الصراع على البصرة بين فيلق بدر وجيش المهدي الشيعيين

الجمل:   خلال الفترة الماضية ظهرت الكثير من المعلومات والأخبار حول تزايد وقائع وأحداث العنف السياسي الدامي في محافظة البصرة العراقية، وذلك على النحو الذي أصبح ينذر بصراع مسلح عراقي جديد في المنطقة الجنوبية.
• أهمية منطقة البصرة:
تعتبر محافظة البصرة ذات أهمية فائقة بالنسبة للعراق، وتأتي أهميتها بسبب الآتي:
- تمثل الممر البحري الوحيد للعراق، إضافة إلى وجود موانئ تصدير النفط العراقي الرئيسية ومصافي التكرير فيها.
- كل الطرق البرية الرئيسية التي تربط العراق بالخليج العربي ووسط وجنوب إيران تمر عبر محافظة البصرة.
- يوجد في مدينة البصرة أكبر تجمع سكاني عراقي بعد العاصمة بغداد.
- تتميز بأهميتها الاستراتيجية الفائقة، ويؤدي احتلال محافظة البصرة إلى جعل العراق بكامله دولة حبيسة.
- تعتبر البصرة من المدن الهامة على أساس اعتبارات التاريخ الإسلامي والعثماني والبريطاني.
- منطقة البصرة وجنوب العراق تمثل مهد التراث الإسلامي للمذهب الشيعي.
• الأوضاع السياسية في منطقة البصرة:
ظلت منطقة البصرة في عداء شديد مع نظام الرئيس الراحل صدام حسين، وقام سكانها بعدة انتفاضات، الأمر الذي جعل سكان البصرة يتعرضون للكثير من حملات التنكيل على يد النظام السابق.
وبعد الاحتلال ظلت منطقة البصرة الأكثر هدوءاً في العراق، وذلك بسبب التركيب المنسجم مذهبياً وعشائرياً لسكانها.
الصراع على السلطة والثروة، بدأت تنتقل عدواه تدريجياً إلى منطقة البصرة، ولما كانت منطقة البصرة تعتبر من أكثر المناطق الغنية بالنفط والغاز إضافة إلى انفتاحها البحري على الخليج العربي، وأيضاً انفتاحها على حركة الصادرات والواردات وتجاره السلع والخدمات التي تمر عبرها بين الخليج والعراق، وإيران والعراق.
• الفصائل والميليشيات في منطقة البصرة:
توجد في منطقة البصرة كل الفصائل الشيعية العراقية، ومن أبرزها التيار الصدري، وفصيله جيش المهدي، وإن كان مكان تمركزه الأساسي في مدينة النجف، كذلك يوجد المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وفصيله المسلح فيلق بدر، وهناك حزب الدعوة، وحزب الفضيلة.
• عوامل الصراع حول البصرة:
بعد إجازة مشروع الفيدرالية، واحتمالات تمرير قانون النفط العراق، والضغوط الأمريكية، إضافة إلى تواطؤ حكومة المالكي، ورغبة الأتراك، الذين سيطروا على شمال العراق في تمرير هذه المشروعات، وجدت الفصائل الشيعية أن الأفضل القيام بالآتي:
- تخفيف العمليات العسكرية في منطقة بغداد، وذلك بسبب التواجد الكثيف للقوات الأمريكية وحملة خطة تأمين بغداد.
- التركيز في السيطرة على جنوب العراق، وذلك لأنه يمثل الموطن المذهبي للحركات الشيعية.
كذلك أدركت الفصائل العراقية الشيعية مثل جيش المهدي وفيلق بدر بأن تركيزهم على العاصمة بغداد خلال الفترة السابقة قد ترتبت عليه الكثير من التأثيرات السلبية، والتي أبرزها:
- الدخول في عداوات متصاعدة مع السنة العراقيون.
- إهمال جنوب العراق، جعل هذين الفصيلين الشيعيين الرئيسيين يعانيان من ظاهرة فراغ القوة والسلطة في منطقة البصرة، والتي هي بالأساس تشكل القاعدة الرئيسية.
- إهمال السيطرة على منطقة البصرة قد يؤدي إلى قيام الأطراف الأخرى مثل القوات الأمريكية أو القوات البريطانية بإغلاق الطرق والمعابر مع إيران، وبالتالي تنقطع خطوط الإمدادات الإيرانية هذه الفصائل.
أهمية البصرة، ليست أهمية اقتصادية أو عسكرية فقط، بل هي أهمية ذات قيمة رمزية عالية، لأنها تمثل أكبر تجمع سكاني لجنوب العراق بسبب وجود المرافق الخدمية والمؤسسات الرئيسية فيها، وبالتالي فإن السيطرة عليها سوف تلعب دوراً كبيراً في تعزيز قوة الفصيل المسيطر.
المشاكل الأخيرة التي ظهرت في منطقة البصرة كانت بسبب قيام جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر بمحاولة تعزيز وجوده وإضعاف الفصائل الأخرى الموجودة في المنطقة، بما يؤدي إلى حرمانها من المزايا النسبية التي كانت تتمتع بها خلال الفترة الماضية، ويرى زعماء جيش المهدي، بأن سيطرتهم على مدينة النجف ذات الأهمية الدينية لن تكتمل إلا بالسيطرة على البصرة.. وذلك لأن قوات فيلق بدر المنافسة (التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، الذي يقوده عبد العزيز الحكيم) إن استطاعت السيطرة على منطقة البصرة، فسوف يواجه جيش المهدي انقطاع الإمدادات وفقدان هامش المناورة الميدانية التي يمكن أن تتيح للعناصر الانسحاب جنوباً أمام تقدم القوات الأمريكية، على النحو الذي يستدرج القوات الأمريكية إلى عمق الجنوب العراقي، ثم بعد ذلك تبدأ عناصر جيش المهدي بخوض سيناريو الحرب اللامتماثلة ضد القوات الأمريكية والبريطانية.
كذلك في حالة اندلاع مواجهة عسكرية أمريكية- إيرانية، فإن قوات جيش المهدي تستطيع من خلال السيطرة على منطقة البصرة تقديم المساندة الميدانية القتالية لقوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني الموجودة حالياً في جنوب العراق.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة