الصراع الإيراني – الإسرائيلي على الهند
الجمل: تشهد العلاقات الهندية – الإيرانية توتراً متزايداً، وذلك لعدة أسباب من أبرزها التعاون الهندي – الإسرائيلي والتعاون الهندي – الأمريكي، وتقول التحليلات والتوقعات بأن الساحة السياسية الهندية تشهد هذه الأيام انقساماً حاداً بين طرف مؤيد وداعم لتطوير وتعزيز العلاقات الهندية – الإسرائيلية – الأمريكية، وطرف متشائم يرى بأن هذه العلاقات ستؤدي إلى عزلة الهند الإقليمية.
* معطيات الجيوبوليتيك الهندي:
تعتبر الهند الدولة الأكبر والأقوى في منطقة جنوب آسيا وشبه القارة الهندية، وتقول الأرقام بأن:
• مساحة الهند 3.3 مليون كلم مربع.
• عدد السكان 1.2 مليار نسمة.
• الناتج المحلي الإجمالي 3 ترليون دولار أمريكي (أي 3000 مليار دولار).
أما بالنسبة للقوة العسكرية، فيبلغ تعداد الجيش الهندي أكثر من مليوني جندي نظامي في الأحوال العادية مع قابلية هذا الرقم للارتفاع لأكثر من 50 مليوناً في ظروف التعبئة والطوارئ بحسب ما تشير إليه التقديرات.
ترتبط الهند بعلاقات جوار إقليمي مع بنغلاديش والصين وباكستان ونيبال، إضافة إلى فاصل بحري بينها وبين جزيرة سيرلانكا. أما الدول الأكثر تداخلاً والتي تتأثر وتؤثر في الهند هي باكستان والصين وبنغلاديش.
خلال فترة الحرب الباردة كانت الهند أكثر ارتباطاً بالاتحاد السوفييتي لجهة الموقف التكتيكي الهندي الذي كان يعتمد حسابات العلاقة والتعاون مع الاتحاد السوفييتي باعتباره العامل الأكثر فعالية في تحقيق توازن الأمن الإقليمي في منطقة شبه القارة الهندية طالما أن باكستان تستقوي بالتحالف بأمريكا، والصين تمثل الدولة الكبرى ومصدر الخطر ضد الهند.
* القيمة الإستراتيجية الجديدة للهند: العامل الإسرائيلي – الأمريكي:
بعد انتهاء الحرب الباردة وتحول النظام الدول ي من صيغة القطبية الثنائية إلى صيغة جديدة تحاول الولايات المتحدة تثبيتها بحيث تأخذ شكل صيغة القطبية الواحدة وتحول الإدراك الأمريكي باتجاه الاعتماد على الهند كحليف استراتيجي في القارة الآسيوية، وبالذات في الحسابات الأمريكية المتعلقة باستهداف الصين، فقد نظروا للهند بمنظار آخر يقوم على أساس قابلية البيئة الهندوسية لتكون عامل تهديد وخطر بالنسبة للبلدان الآسيوية الإسلامية، مثل باكستان وأفغانستان وإندونيسيا وماليزيا. وقد نشطت حركة التحالف الهندي – الأمريكي – الإسرائيلي، وشهدت الفترة الأخيرة:
• اتفاقيات تعاون تكنولوجي – عسكري إسرائيلي – هندي، كان من أبرز نتائجها تنفيذ مشروعات الشراكة الهندية – الإسرائيلية في إنتاج الطائرات وإطلاق أقمار التجسس الاصطناعي، إضافة إلى التعاون في مجالات الفضاء بين البرنامج الفضائي الهندي والبرنامج الفضائي الإسرائيلي.
• اتفاقيات تعاون نووي – عسكري – اقتصادي أمريكي لجهة قيام الولايات المتحدة بدعم أنشطة البرنامج النووي الهندي، وتعزيز العلاقات التجارية، وفي المجالات العسكرية تقوم الهند بفتح سواحلها وقواعدها البحرية لقطع الأسطول الخامس الأمريكي الموجود في المحيط الهندي وفي هذا الصدد تم إجراء مناورات عسكرية بحرية هندية – أمريكية خلال العام الماضي شاركت فيها بعض قطع حلف الناتو البحرية، الأمر الذي دفع المحللين إلى اعتبار هذه المناورات بمثابة نقطة البداية لانخراط الهند في "حلف ناتو آسيوي جديد".
التعاون الاستخباري الهندي – الأمريكي – الإسرائيلي أصبح حقيقة من خلال تفاهمات واتفاقيات الحرب ضد الإرهاب، خاصة وأن الهند تواجه وجود المزيد من الحركات الإسلامية المتطرفة وعلى وجه الخصوص في منطقة كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان.
ينظر الزعماء الهنود إلى الروابط والعلاقات الهندية – الأمريكية – الإسرائيلية باعتبارها مصدراً للحصول على المزيد من المزايا وبالذات في:
• أزمة كشمير وإمكانية حسمها لصالح الهند.
• إضعاف دور باكستان في معادلة الأمن الإقليمي بشبه القارة الهندية.
• ردع الخطر الصيني.
• ردع الخطر الإسلامي المحتمل القدوم عبر الحدود الهندية – الباكستانية، والحدود الهندية – البنغلادشية.
• إعطاء الهند الأولوية والمزيد من المزايا التفضيلية في أنشطة التجارة العالمية وبالذات في الأسواق الأمريكية، وأسواق الاتحاد الأوروبي والأسواق العربية الخليجية الواقعة تحت مظلة النفوذ الأمريكي.
• تأمين مصادر الطاقة وإمدادات المواد الخام للصناعة الهندية الصاعدة.
* إيران وسيناريو ردع الهند:
ترتبط إيران بالكثير من اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتكنولوجي مع الهند، وظل الإيرانيون يراقبون بشكل لصيق تطور العلاقات الهندية – الأمريكية – الإسرائيلية، وكانوا ينظرون إلى هذه العلاقات باعتبارها تشكل مصدراً للخطر الثانوي ضد الأمن الإيراني لأن:
• المسافة بعيدة للغاية بين قلب الدولة الحيوي الإيراني وقلب الدولة الحيوي الهندي.
• توجد باكستان ومنطقة كشمير في الوسط بين الهند وإيران.
• توجد خطة للتعاون الهندي – الإيراني وبتطويرها يمكن أن تصبح الهند أكثر ارتباطاً لجهة مصالحها مع إيران.
وكان الإيرانيون يدركون أيضاً بأن الهند لن تغامر وتطور علاقاتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل بحيث تصبح مصدراً للخطر الرئيسي ضد أمن إيران لأن:
• الهند تحصل على احتياجاتها النفطية من إيران وبتسهيلات كبيرة.
• وجود 300 إلى 400 مليون مسلم في الهند، والارتباط بالغرب وإسرائيل يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات سياسية.
ولاحقاً، جاءت عملية إطلاق أقمار التجسس الإسرائيلية بواسطة القواعد الفضائية – العسكرية الهندية، بمثابة الحدث الذي لفت انتباه الإيرانيين إلى أن الهند لم تعد مصدراً للخطر الثانوي وإنما أصبحت مصدراً للخطر الرئيسي المهدد لأمن إيران، وقد احتجت الحكومة الإيرانية رسمياً لدى الحكومة الهندية على أساس اعتبارات أن سلسلة الأقمار الصناعية الإسرائيلية المحدثة أخيراً التي تم إطلاقها من الهند هي أقمار مخصصة للتجسس وجمع المعلومات الاستخبارية الفضائية حول إيران. وأبرز ردود الأفعال الإيرانية الهادفة لمعاقبة الهند –كما تقول التحليلات- ستتمثل في الآتي:
• عدم إكمال الترتيبات المتعلقة بتحديد خط نقل أنابيب النفط والغاز الإيراني عبر باكستان إلى الهند.
• إيقاف برنامج التعاون الفضائي الهندي – الإيراني.
هذا، وقد تصاعدت لهجة التصريحات الإيرانية ضد الهند وقد ركزت هذه التصريحات على انتقاد السياسة الخارجية الهندية من عدة جوانب وزوايا أبرزها:
• سلسلة الأقمار الصناعية الإسرائيلية التي تم إطلاقها من الهند، مزودة بكاميرات حديثة ومخصصة لأغراض التجسس ضد إيران والدول العربية.
• صوتت الهند مرتين داخل وكالة الطاقة الذرية ضد إيران والبرنامج النووي
• عدم إدانة الهند للعمليات العسكرية الوحشية الإسرائيلية الجارية ضد الفلسطينيين.
• عدم إدانة الهند للعدوان الإسرائيلي ضد جنوب لبنان.
• عدم إدانة الهند للعمليات الوحشية التي تنفذها القوات الأمريكية في العراق.
وتقول التحليلات والمعلومات بأن معظم الدول الآسيوية المنضوية تحت مظلة منظمة تعاون شنغهاي تفكر حالياً في كيفية معاقبة الهند، خاصة وأن الصين أصبحت تنظر إلى الهند باعتبارها مصدر للخطر المحتمل بعد افتضاح أمر مخطط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والموساد الذي هدف إلى استخدام ملف الأصولية التبتية بالتنسيق مع الدالاي لاما. هذا، وقد اشترط الإيرانيون ضرورة أن توقف الهند تعاونها الفضائي - العسكري مع إسرائيل كشرط لعودة التعاون الإيراني – الهندي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد