العقيدة الجديدة للدفاع الأميركي
أخيراً، أعلن الرئيس أوباما يوم الجمعة الفائت عن مضمون العقيدة الجديدة للأمن القومي. فالوثيقة التي كانت منتظرة منذ عدة سنوات، أتت كثمرة لتوافق داخل الأوساط العسكرية بعد «الربيع العربي»، وانقلاب أوكرانيا، وتمدد داعش.
القرار الأكثر أهمية الذي تم اتخاذه، تمثل في إعادة التسلح.
صحيح أن الولايات المتحدة ليس لها أي عدو، إلا أنها تفقد تدريجيا بعضاً من تفوقها العسكري الساحق.
وحتى في الوقت الراهن، لا تزال موازنة «الدفاع» أعلى من موازنات باقي جيوش العالم مجتمعة.
مع ذلك، تشهد هذه الموازنة تراجعاً منذ عام 2013 لأسباب اقتصادية وواقعية على حد سواء.
في الواقع، أصبحت جيوش الولايات المتحدة، منذ نحو خمسة عشر عاماً، بيروقراطيات ضخمة، ولم يعد لديها سوى واحد على خمسة من عدد الجنود القادرين على القتال. كما تبين أنه كلما وافق الكونغرس على منح وزارة الدفاع المزيد من الأموال، تضخمت البيروقراطية، وصارت النتائج على الأرض نادرة.
وبالمحصلة، كل محاولات الإصلاح أخفقت، منذ دونالد رامسفلد حتى تشاك هاغل. الأمر الذي جعل الرئيس أوباما يتخلى عن إعادة الهيكلة والاستمرار بتغذية بئر بلا قرار.
تنص العقيدة الجديدة على أن «العالم الحر» سوف يواجه من الآن فصاعداً عدواً واحداً: إنه روسيا، المتهمة بعدم قبول الانقلاب في أوكرانيا، وبتقديم الدعم «للنوفوروس» في دونباس، وبإحباط محاولات الإطاحة بالجمهورية العربية السورية.
وعلى صعيد متصل، تذكر الوثيقة أيضاً كوريا الشمالية بوصفها عدواً لم تتمكن واشنطن من سحقه في خمسينيات القرن الماضي، وكذلك داعش التي لم تعد تملك أي سيطرة عليها.
لكن الأكثر غرابة في هذه الوثيقة، هو ما لم يذكر فيها.
هكذا، لم تعد «إعادة تشكيل الشرق الأوسط الكبير» مسألة مهمة، لأن الأهم الآن هو تسريع تحريك القوات حول روسيا، وصوب الصين. ما يجعلنا نستنتج منطقيا أن واشنطن لن تمضي، في المدى المنظور، إلى استكمال مشروعها في تقسيم العراق إلى ثلاث دول منفصلة، على الرغم من تحققه في الواقع. ومن غير المحتمل أن تعترف باستقلال كردستان العراق، وبشكل أقل احتمالاً أن تعترف بدولة سنية في العراق.
وكما هو الحال دائماً، تؤكد وثيقة الدفاع دعم واشنطن اللامشروط للمستوطنة اليهودية في فلسطين. وتنص الوثيقة على أن كل شيء سيجري للحفاظ على التقدم التكنولوجي الهائل للجيش الإسرائيلي، بشكل يبدو أكثر تطورا من القوات المسلحة الأميركية.
مع ذلك، فإن أي انسحاب تدريجي للقوات الأميركية من المنطقة، يعطي انطباعاً بوجود إستراتيجية جديدة للدفاع عن إسرائيل.
في عام 2012، كان ثمة تصور لتقاسم هذا العبء مع روسيا، من منطلق أن نحو مليون إسرائيلي ينحدرون من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، وأن لدى موسكو علاقات جيدة مع حكومات وجماعات ليس لواشنطن أي سيطرة عليها.
وبالنظر في انقلاب الموقف الأميركي ضد روسيا، صار لزاماً عليها إيجاد شيء آخر.
تخبرنا الوثيقة أيضاً، أن الأقنعة، سوف تسقط، وأن تحالفاً عسكرياً إقليمياً، على غرار حلف شمال الأطلسي، سوف يتشكل حول إسرائيل، التي سيكون دورها فيه مشابهاً لدور الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي، أما حلفاؤها فهم من: الأردن، والسعودية، ومن مختلف دول الخليج.
تيري ميسان
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد