابي

16-02-2016

الرئيس الأسد: لم يصرخ الغرب أو عملاؤه إلا عندما صرخ وتألمّ الإرهابي

التقى الرئيس بشار الأسد اليوم مجلس نقابة المحامين المركزية والمجالس الفرعية في المحافظات.
وأكد الرئيس الأسد خلال اللقاء الذي نقلته وكالة «سانا» على أهمية النقابات والمنظمات الشعبية كونها تستطيع أن تلعب دوراً أساسياً كجسر بين الحكومة والمجتمع في كثير من القطاعات، مشدداً على أن تفعيل عمل هذه المنظمات فيه فائدة كبيرة للوطن والمواطنين.
وقال الرئيس الأسد إن دور المنظمات لا يقتصر على الدفاع عن الشريحة التي تعبر عنها هذه المنظمة أو تلك، ولا يقتصر فقط على تطوير القطاع الذي تعمل فيه وإنما يتعدّاه إلى التوعية، التوعية بالمعنى الوطني وبالمعنى السياسي، موضحاً أن الأزمة التي تمر بها البلاد بينت بشكل واضح أنه لم يكن لدى البعض وعي كافٍ لمفهوم القانون، وهذا ما يجب العمل من أجل تجاوزه في المرحلة المقبلة.
ولفت سيادته إلى أن الحديث عن الحقوق والقانون يعني عملياً الحديث عن سلامة المجتمع، فعندما يكون هذا القطاع سليماً يكون الوطن سليماً، ويكون قادراً على الدفاع عن المظلومين بشكل أكبر، وهنا تزداد أهمية هذه الشريحة الحقوقية في المجتمع، ولكن من أجل القيام بذلك يجب العمل من أجل تطوير القوانين أو المنظومة القانونية المرتبطة بعمل المحامين والقضاة ومؤسسات الدولة المعنية الأخرى.

الحرب التي نتعرض لها منذ العقود الثلاثة الماضية هي حرب مصطلحات

وقدم السيد الرئيس عرضاً سياسياً تناول فيه آخر المستجدات المتعلقة بالأزمة السورية والمواقف الإقليمية والدولية المتعلقة بها قال فيه:
«الحرب التي نتعرض لها ليس فقط خلال خمس سنوات وإنما على الأقل خلال العقود الثلاثة الماضية، هي حرب مصطلحات، بدأت بشكل واسع مع ظهور الأقمار الاصطناعية، أو المستقبِلات الفضائية، أو الأقنية الفضائية، وتوسّعت مع دخول الانترنت إلى كل منزل وأصبحت هذه الحرب قادرة إلى الوصول بالمصطلحات المشوّهة إلى كل مواطن. هذا الجانب هو الجانب الذي فشلنا فيه كعرب، أثبتنا جهلنا المطلق بموضوع المصطلحات، وكانت تُلقى لنا كالطعم للسمكة ويصطادوننا عبرها. إذا كان هناك نجاحات في سورية خلال العقود الماضية، فكانت بسبب فهمنا على المستوى السياسي لهذه المصطلحات، ولكن بنفس الوقت كنا مقصّرين في سورية على مستوى توعية المواطنين لنفس هذه المصطلحات.
عندما نتحدث في هذه الأزمة ويكون الانقسام في الخطاب السياسي والإعلامي حول الوطنية واللاوطنية ويكون بالنسبة للكثيرين الذين يقفون مع الدولة ومع الوطن، أعني أن خطابهم معادٍ أو مخالفٌ أو مناقض لمصلحة الوطن، فالسبب هو عدم فهم باقي المصطلحات التي يمكن من خلالها أن نصل إلى مفهوم الوطنية أو اللاوطنية. بمعنى، عندما يبدأ أحدهم في بداية الأحداث ويقول: نحن ضد العنف من الطرفين، بكل بساطة هو لا يفرّق بين مفهوم الدولة والإرهابي، لا يعرف ما واجبات الدولة وما واجبات الآخرين، من يحمل السلاح ومن لا يحمل السلاح، من يحق له أن يُطلق النار ومن لا يحق له ذلك… إذا كان لكل مواطن الحق أن يحمل البندقية ويطلق النار تحت عناوين قد تبدو محقّة في بعض الأحيان… بالتالي هذا يعني أن أي مواطن يحقّ له أن يفتح مكتباً ويُعطي أختاماً ويمنح رخصاً تقوم بها الدولة.. وأي شخص آخر يفتح مكتباً لتنظيم السير.. يعني تصبح الأمور فوضى.. السبب هو عدم وجود وعي لكثير من المصطلحات.. كيف نميّز بين الدولة والحكومة.. كثير من الناس لم تكن تميّز بين مفهوم الدولة والحكومة.. الحكومة هي جزء من الدولة ولكنها ليست كل الدولة وبالتالي وصلنا إلى عدم قدرة على التمييز بين أن نعارض الدولة وأن نعارض الحكومة.. عملياً وصلنا لعدم قدرة على التمييز بين المعارض والخائن. يحقّ لأي شخص أن يعارض الحكومة وسياساتها ويطالب بتبديل الحكومة أو تغيير سياساتها ولكن لا أحد يستطيع أن يبدّل الدولة.. الدولة هي حاجة للجميع، ولمن لا تعجبه الدولة هناك مخرج واحد هو الذهاب إلى دستور جديد وتغيير النظام السياسي.. هذا موضوع آخر.. ولكن لا أستطيع أن أكون ضد الدولة.. عندما يكون شخص ما ضد الدولة فهو ضد الوطن عملياً، لذلك لم يكن هناك إمكانية للتفريق بين من هو معارض ومن هو خائن لأننا لا نفرّق بين مفهوم الدولة ومفهوم الحكومة. هناك نقطة أخرى، وهي التفريق بين الدولة والنظام.. مع كل أسف حتى الآن في الإعلام الموالي للدولة أو للحكومة أو للحزب الحاكم أو الموالي للوطن يتحدثون بمفهوم النظام، وهذا شيء خطير لأن كلمة النظام عندما تُستخدم ليس فيها إهانة للحكومة، بل فيها إهانة للشعب.. الشعب الذي يوجد لديه نظام يعني أنه لا يوجد لديه دولة، أي أنه لا يستحق أن تكون لديه دولة، هو عبارة عن قطيع بشري تقوده عصابة.. عصابة بمعنى مصالح ضيقة، بمعنى طائفي، بأي معنى ضيق آخر، ولكن ليس بالمعنى الوطني.. وهذا ما يستخدمه الغرب معنا دائماً، لذلك أصبحتُ في لقاءاتي الأخيرة مع الإعلاميين الأجانب أستخدم مصطلح «النظام».. النظام الفرنسي، النظام البريطاني.. لأننا نعتقد بأنهم هم العصابات الحقيقية التي أتحدث عنها.. لماذا؟ لأن الدولة أولاً تحترم المبادئ التي تعلنها.. تحترم القيم أو المفاهيم التي يحملها الشعب.. الأهم من ذلك أنها تحترم قوانين الشرعية الدولية أو المواثيق الدولية. هذه الدول لا تحترم كل هذا.. وبالتالي هي من ينطبق عليها اسم «نظام». مع كل أسف نحن نستخدم عن أنفسنا كلمة «نظام»، وهذا يعني أنه لا يوجد لدينا دولة.. وعندما لا نفرّق بين الدولة والنظام فنحن لا نفرّق أيضاً بين المعارض بالمعنى السياسي والمعارض بمعنى أن له رأياً معارضاً.. بمعنى: أنا مثلاً لي رأي معارض.. أنا على رأس الدولة، وربما أحياناً أختلف مع كثير من المسؤولين وأعارضهم.. ولكن عندما أرى أغلبية في موضوع معيّن أسير معهم، لكن لا أُسمّى معارضاً.. قد يكون هناك وزير يعارض سياسة الحكومة ولكن هذا لا يُسمّى معارضاً.. قد يكون أحد منكم في المجالس بمستوياتها المختلفة يعارض سياسة النقابة، هذا لا يسمّى معارضاً.. المعارضة بالمعنى السياسي يجب أن تمثّل تياراً شعبياً.. وهذا التيار يجب أن يَظهر من خلال انتخابات أو من خلال مقاعد في هيئات منتخَبة مختلفة.. في النقابات، في الإدارات المختلفة، في الإدارة المحلية أو مجلس الشعب، أو في غيرها من المؤسسات المنتخَبة. عندما لم نفهم كل هذه المفاهيم، ولم نحاول توعية الناس بها وصلنا إلى هذه الأزمة ورأينا فوضى في المفاهيم، وكانت النتيجة أن كثيراً من الأشخاص الوطنيين وأصحاب النوايا الجيدة غُرّر بهم وسقطوا في المستنقع بأدائهم السياسي أو الإعلامي، أو حتى الاجتماعي، فشكّلوا غطاء من دون أن يدروا للفوضى والإرهاب… وعندما وعوا لحقيقة ما يجري كان الأوان قد فات. بكل الأحوال، أصبحت الأمور اليوم واضحة بعد مرور خمس سنوات.. ولو أردنا أن نلخّصها.. في البداية كان هناك محاولات للتحريض، لكي تأخذ شكل الثورة الشعبية.. كان ذلك قبل بدء الأحداث بحوالي شهرين إلى ثلاثة أشهر عبر الانترنت والإعلام المختلف.. هذه المحاولات فشلت.. وعندها بدؤوا بعملية دفع الأموال للكثير من الأشخاص، عبر قطر تحديداً، وعندما كنا نقوم بالبحث عن هؤلاء الأشخاص ونسأل لماذا تغيّبوا عن أعمالهم؟ كان البعض منهم يعطينا جواباً بسيطاً وهو أن ما نتقاضاه لقاء نصف ساعة تظاهر يعادل ما نتقاضاه في أسبوع في العمل الذي نقوم به.. فبدأت عملية دفع المال وكانت مهمّة السلاح في ذلك الوقت هي إثارة الدولة من أجل سقوط المزيد من الدماء بهدف أن يكون هناك حالة شعبية عامة ضد الدولة، وبالتالي تسقط الدولة بفعل شعبي.
في الواقع، ما وصلوا إليه، في أحسن التقديرات، أن عدد المتظاهرين في وقت واحد في كل أنحاء سورية لم يتجاوز 150 ألف متظاهر، ومعظمهم كان مدفوع الأجر. لو قلنا بأننا، كدولة، نبالغ بتقديراتنا.. فلو ضاعفنا هذا الرقم عدة مرات ليصل إلى المليون، وهذا الكلام غير صحيح طبعاً.. فمليون واحد من أصل 24 مليوناً ليس له قيمة. عندما فشلوا في هذا الموضوع، الموضوع الشعبي، انتقلوا إلى عملية السلاح بمعناه الواسع.. وعندما فشلوا بموضوع السلاح بمعناه الواسع في المراحل الأولى، انتقلوا إلى موضوع دعم النصرة ولاحقاً داعش، إلى أن وصلنا إلى الوضع الحالي.

أثبتوا أن الغرب قادر على التدمير والتخريب ولكنه لم يعد قادراً على البناء بطريقته
 طبعاً ما يهمّنا بعد خمس سنوات، ما الذي حقّقوه؟ طبعاً هم تمكنوا من تدمير الكثير من البنية التحتية، وتدمير الاقتصاد إلى درجة كبيرة جداً.. ونحن نعرف كم هي الخسائر الكبيرة.. ولكن، في نفس الوقت، هم أثبتوا شيئاً وحيداً هو أن الغرب، عبر عقود، على الأقل منذ الحرب العالمية الثانية، قادر دائماً على التدمير والتخريب ولكنه لم يعد قادراً على البناء بطريقته.. هو يريد أن يهدم البناء ويبني بناء آخر يناسبه ولكنه غير قادر حتى على بناء هذا البناء العميل أو الوكيل له ولسياساته.. السبب، أن هذه الدول الغربية ومعها الدول الإقليمية والعربية التابعة لها لم تفهم سورية جيداً.. لم تفهم طبيعة المجتمع السوري.. لم تفهم طبيعة الدولة.. لم تفهم طبيعة الأصدقاء الذين وقفوا مع سورية.. لم يتوقعوا كل هذه الصورة لذلك كانوا يقولون: خلال أسابيع، وخلال أشهر، وخلال سنوات تسقط الدولة.
جوهر العمل بالنسبة للغرب خلال الفترة الماضية هو دعم الإرهاب

جوهر العمل بالنسبة للغرب خلال الفترة الماضية هو أنهم كانوا يدعمون الإرهاب. هذا الشيء كان واضحاً كما قلنا، ولكن بنفس الوقت اللعبة الأساسية كانت لعبة سياسية وما زالت مستمرة حتى هذه اللحظة. وكانت ما سمّوها هم «الحل السياسي».. أنا كنت أسمّيه المسار السياسي باعتبار أنه لا يوجد شيء اسمه حل عسكري وحل سياسي.. يوجد حل للمشكلة، ولكن هذا الحل فيه مسار سياسي وفيه مسار مكافحة الإرهاب. هم سمّوه الحل السياسي، كان الهدف من هذا الطرح.. له عدة أوجه.. أولاً، من خلال استخدام مصطلح الحل السياسي أرادوا أن يعطوا الانطباع أولاً للرأي العام المحلي لديهم بأنهم دول سلميّة وسياستها سلميّة لا تسعى للحرب.. لا تسعى للتخريب.. وهي تقف مع مجموعات سلمية داخل سورية، تقف مع الشعب السوري من أجل حل ديمقراطي أو سلمي، بنفس الوقت هذا المسار استُخدم لإعطاء غطاء لعملائهم من السوريين، بأنهم مجموعة من السياسيين السلميين الذين يريدون إخراج الشعب السوري أو مساعدته على الخلاص من القمع والقتل واللاديمقراطية واحتكار السلطة والكلام الذي تعرفونه.. لكن بنفس الوقت كان هناك أداة أخرى.. أن تكون هذه الأداة هي باب للدولة عندما يُضغط عليها عسكرياً تقوم تحت الضغط بتقديم ما يريدونه سياسياً.. أي أنه عندما نقدم سياسياً لا نقول بأنها هزيمة ولكنها تكون تنازلاً أو تحت أي عنوان آخر.. الأخطر في هذا الطرح هو أن أحد أهدافه هو الإيحاء للشعب السوري بأن هناك دائماً مخرجاً من الأزمة، فأي شخص تقول له هناك حلّ عسكري وهناك حلّ سياسي.. أي حلّ تختار؟ سيقول أختار الحل السياسي.. أحقن الدماء.. خسائر أقل.. لماذا نذهب إلى حل عسكري؟ بمفهوم لا شعوري يقول بأن هذا الحل الثاني السياسي هو بديل للحل الأول.. هو لا ينتبه بأنهما متوازيان.. نحن سنستمر بدعم الإرهاب ولكن عليك أن تقدم تنازلات بنفس الوقت في المسار السياسي، أيضاً الكثير خُدع بهذا الطرح في البداية، لذلك نحن منذ البداية، ومع معرفتنا بكل النوايا السيئة تجاوبنا مع كل المبادرات السياسية لكي نقطع الطريق عليهم وأيضاً لكي نثبت للمواطن السوري بأنهم كاذبون وأنهم مخادعون.
الشيء الأخطر الذي حاولوا استخدامه في هذا المسار، وهو ما أُعطي انطباعاً عالمياً الآن حوله حتى في الدول الصديقة والشعوب الصديقة، بأن ما يحصل في سورية هي حرب أهلية وبالتالي هي حرب بين السوريين.. هي ليست حرباً خارجية.. مرة يُقال بأنها حرب بين الدولة والشعب المقموع ومرة أخرى يقولون بأنها حرب بين طوائف تقمع طوائف.. في كل مرة يحاولون استخدام عنوان حسب ما يناسبهم.. مع كل أسف حتى الآن هناك الكثير من الإعلام الصديق يستخدم مُصطلح الحرب الأهلية نتيجة تسويق هذا المفهوم.. بكل الأحوال كل هذا المسار السياسي عبر السنوات الماضية وتحديداً بعد جنيف الأول في عام 2012 كان له جوهر واحد هو هيئة الحكم الانتقالي.. أي ما لم يتحقق من فوضى عبر الإرهاب كان لابد من تحقيقه عبر هذه البنية التي لخّصت كل ما يسمّى.. «الحل السياسي» بالنسبة لأعداء سورية.. ما جوهر هذه الهيئة؟.. جوهر هذه الهيئة هو أن يكون هناك جهة أو بنية لا تسيطر على شيء.. هي مجرد بنية لصراع سياسي بين أقطابها تنتقل هذه البنية إلى كل المستويات في المجتمع خاصة أننا دولة مركزية.. دولة فيها قطاع عام، لديها واجبات يومية مع المواطنين.. يعني عملياً حالة شلل بكل ما تعني الكلمة.. بنفس الوقت تقوم بتفكيك البنى الأساسية وخاصة القوات المسلحة، ليس بطريقة العراق، سيقومون بتفكيكها بطريقة أخرى باستبدالها ببنية مختلفة، وعندما نصل إلى هذه الحالة سيكون أمامنا خيار واحد: هو أن نقبل بأن يكون الحل عبر دستور طائفي. ما الذي يحصل عندما يكون شخص في بنية طائفية ولو كان وطنياً، سيكون مضطراً للجوء إلى الطائفة. عندها تصبح الطوائف عبر الدولة وعبر المجتمع متنافرة، فتصبح كل طائفة بحاجة لتقوية موقعها. كيف تقوّي موقعها؟ لا يمكن أن يكون عبر الطائفة الأخرى، وإنما عبر اللجوء للخارج. عندها يصبح الوطن رهينة بيد الخارج. لذلك كانت الهيئة الانتقالية تهدف للوصول للدستور وليس للرئيس. الرئيس اُستخدم عنواناً، وبنفس الوقت، إذا بدّلنا الرئيس، فمن السهل تبديل الدستور، وبالتالي يصبح بالنسبة للمواطنين الغرب هو الذي يبدّل الرئيس، الغرب يبدل الدستور، وبالتالي نصبح باللاشعور قابلين لأن يُفرض علينا أي شيء من الخارج، ونتحّول لنصبح مثل دول مجاورة لنا، حوّلوها من خلال الدستور إلى شركة مساهمة. يعني مرة يكون الرئيس منها أو رئيس الحكومة، ومرة يأتي من دولة أخرى يحمل جنسيتها، لأن هذه الدولة أو مجموعة الدول تتفق بحسب ما تمتلك من أسهم. هذا ما يفكرون به.
هذه نقطة هامة جداً، هي تعيدنا لموقفنا من حرب العراق. الكثير من الناس لم يفهم موقف سورية في عام 2002 في المراحل التي سبقت حرب العراق. وكان يعتبر بأننا نعاند أميركا ونعاند الغرب، وأن موقفنا فقط مبدئي غير مرن، أو مبدئي غير براغماتي. في الواقع كنا نعرف تماماً ما الذي يدور في الاجتماعات التي سبقت الحرب. كان كل النقاش حول الإصلاح السياسي المطلوب بعد سقوط الدولة في العراق مبنياً على المفاهيم الطائفية. ما حصة كل طائفة. فكنا ندرك منذ ذلك الوقت بأن المخطّط للمنطقة هو تقسيمات طائفية وحلول طائفية تُدخل المنطقة في نفق من اللا استقرار ويتحكّم فيها الخارج بالشكل الذي يريدونه. وهذا ما ثبت. في عام 2006 طرحت كونداليزا رايس موضوع الفوضى الخلاقة، هذا ما نراه، هذه هي الفوضى الخلاقة. فالهيئة الانتقالية كانت بنية لكي تصل إلى هذا الهدف.
عندما ذهبنا إلى جنيف 2 منذ نحو عامين، كانت كل هذه الأمور بالنسبة لنا واضحة بشكل كامل مطلق. ولذلك عندما حاولوا أن يستخدموا جنيف 2 كمنصّة للوصول إلى هذه الأهداف، كان موقفنا حاسماً بشكل كامل. لذلك بعد جنيف 2 بدأ التصعيد العسكري، وازداد الدعم للإرهابيين بشكل موسع، إلى أن وصلنا إلى الانتخابات الرئاسية التي كانت بالنسبة لهم ضربة قوية جداً، خاصة لحجم المشاركة داخل سورية وخارجها. وكانت ضربة لأنها كانت تأكيداً على الدستور بالدرجة الأولى. أيضاً أعود وأؤكد ليست القضية شخصاً وشعبية هذا الشخص، هذا موضوع يأتي بالدرجة الثانية.
الدرجة الأولى هي أن الشعب السوري تمسّك بالدستور، وتمسك باستحقاق دستوري، وأثبت بأنه شعب متماسك ولديه وطن ولديه دولة بمفهومها الحضاري. عندها مباشرة بعد تلك المرحلة انتقلوا إلى تحريك داعش باتجاه المنطقة الوسطى والشمالية والشرقية من أجل تشتيت جهود الجيش العربي السوري الذي كان يتقدّم بخطا ثابتة في ذلك الوقت.

مكافحة الإرهاب هي أولوية لن تتوقف لا الآن ولا في المستقبل
 وصلنا إلى الوضع الحالي، حيث بدأ التدخّل الروسي عبر جبهة مكافحة الإرهاب، ووصلنا إلى ما كان يفترض أن يكون اسمه جنيف3. سبق جنيف 3 بيان فيينا والقراران 2253 و2254. طبعاً المفترض أن يكون هناك ترابط بين القرارين، ولكن لماذا كان هناك فصل بين القرارين؟ لأن الغرب دائماً يلعب نفس اللعبة، لعبة الرأي العام. يريد أن يوحي لرأيه العام بأنه اتخذ القرار 2253 لأنه ليس مع الإرهاب، بعد أن أثبتت معظم الأحداث بأنه يدعم الإرهاب، وسياساته بشكل مباشر أو غير مباشر دعمت الإرهاب، فكان يريد شهادة حسن سلوك بإصدار هذا القرار، على الرغم من صدور عدد من القرارات من مجلس الأمن سابقاً المتعلقة بمكافحة الإرهاب. أي أنه لم تكن هناك حاجة لقرار جديد. ولكن كما تلاحظون أصدروا هذا القرار بشكل مستقل، وأصدروا القرار 2254 لاحقاً، لكي يكون هو أساس لقاء جنيف، واستبعدوا القرار 2253. نفس اللعبة التي لعبوها مع التحالف الجوي الذي بدأ بالقصف منذ نحو عام ونصف ولم يحقق شيئاً. الهدف من هذا التحالف الإيحاء لمواطنيهم بأنهم يقومون فعلاً بعمل جدّي ضد الإرهاب. دائماً هذا الأسلوب من الخداع الذي يُفترض بأننا أصبحنا معتادين عليه وأصبح مفهوماً بشكل جيد، المهم بالنسبة لكل القرارات التي صدرت عبر كل اللقاءات وعبر كل المؤتمرات، وفي حال حضرنا أو لم نحضر، كان يعنينا شيئان: الأول هو أولوية مكافحة الإرهاب سواء صدر قرار أم لم يصدر، سواء اعتبروهما أساساً من أسس المؤتمر الذي سنشارك فيه أو الحوار أو المفاوضات أم لم يعتبروها.. بالنسبة لنا مكافحة الإرهاب هي أولوية لن تتوقف لا الآن ولا في المستقبل، النقطة الثانية: بغض النظر عن القرار 2254 أو بيان جنيف الأول، ما يهمّنا من كل هذه الأشياء شيء وحيد هو أن القرار يعود للشعب السوري، طبعاً بالإضافة لسيادة سورية ووحدة الوطن، هذا موضوع بديهي ومحسوم وكله مذكور في تلك القرارات.. ولكن بالنسبة لهم يضعون جانباً كل هذه الأمور ويقولون «هيئة حكم انتقالي» مثلاً، إذاً ما هذا التناقض؟ إما أن نقرر نحن ما نريد، أو أن تقرر أنت ما تريد أيها الغرب.. لا يمكن أن يكون هناك قراران متناقضان أو بندان متناقضان في نفس القرار. لكن عملياً كل هذه القرارات هي نتيجة تسويات لصراع دولي بين محورين، محور يريد أن يثبّت الشرعية الدولية والاستناد إلى ميثاق الأمم المتحدة، ومحور آخر يريد الهيمنة وهو الغرب طبعاً، ضارباً عرض الحائط بكل هذه المواثيق، فلذلك في كل هذه القرارات كنا نرى أشياء متناقضة لا يمكن لعاقل، وخاصة أنتم المختصّون في المجال القانوني، أن يقبل بأشياء متناقضة في قانون أو في مرسوم أو في قرار أو في أي شيء تشريعي، لكن هنا لسنا في مجال قانون وإنما في مجال اللعبة السياسية، فكانت تعّبر عن توازن سياسي دولي معيّن.. بغض النظر عن كل البنود نحن ما يعنينا سيادة الشعب السوري، لذلك بالنسبة لنا لن نقوم بأي خطوة إلا عندما تكون مبنية على هذا الشيء، هناك خطوات، قد يكون هناك حوار سوري – سوري للوصول إلى شيء معيّن ولكن إذا كان هذا الشيء يمسّ الدستور، يتجاوز صلاحيات الحكومة فلابد من العودة إلى الاستفتاء الشعبي لكي يكون كل مواطن سوري مساهماً في هذا الموضوع، فالقضية ليست بين الحكومة كما يحاولون تصويرها وبين مجموعات معارضة، هي بين كل الشعب السوري والآخرين كائناً من كان هذا الآخر، إرهابي، عميل، انتهازي.. لا يمكن أن تكون مجموعة من بضع عشرات من الأشخاص يمثلّون الحكومة أو الحزب الحاكم أو أي جهة، وهذه المجموعات المعارضة التي معظمها لا يمثّل سوى القليل، مع احترامنا لكل وطني طبعاً.

أي عملية انتقال مهما تكن يجب  أن تكون خاضعة للدستور الحالي
 الآن وصلوا إلى نقطة «الحكم الانتقالي» بديلاً عن كلمة «الهيئة الانتقالية»، ما مفهوم «الحكم الانتقالي»؟ ليس المهم كلمة الحكم، الحكم هناك دستور وهناك حكومة وهناك مؤسسات دولة، ولكن المهم هو مفهوم الانتقالية، عندما أنتقل، أنتقل من أين إلى أين؟ أو من ماذا إلى ماذا؟ من أي وضع إلى أي وضع؟ بكل بساطة بالنسبة لهم الموضوع واضح.. هو الانتقال للوصول إلى نفس الهدف الذي كان محدّداً من خلال هيئة الحكم الانتقالي، بالنسبة لنا يمكن أن نأخذه باتجاهين: لو كنا نتحدث بظروف عادية لقلنا إن الانتقال السياسي هو عملية إصلاح، انتقال بالدستور، بجزء من الدستور، بقوانين، بأي شيء آخر.. فهي عملية إصلاح، أما الجانب الآخر المرتبط بهذه الأزمة فهو الانتقال من حالة الفوضى إلى حالة الاستقرار.. هذا هو الانتقال.. ولا يمنع أبداً من أن يكون هناك دمج بين الحالتين.. لا يوجد تعارض، كلاهما جيد. نحن بحاجة لإصلاح على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيره، وبنفس الوقت نحن بحاجة للاستقرار، فمهما قيل عن بنية انتقالية بالنسبة لنا لا يمكن أن تتجاوز المفهوم الأول أو المفهوم الثاني، الأهم في هذه النقطة أن أي عملية انتقال مهما تكن يجب أن تكون خاضعة للدستور الحالي، أي أن الهدف من هيئة الحكم الانتقالي كان الخروج عن الدستور، تعطيل الدستور، وهذا يحقق فكرة الفوضى.. من يقود الدولة؟ أي دولة؟ من يقود المجتمع؟ أو ما الذي يقود المجتمع؟ الدستور. عندما نستبعد الدستور ونضع بنية تصبح قيادة هذا المجتمع خاضعة لمزاج هذه البنية أو الأشخاص فيها الذين يخضعون لمصالحهم الضيقة، وعملياً للأوامر التي تأتيهم من الخارج، لذلك أي عملية يجب أن تبقى خاضعة لهذا الدستور، ولا يتوقف العمل بالدستور الحالي إلا إذا توصلنا في حوار ما، في بنية ما لاحقاً لدستور جديد يصوّت عليه الشعب السوري كما حصل منذ نحو ثلاثة أو أربعة أعوام في الدستور الحالي، وعندها ننتقل لدستور جديد، فإذاً لن يكون هناك أي عملية انتقال غير منظّمة، طبعاً أنا أفترض بأننا جلسنا مع أناس سوريين ووطنيين وتناقشنا واتفقنا، أنا أضع كل هذه الأمور جانباً لأنها لم تبدأ عملياً.

الغرب تحدث عن وقف إطلاق النار عندما تألم المسلحون
 النقطة الأخرى المطروحة الآن هي موضوع وقف إطلاق النار، متى يتحدث الغرب عن وقف إطلاق النار؟ أعتقد أن الجواب واضح، عندما يتألمّ المسلحون، عندما تبدأ الهزائم. المصطلح أول شيء، وقف إطلاق النار يحصل بين جيوش وبين دول، ولكن لا يحصل بين دولة وإرهابيين، فالمصطلح خاطئ، قد يكون وقف عمليات، قد يكون وقف أعمال قتالية أو أي شيء، لكن الآن لا ندخل في إطار هذا المصطلح ولكن المضمون.. إذا أردنا أن نتحدث عن علاقة الغرب التي نعرفها بالإرهابيين، ولا يوجد لدينا أي دليل ملموس على أن هناك مسؤولاً غربياً جلس بشكل رسمي مع إرهابيين وأعطى سلاحاً، مع أن الفرنسي اعترف بأنه قدّم السلاح، وأنتم كحقوقيين تعرفون بأن هناك أدلة دامغة ولكن هناك قرائن دالة.. عندما نعود إلى سياق الأزمة ونرى بأنه خلال خمس سنوات لم يصرخ الغرب أو عملاؤه في منطقتنا، إلا عندما صرخ أو عندما تألمّ الإرهابي، فهذا بحد ذاته قرينة دالة قد تصل إلى حد الدليل الدامغ بأنهم مرتبطون مع الإرهاب، فموضوع وقف إطلاق النار هو الدليل الأكبر حتى هذه اللحظة لأنهم لم يتحدثوا بأولوية مكافحة الإرهاب، تحدثوا بأولوية وقف إطلاق النار، هذا يؤكد بأنهم يكذبون.. لماذا لم يقولوا الأولوية هي مكافحة الإرهاب، هي أولوية وقف إطلاق النار، بالنسبة لوقف إطلاق النار أو وقف العمليات، في حال حصلت لا تعني بأن يتوقف كل طرف عن استخدام السلاح، هذا مفهوم ضيّق جداً، وقف إطلاق النار يعني بما يعنيه بالدرجة الأولى وقف تعزيز الإرهابيين لمواقعهم، لا يُسمح بنقل السلاح أو الذخيرة أو العتاد، أو الإرهابيين، لا يسمح بتحسين المواقع وتعزيزها، كل هذه الأشياء غير مسموحة.. ولكن هناك أسئلة كثيرة تأتي قبل ذلك، من هم الإرهابيون؟ هذا سؤال مطروح الآن بأن هناك منظمتين أو أربع منظمات، وأن مجلس الأمن حدد داعش والنصرة وهناك دول صديقة تريد أن يكون هناك أحرار الشام وجيش الإسلام، بالنسبة لنا كدولة كل من حمل السلاح ضد الدولة وضد الشعب السوري هو إرهابي، هذا موضوع غير قابل للنقاش، فكمفهوم الكل إرهابيون.. كل من حمل السلاح، حتى يلقي السلاح، ونقوم نحن بتسوية وضعه كما يحصل، ولكن إذا أردنا أن نأتي للناحية العملية المرتبطة بقرارات مجلس الأمن الأخيرة وباللعبة السياسية التي تحصل، فإذا كان هناك وقف إطلاق نار مع بعض الجهات الإرهابية، وأؤكد على كلمة إرهابية، فليس من أجل تعزيز مواقعها وإنما من أجل فتح الباب للعودة إلى العمل السياسي إذا كان لديها برنامج سياسي، ومعظمهم لا يمتلك برنامجاً سياسياً، أو إلقاء السلاح بالحد الأدنى، لا يمكن أن يكون وقف إطلاق النار كما يسمّونه بلا هدف أو بلا زمن.. حتى الآن هم يقولون إنهم يريدون وقف إطلاق نار خلال أسبوع، حسناً، من هو القادر على تجميع كل هذه الشروط أو المتطلبات خلال أسبوع؟ لا أحد. من سيتحدث مع الإرهابيين؟ في حال منظمة إرهابية رفضت وقف إطلاق النار، من سيحاسبها؟ من سيقصفها كما يقولون؟ إذا أرادوا قصفها، أين تتوضّع؟ أين تتواجد؟ من الناحية العملية كل هذا الكلام كلام صعب، ولكن نحن نتحدث عن أسس.. في حال تم تأمين كل هذه المتطلبات فيجب أن يكون هذا الوقف للعمليات بهدف تحسين الوضع الأمني وبهدف الوصول إلى، إما مصالحات أو تسويات، أو أي شيء من الأشياء التي نقوم بها اليوم بشكل مستمر، فإذاً الأولوية بالنسبة لهم هي وقف إطلاق النار.. لهذه الأسباب وبنفس الإطار يأتي التلويح بالتدخّل البرّي من قبل آل سعود ومن قبل أردوغان وأوغلو، الكلّ يسأل هل سيكون هناك تدخل بري أم لا؟.. طبعاً لا شك بأن هذه الدول تريد ذلك منذ زمن طويل، فأردوغان على الأقل منذ عامين يسعى للتدخل تحت عنوان «منطقة عازلة» وما شابه.. وآل سعود نفس الشيء، ربما بعد ذلك بقليل، الكلّ يسعى لتدخّل برّي مباشر. ولكن لكي لا نضيّع وقتنا في تحليل ماذا يفكرون؟ يجب أن نعرف بأن الأزمة السورية أو الحرب على سورية منذ الأشهر الأولى تحوّلت إلى حالة دولية وإلى صراع دولي، كما قلت قبل قليل، بين تيارين.. من يسعى لتثبيت ميثاق الأمم المتحدة وتيار آخر لإلغائه وفرض منطق القوة والهيمنة.

‏تركيا و‏السعودية لا تمتلكان القرار لمهاجمة سورية
 الحقيقة عندما نناقش إذا كانت تركيا أو السعودية ستهاجم فهذا يعني أننا نعطيهما حجماً كبيراً وكأنهما دولتان تمتلكان قراراً وتمتلكان إرادة وتستطيعان أن تغيّرا الخريطة، هما مجرد تابعَين منفّذين حالياً.. هما تقومان بدور «البوق» بهدف الابتزاز.. في حال ذهبنا لجولة مفاوضات أخرى، إن لم تقدموا تنازلات فسوف يكون هناك غزو برّي. لو كان مسموحاً لهم لبدؤوه منذ زمن طويل على الأقل منذ أشهر. فإذاً علينا أن ننظر للسيد، لسيد هؤلاء.. إذا كانت هناك رغبة في الدخول في مثل هذه الحرب بين القوى الكبرى أم لا، وليس بين قوى هامشية لم يكن لها دور سوى تنفيذ أجندة الأسياد، هذا ما يجب أن نعرفه وهذا التدخل لا يدرس أو لا ينظر له في إطار الأزمة السورية. هذا الموضوع أكبر بكثير.
الصراع بين القوى الكبرى اليوم، هو صراع يمتد على الساحة العالمية من بحر الصين حيث تحاول أميركا أن تهيمن، إلى أوكرانيا، والدول السابقة في الاتحاد السوفييتي جنوب روسيا، وآسيا الوسطى وغيرها من الصراعات.
الدخول إلى سورية وشن حرب في سورية ينظر له في الإطار الدولي، ليست القضية بهذه السهولة، بأن آل سعود أحبّوا أن يدخلوا نزهة إلى سورية، ويغيّروا فيها كلّ الأمور وإلا لكانوا فعلوه منذ زمن طويل، فإذاً علينا ألا نقلق، ولكن، كما نقول علينا ألا نستبعد الحماقات فهي موجودة، خاصة وأن مصير هؤلاء مرتبط بحلّ الأزمة في سورية، إذا تمّ حلّ الأزمة فسوف ينتهي المصير السياسي لهذه المجموعات التابعة للغرب في المنطقة وبنفس الوقت الغرب لديه أجندة دولية لا يستطيع أن يسمح لدول تابعة أن تقوم هي بما تشاء وفي أي وقت تشاء إلا حسب الخطة الموضوعة. فإذاً الموضوع كبير وليس سهلاً الدخول في مثل هذه الحرب، لأن تداعياته ستكون عالمية وليست محلية فقط.
وأخيراً عندما نتحدّث عن مسار سياسي فجوهر هذا الموضوع، بغض النظر عن طروحاتهم وطروحاتنا، هو من هو الشريك؟ هذا هو السؤال؟ اليوم، بعد خمس سنوات من هذا الكلام لو سألتُ أي واحد فيكم من هو الشريك في الحلّ السياسي؟ أعتقد بأن الجواب صعب جداً، هو ليس صعباً تماماً، نحن نعرف الجواب، ولكن، لو أردنا الإجابة دبلوماسياً نقول إن الأمر صعب. لأن المعارضة التي نتعامل معها الآن، وخاصة قبل مؤتمر جنيف3 المفترض انعقاده في شباط، هي عملياً «بالمحصلة» ما هو موجود أمامنا والمفترض منا كحكومة أن نفاوضه هو مزيج من بعض الوطنيين الذين لا ننفي أبداً وجودهم.
ولكن السؤال ما فاعلية هؤلاء؟ ما قدرتهم على السيطرة على مشهد ما يسمى بالمعارضة؟
 هناك بعض الانتهازيين الذين يقبضون وليس لهم همّ سوى المصلحة الخاصة، وهناك الخونة والإرهابيون كان يفترض أن يكونوا في الوفد المفاوض في جنيف.
وكان هناك سؤال متكرر في سورية، هل نقبل أن نفاوض إرهابيين، بالمنطق، منطق الدولة ومنطق الأخلاق والمبادئ، لا يوجد دولة تقبل أن تفاوض إرهابيين. فالجواب هو: لا، من الناحية القانونية يجب أن يُحاسَب الإرهابي، أو كان السؤال الّذي يسبق معقول أن يكون هناك في المعارضة وفد فيه إرهابيون، فكنت أجيب بأن هذا الوفد شكلته السعودية… هل من المعقول أن يكون الوفد من الأشراف مثلاً؟ أو من الأخلاقيين أو المستقلين أو من الوطنيين أو من المعتدلين غير المتطرفين؟.

الوفد الذي شُكل في الرياض  مزيج من الخونة والإرهابيين
 الطيور على أشكالها تقع.. «الوفد الذي شُكل في الرياض هو مزيج من الخونة ومن الإرهابيين، هذا الشكل الطبيعي الذي يجب أن يقدّمه. عدا عن ذلك لو أنه قَدّم وفداً بشكل آخر كنا سنُفاجأ. فهذا أولاً يعبّر عن هؤلاء، ولكن السؤال الآخر الذي كان يطرح، هل نقبل أن نفاوض إرهابيين في هذا المؤتمر أو في أي مؤتمر آخر، فكنت أقول: من الذين فاوضناهم في جنيف 2 عندما ذهبنا منذ عامين؟ فاوضنا العملاء أو الخونة مشكَّلين في غرف ووزارات الخارجية أو المخابرات الأجنبية أو العربية أو التركية.
ما الفرق؟ هل الإرهابي أسوأ من الخائن، كلاهما واحد. ليست المشكلة أن نذهب. المشكلة ألا نعرف لماذا نذهب، هل نذهب لحوار سوري – سوري هذه هي النقطة. عندما نقول «حوار سوري – سوري» فهذا يعني بأننا سنفاوض سوريين ينتمون للشعب السوري بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، جذورهم في سورية وليس في الدول الأخرى، عندما يكون في هذا الوفد الذي سنفاوضه إما إرهابي أو داعم للإرهاب.. من فاوضناهم في جنيف داعمون للإرهاب، وليس فقط خونة، يعني ما الفرق؟ النتيجة نفسها.. ولكن عندما نفاوض هؤلاء، نحن لا نعتبر أنفسنا نفاوض سوريين، لو فاوضنا وفد الرياض فنحن نفاوض السعودية، وبالتالي لا نناقش معه الدستور السوري.. يمكن أن نناقش معه الدستور السعودي مثلاً، حقوق الإنسان في السعودية، لا يمكن أن نناقش معه مستقبل سورية، هذا يعتمد على شكل المعارضة، هل تستطيع المعارضة السورية بالمعنى الوطني أن تسيطر على المشهد؟ عندها يمكن أن نصل إلى حوار سوري – سوري، إذا لم يتمكنوا، وسيبقى الحوار الأساسي هو مع مجموعات تابعة لدول أخرى، فلن يكون الحوار سورياً سورياً، وإذا لم يكن الحوار سورياً سورياً، لا يمكن أن نصل إلى نتيجة حقيقية معهم، فإذا فهمنا كل هذه الأمور لا نخشى لا من إرهابي ولا من خائن ولا من عميل ولا من كل هذه الأشياء، المهم أن نعرف ما الذي نقوم به بالمحصلة.. محصلة أي حوار أو أي عمل سياسي نقوم به في المستقبل.. هذا شيء مؤكد، لن نذهب لكي نبيع دماء الشهداء التي سُفكت خلال خمسة أعوام، كما قلت ليست المشكلة في أن نذهب، المشكلة في ألا نعرف لماذا نذهب وألا نعرف من نفاوض عملياً، أن نُخدع بالأسماء، أن يُقال هذا الحوار سوري – سوري، هذا شخص سوري لأنه يحمل جواز سفر سورياً، هذا ليس مؤشراً، نحن نذهب بصفتنا وفد الجمهورية العربية السورية، ووفد الجمهورية العربية السورية يمثّل كل السوريين بغضّ النظر عن انتماءاتهم، من يمثّل الطرف الآخر؟ إما يمثّل دولة، وفي بعض الحالات يمثّل نفسه، وهناك من يمثّل بعض السوريين، أهم شيء أن يكون لدينا ميزان دقيق.. أن نعرف مع من نجلس وماذا يريد وماذا نريد، ولدينا ميزان دقيق بالنسبة لنا في سورية.. عندما يذهب وفد الجمهورية العربية السورية فهو يمثّل كل مواطن سوري وطني شريف، هو يمثل كل مقاتل على الجبهة وعائلته، هو يمثل كل شهيد وعائلته، يمثل كل جريح وعائلته، وأعتقد بأننا نتّفق بأن قطعة صغيرة من حذاء أي واحد من هؤلاء يساوي كل أولئك الخونة وكل من يقف معهم، لذلك الحل فعلياً هو حتى الآن بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب الذي سنؤكد عليه دائماً، هناك المصالحات المحلية التي أثبتت فائدتها بنسبة كبيرة وهي الآن تسير قدماً إلى الأمام، ليس ببطء، وليس بسرعة كبيرة، ولكن بثبات. هناك الكثير من الوطنيين لا يرتاحون لهذه المصالحات لأنهم يعتقدون بأن المصالحة هي مع منطقة حاضنة للإرهابيين وداعمة لهم وكل من يسكن في هذه المنطقة هو إرهابي أو داعم له، الحقيقة ليست كذلك وقد أثبتت الأحداث بأن جزءاً كبيراً من السكان المدنيين الذين يتواجدون في تلك المناطق هم موالون للدولة.. ربما غُرِّر بالكثير منهم في البدايات ولكن الصورة الآن أصبحت مختلفة، الكثير من هؤلاء يريدون أن يعودوا لحضن الدولة. الكثير أو البعض من هؤلاء عندما بدأ بالحديث عن فكرة المصالحة والعودة لحضن الدولة قُتل مباشرة والبعض منهم قُتل لاحقاً.. البعض من هؤلاء الأهالي هو من ساعد الجيش في دخوله إلى بعض المناطق، البعض منهم ساعد في إعطاء المعلومات، والبعض الآخر ساعد في إعطاء مواقع الإرهابيين. فالصورة ليست بهذه السوداوية. لكن أريد أن أؤكد في النهاية أن وفد الجمهورية العربية السورية كما تحدثت قبل قليل، يمثّل كل الأبناء، يعني إذا كان هناك ابن عاق في عائلة، لا يقوم الأب والأم بالتخلي عن هذا الابن العاق، يحاولون استيعابه واستعادته إلى هذه العائلة. الدولة بالنسبة لكل أبنائها هي كالأب الذي يجب أن يصلح الأبناء عندما ينحرفون. هذه هو واجب الدولة، وليس التخلي عنهم.. عندها نكون قد تخلينا عن واجبنا وبالتالي عن الوطن ككل.

انتخابات مجلس الشعب استحقاق دستوري هام وأهم ما فيه هو المشاركة الشعبية
 الحل أيضاً كما قلتُ منذ قليل هو التمسك بالدستور، فعندما يكون الدستور هو المستهدف، فلا بد أن يكون هو الحامي عملياً. فالتمسّك بالدستور لا يكون فقط من خلال التمسك به – هذا شيء بديهي بالنسبة لمؤسسات الدولة- وإنما من خلال الوعي للاستحقاقات الدستورية، هذا الوعي مؤشر سياسي حقيقي لكل مواطن.. يعطي من خلاله رسالة. وكما قلت قبل قليل، الرسالة التي أعطيت من قبل الشعب خلال الانتخابات الرئاسية.. بهذا المعنى كانت قوية جداً وخلقت تحولاً في الخارج، لذلك بدأ التصعيد بعدها لقلب هذه الصورة، وأتى سقوط مدينة إدلب بمسعى تركي في هذا الإطار، لإظهار أن هذه الدولة فاشلة، وغير قادرة على حماية أراضيها، وهي تسقط وتتراجع وبالتالي يتم محوّ هذه الصورة الناصعة التي قُدّمت وقتها. واليوم نحن مقبلون قريباً على انتخابات مجلس الشعب، هي استحقاق دستوري هام. الكل سيراقب هذا الاستحقاق، وأعود وأؤكد أن أهم ما فيه هو المشاركة الشعبية وخلق حركة ديمقراطية حقيقية ومنافسة حقيقية. وأنتم كنقابة لديكم دور هام في هذا الموضوع.

التحديات أمامنا كثيرة جداً  وكبيرة عندما نتحدث ما الحل
 المهم.. التحديات أمامنا كثيرة جداً وكبيرة، عندما نتحدث ما الحل؟ هناك حلول ولكن هناك أيضاً تحديات، بالدرجة الأولى هناك تحديات تطوير: هل يمكن أن نطوّر والدولة تتراجع والخدمات تتراجع والكثير من الأشياء تتراجع. أيضاً نؤكد هنا على أنه يجب أن نكون واقعيين. طبعاً عندما يكون هناك حرب، يكون هناك دائماً تآكل في أي مجتمع وفي أي دولة. كيف نطور أنفسنا، كيف نضرب الفساد، عندما يكون هناك فوضى يزداد الفساد. إذا كيف نضرب الفساد؟ أولاً في مؤسسات الدولة، ثانياً في المؤسسات الموازية لها، عندها يمكن ضربه في المجتمع. كيف يمكن أن نطوّر ولدينا نزيف في الكوادر عبر اللجوء إلى الخارج تحت عناوين مختلفة، فالبعض لأسباب معيشية، والبعض لأنه خائف من الوضع العام، والبعض لأنه مهدد من الإرهابي، وهناك من هو إرهابي وخرج من بيئته الحاضنة، ولكن بالمحصلة هناك نزيف كبير بسبب اللجوء للخارج، وبنفس الوقت هو تخلٍّ عن الوطن وعن الدفاع عن الوطن مهما يكن السبب، ولو أننا لن نضع الجميع في إطار واحد ولكن هذا تخلٍّ عن الوطن، وأعتقد أن الكثير منهم يريدون العودة إلى سورية اليوم. هناك تحديات التأثيرات النفسية والأخلاقية للحرب. هناك دور للأسرة وللمجتمع وللنقابة. نحن بحاجة لعمل جماعي شامل على مستوى سورية لكي نتجاوز هذه التحديات. كيف نتجاوز تأثيرات تدمير البنية التحتية، ولو أنني أعتقد أن تدمير البنية التحتية هو الجانب الأسهل في الأزمة. حيث يمكن إعادة بنائها مع الوقت، فلدينا الخبرات ولدينا المعرفة في سورية ولكن هذا ليس بالمشكلة الكبيرة، التمويل يأتي حين تتحسّن الأمور، ولكن في النهاية هذه الأمور مجتمعة تمثل تحديات كبيرة جداً. مع ذلك، مع كل هذه التحديات، الدولة مازالت قادرة على القيام بواجباتها ولو بالحد الأدنى في بعض الحالات وقد يكون أقل من الحد الأدنى، ولكن بما يؤمن سير الحياة بمختلف جوانبها في سورية.. ولكن يجب أن نعرف أن هذا المتبقي من هذه القدرة على الحياة كان مقابل حياة أخرى وروح قُدّمت من قبل المقاتلين السوريين والجيش العربي السوري، وكل من يقف معه، لذلك مع كل التحديات لابد من احتضان الجيش، الذي هو ليس فقط واجب بل هو حاجة أساسية اليوم لاستمرار الحياة… احتضان الجيش، احتضان عائلات الشهداء، احتضان الجرحى وعائلاتهم لأنهم هم السبب في بقاء ما تبقى من خدمات في حرب لم تشهد دولة مثيلاً لها، لا أعتقد أن العراق حصل فيه تدمير كالذي حصل في سورية، وكثيرون يقولون حتى في الإعلام الغربي، يقولون بأن التدمير الذي حصل لم تشهده دولة منذ الحرب العالمية الثانية لا في العراق ولا في اليمن ولا في ليبيا، ولا حتى في كوسوفو في التسعينيات.

لابد أن ننتصر لأننا أصحاب حق
 بالنسبة للعملية السياسية، نختصر أو نلخّص بأن ما يحصل هو حرب خارجية، وأن يكون هناك بعض السوريين العملاء في الواجهة لا يعني على الإطلاق بأنها حرب داخلية بين السوريين، ولو كانت فعلاً صراعاً وخلافاً بين السوريين لتقسّمت سورية خلال الأشهر الأولى ولسقطت الدولة خلال الأشهر الأولى وربما خلال العام الأول، هذا الموضوع محسوم بشكل كامل. وهناك مَن يريد أن يقول إنه لولا وقوف الأصدقاء الروس والإيرانيين وربما غيرهم لما تمكّنت الدولة من الوقوف… لا شكّ بأن وجود الأصدقاء ساعد في هذا الشيء ولكن الأصدقاء يستطيعون أن يقفوا معنا ولكن لا يستطيعون أن يقفوا نيابةً عنّا… يستطيعون أن يساعدونا على التقدم إلى الأمام لكن لا يستطيعون أن يقفوا بدلاً عنا أو أن يسيروا إلى الأمام بدلاً عنا. فلولا وقوفنا نحن كسوريين وصمود الشعب السوري وصمود الجيش السوري أمام كل هذه التحديات لما تمكنّا من الصمود كل هذه الفترة في حرب غير مسبوقة. بكل الأحوال نحن لا بد أن ننتصر، لا يوجد أمامنا أي خيارات لأننا أصحاب حقّ، ولكن الحقّ لا ينتصر وإنما مَن ينتصر هو صاحب الحقّ، والحقّ لا يعود لوحده وإنما يُستعاد، وإذا كان هناك مَن ينتظر هذا الحق ليعود فهو لن يعود وإذا كان علينا استعادته فيجب علينا أن نعرف بأن الثمن غالٍ جداً، ومَن يعتقد أن عليه أن يستعيد حقه من دون ثمن فعليه أن يعرف أن هذا الحق ضائع. وأول مدافع عن هذا الحق اليوم هو الجيش العربي السوري، أولئك الأبطال، أولئك الأشاوس، وصحيح نحن كمواطنين ندفع ثمناً كبيراً من أمننا، من قلقنا، من أموالنا، من حالتنا المعيشية ومن كل شيء في تفاصيل حياتنا، ولكنّ هذا الثمن مقابل الدماء التي يدفعها الجيش العربي السوري تتضاءل إلى حد كبير، فتحية لهم».
بعد ذلك جرى حوار تمت خلاله مناقشة مقترحات تقدم بها السادة المحامون ركزت في معظمها على تطوير القوانين وخاصة المتعلقة بالإرهاب وبمكافحة الفساد بالإضافة إلى أهمية استحداث المزيد من المحاكم في المحافظات.
كما أكد السادة أعضاء النقابة على أهمية تبسيط الإجراءات القضائية بما يخفف الأعباء عن المواطنين.

وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...