العامل السوري في الملف النووي الكوري يهددالمحادثات الأمريكية-الكورية

الجمل:  ينظر الأمريكيون والأوروبيون الغربيون إلى الملف النووي الكوري الشمالي بمثابة العائق الرئيسي لتحقيق السلام في شبه الجزيرة الكورية، إضافة إلى أنه يشكل عاملا مهددا لاستقرار منطقة شمال شرق آسيا ويضيف تحديا جديدا أمام سياسة عدم انتشار الأسلحة النووية.
• الملف النووي الكوري الشمالي: النشأة والتداعيات
بعد الأزمة الكورية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية وانقسام شبه الجزيرة الكورية على غرار ألمانيا التي انقسمت إلى شرقية وغربية تم تقسيم شبه الجزيرة الكورية إلى كوريا الشمالية (تحت حماية الاتحاد السوفييتي السابق) وكوريا الجنوبية (تحت حماية الولايات المتحدة) ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي الذي حدث في نهاية حقبة ثمانينات القرن الماضي، اختل التوازن الأمني في شبه الجزيرة الكورية، وذلك لأن كوريا الشمالية وجدت نفسها تعاني انكشافا أمنيا في مواجهة كوريا الجنوبية التي ظلت تتمتع بحماية الولايات المتحدة الأمريكية وقواعدها العسكرية.
لم يقف الأمر عند مد الانكشاف، بل أصبحت كوريا الشمالية في مواجهة المزيد من الضغوط الأمريكية والغربية الهادفة إلى ضمها لكوريا الجنوبية على غرار ما حدث مع ألمانيا الشرقية بعد انهيار حائط برلين وتوحيد الألمانيتين.
استطاع الكوريون الشماليون إحراز التقدم المضطرد في تطوير الأسلحة النووية على النحو الذي أتاح لهم بناء قوة الردع النووي ضد الاستهداف الأمريكي- الكوري الجنوبي والياباني.
تحركت الولايات المتحدة مستخدمة نفوذها على مجلس الأمن الدولي ووكالة الطاقة الذرية على النحو الذي أدى إلى دخول بعض الأطراف الدولية والإقليمية الأخرى في إدارة الأزمة وعلى وجه الخصوص روسيا، الصين، اليابان وتم تشكيل ما عرف بـ(اللجنة السداسية) لإدارة أزمة الملف النووي الكوري الشمالي.
• الخلافات الأمريكية بشأن الملف النووي الكوري الشمالي:
خلال فترة ما بعد غزو واحتلال العراق تبلور اتجاهان داخل الإدارة الأمريكية وبرغم أن خيار استخدام الضربة العسكرية ضد كوريا الشمالية كان ضعيف الاحتمال وتم اعتماد أساليب الضغوط السياسية والدبلوماسية ضد كوريا.
وبعد مضي بضع سنوات على استمرار الضغوط الدبلوماسية والمفاوضات الشاقة فاجأت كوريا الشمالية المجتمع الدولي بقبول (الصفقة) التي ساعدت في التوصل لها الصين وروسيا وبالمقابل وافقت إدارة بوش على تسوية أزمة الملف النووي الكوري الشمالي وفقا لهذه الصفقة وبرغم ذلك فقد نشأ انقسام وخلاف داخل الإدارة الأمريكية.
• الخارجية الأمريكية والكونغرس الأمريكي وبعض الأطراف الأخرى في الإدارة الأمريكية رأوا في موافقة كوريا الشمالية حلا لأزمة الملف النووي الكوري الشمالي  وانتصارا لأمريكا.
• جماعة المحافظين الجدد رفضت الصفقة ولعب جون بولتون دورا بارزا في الترويج لمقولة أن قيام إدارة بوش بالتوقيع على الصفقة مع كوريا الشمالية هو في الحقيقة توقيع لاستسلام أمريكا في مواجهة كوريا.
• الملف النووي الكوري الشمالي والـ(عامل السوري):
• بعد توقيع الاتفاق بين إدارة بوش وكوريا الشمالية عبر اللجنة السداسية سعت جماعة المحافظين الجدد إلى دفع الإدارة الأمريكية إلى التملص من الاتفاق وذلك عن طريق توفير العوامل المناسبة التي تتيح الذرائع القوية التي يمكن أن تستند عليها إدارة بوش في الانقلاب على الاتفاق وإعادة إنتاج أزمة الملف النووي الكوري الشمالي إلى المربع الأول مخطط جماعة المحافظين الجدد يهدف إلى الاستخدام المزدوج في الملفات الجديدة ضد كوريا الشمالية وفي الوقت نفسه يتم استخدام الـ(عامل الكوري الشمالي) في تعزيز عملية بناء الملف النووي السوري المفترض.
نشر موقع روستوري الالكتروني الأمريكي تحليلا أعدته الخبيرة لاريسا اليكساندروفا تقريرا  استند إلى إفادة الخبير الاستخباري الأمريكي فينسنت كانيسترارو (المدير السابق لبرامج المخابرات بمجلس الأمن القومي خلال فترة إدارة ريغان) والذي أكد قائلا بأن ما قامت به الطائرات الإسرائيلية باستهدافه يوم 6 أيلول الجاري داخل سورية ليس منشأة نووية وأشارت الخبيرة لاريسا اليكساندروفا إلى أنها استمعت إلى إفادات بعض المسؤولين الاستخباراتيين والذين أكدوا جميعا أن ما استهدفته طائرات إسرائيل في سورية ليس منشأة نووية.
أما جون بولتون( مسؤول الملف النووي السوري المفترض في معهد المسعى الأمريكي التابع للوبي الإسرائيلي) فقد نشر مقالا في صحيفة وول ستريت جورنال التابعة لجماعة المحافظين الجدد حمل عنوان (سورية تنضم إلى محور الشر)، هذا وقد ركز مقال جون بولتون الجديد على الآتي:
- محادثات الأطراف الستة حول برنامج الأسلحة النووية الكورية الشمالية سوفيتم استئنافها في بكين وفي جلسة المباحثات الماضية تم التأكيد على حدوث تقدم ملحوظ في تنفيذ اتفاق 13 شباط 2007 .
وفي يوم 2 تشرين الأول 2007 سوف يقوم الرئيس الكوري الجنوبي روموهايون بالسفر إلى كوريا الشمالية لمقابلة الرئيس الكوري الشمالي كيم جونق إيل للبحث في عملية دعم وتعزيز التعاون السياسي بين بيونغ يانغ وسيؤول.
إن الغارة الجوية الإسرائيلية الناجحة (كما يقول بولتون) التي تمت يوم 6 أيلول 2007 قد أدت إلى جعل محادثات الأطراف الستة مع كوريا الشمالية أمرا لا قيمة له...
• إن الهدف الذي قامت الطائرات الإسرائيلية بضربه على الأرض يعتبر هدفا ذو أهمية قليلة مقارنة بالهدف الأكبر المتمثل في إرغام وإجبار كوريا الشمالية على رفع يدها من التعاون مع سورية.
• يوجد تعاون إيراني – كوري شمالي كبير في مجال الصواريخ البالستية وأسلحة الدمار الشامل.
• التعاون الإيراني – الكوري الشمالي على خلفية التعاون السوري- الكوري الشمالي يجعل الوجود الإيراني حاضرا في التعاون السوري- الكوري الشمالي في أنشطة إنتاج الأسلحة النووية والصاروخية.
• يتوجب على الولايات المتحدة وإسرائيل التعاون والعمل من أجل القضاء بشكل تام على التحدي النووي الإيراني والتحدي النووي الكوري الشمالي.
• يتوجب التحقيق من المدى الكامل لاستمرارية التعاون السوري – الكوري الشمالي وإذا ثبت أن كوريا الشمالية تتعاون مع سورية في إنتاج أسلحة الدمار الشامل فإنه يتوجب فورا أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بإلغاء اتفاقية 13 شباط الماضي المتعلقة بالصفقة مع كوريا الشمالية.
ويشير جون بولتون بكل وضوح إلى أن صفقة اتفاقية 2 شباط الماضي ليست سوى شعار وأن المستفيد الوحيد من هذه الصفقة هو الرئيس الكوري الشمالي كي جونق إيل.
كذلك يسير جون بولتون إلى سورية متسائلا: ضد من تهدف الصواريخ البالستية السورية؟ ويشير جون بولتون إلى القوات الأمريكية التي تعاني حاليا في العراق باعتبارها سوف تكون الهدف المحتمل.
ويضيف جون بولتون قائلا: بأن سورية ما تزال في حالة حرب مع إسرائيل وثورة الأرز اللبنانية ويتوصل جون بولتون إلى نتيجة مفادها: إن كل شخص يهمه أمر أمن إسرائيل وأمر ديمقراطية لبنان يتوجب عليه أن لا يسعى من أجل التركيز والتحسب لعملية منح كوريا الشمالية سبيلا تستطيع من خلال نشر ودعم الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة