الفيصل يهاجم إيران ونجاد يتهمه بأنه لا ينفذ أوامر ملكه
هاجم وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، أمس، ما اعتبره «انقلابا» نفذه حزب الله في لبنان، معتبرا أن العلاقات العربية ـ الإيرانية ستتأثر سلبا إذا دعمته طهران. وشدد على دعم الرياض ومساندتها للحكومة اللبنانية، معتبرا أنها «المؤسسة الدستورية الباقية».
وقال الفيصل، في مؤتمر صحافي في الرياض، «تبدي السعودية قلقها البالغ لاستمرار المواجهات والمصادمات المسلحة في لبنان، وانتشارها في العديد من المدن والمناطق اللبنانية، وعن أسفها الشديد لتوجيه السلاح اللبناني للداخل ضد اللبنانيين، وضد الوطن ومؤسساته، وتحذر من أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يدفع إلى منزلق خطير لا تحمد عقباه».
وأكد الفيصل «تضامن السعودية مع أشقائها العرب، والتزامها بالقرار الصادر عن الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية»، مرحبا «بما اتخذته الحكومة من إجراءات لتهدئة الأزمة، وأهمية قيام الجيش بمسؤولياته في حماية الأمن العام».
وأضاف الفيصل «ندعو جميع الأطراف اللبنانية إلى الاستجابة للجهود المخلصة والصادقة للجامعة العربية، واللجنة الوزارية المشكلة المنبثقة عن مجلس الجامعة لحل الأزمة اللبنانية وفق المبادرة العربية الهادفة إلى إطلاق الحوار اللبناني السياسي، عوضا عن إطلاق القذائف والرصاص بين اللبنانيين واستهداف بنيته الأساسية ومؤسساته الرسمية والمدنية بالحرق والهدم وإسكات صوته الإعلامي الحر».
وتابع «تماشيا مع جهود الجامعة العربية السلمية فإن المملكة تطالب مجددا كافة الأطراف الإقليمية باحترام سيادة لبنان واستقلاله، وكف يدها عن التدخل في شؤونه الداخلية، وإثارة فتنه الطائفية ومحاولة مصادرة قراره السياسي وإرادته الحرة».
وعن مطالبة السعودية إرسال قوات عربية إلى لبنان لإنهاء الأزمة، قال الفيصل «السعودية لم تخف موقفها حتى يكون هناك غموض، المملكة مع الشرعية اللبنانية التي تمثلها الحكومة اللبنانية والتي طرحت حلها للوضع القائم حول القرارات التي اتخذتها الحكومة، وهي لدى الجامعة العربية، وبالتالي دعت إلى قبول ما قدمته الحكومة».
وأضاف «هناك عرض الجامعة العربية الذي يقود إلى هذا الطريق بأسرع مسلك، وهو انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة انتقالية ووضع نظام الانتخابات ومن ثم إجراء الانتخابات، فما الداعي لسفك الدماء وهدر دماء الناس وأموالهم وممتلكاتهم بأيد لبنانية ولديهم الحل الذي يكفل إذا كان هذا الطرف على حق فهو سيكسب الانتخابات وإذا كان الطرف الآخر فهو سيكسب الانتخابات».
وعن سحب السعودية لسفيرها لدى لبنان وإغلاق السفارة، أكد الفيصل أن «السفير استدعي من لبنان، ولكن السفارة باقية وهي تقوم بواجبها ومفتوحة، وهناك بعض بقايا السعوديين لا يريدون ترحيلهم من الأراضي اللبنانية، وستقوم بواجبها تجاه اللبنانيين وخدمة مصالحهم»، مشيرا إلى أن «سبب استدعاء السفير للتشاور، وسيعود قريبا إذا هدأت الأمور».
وحول إمكانية تأثر العلاقات السعودية مع إيران بسبب الأحداث في لبنان، قال الفيصل «إذا كانت إيران تدعم ما حصل في لبنان من انقلاب وتؤيده فهذا سيؤثر على علاقاتها مع جميع الدول العربية إن لم أقل الإسلامية أيضا»، إلا انه أعلن، ردا على سؤال حول ما إذا كانت الاتصالات السعودية ـ الإيرانية مستمرة، أن «الاتصالات مستمرة مع كل الأطراف، وهذا غير مستغرب لأننا نريد حل المشكلة».
وحول إمكانية التقاء السعودية وإيران وسوريا على مستوى القمة إذا كان هذا ينهي المسألة اللبنانية بشكل فوري، قال إن «السؤال افتراضي. حتى لو التقى كل طرف يضمر ما يضمر تجاه العملية، المهم العمل على الأرض وليس الاجتماع، هل سيحتاجون إلى السعودية أن تبين لهم المطلوب منهم. أنا اعتقد أن على كل طرف أن يقوم بواجبه في هذا الإطار، وان (لبنان) بلد يستحق الاستقرار، وأن لا يكون أداة في لعبة سياسية مدمرة».
وعن تأجيل انتخاب الرئيس اللبناني، أوضح الفيصل «لو كان التأجيل الوحيد والمفاجئ لاستغربنا واستنكرنا، ولكن التأجيلات المستمرة جعلتنا نتعود... إن هناك جهة لا تريد أن ينتخب الرئيس ولا تريد للمؤسسات الدستورية اللبنانية أن تقوم وترعى مصلحة لبنان».
وحول تفاؤله باللجنة الوزارية العربية التي شكلت لحل الأزمة، قال الفيصل «بطبيعة الحال إن لم نكن متفائلين لما اتفقنا على إرسالها، ونأمل أن تذهب اللجنة لأهداف معينة، وهي محاولة قبول الأقلية لما عرضته الحكومة من إجراءات».
وعن مدى تصور الرياض لتطوير وتعزيز الجيش اللبناني لحماية الأمن، اعتبر أن «هذا المخطط لتقوية الجيش يجب أن يأتي من الحكومة اللبنانية، ولكن تطالب (السعودية) كل من يمكن أن يساعد في هذا الإطار أن يقوم بهذه المساعدة، لأن في النهاية الجيش هو القاعدة الأساسية التي يمكن عن طريقها تثبيت الأمن والسلم في لبنان، وبالتالي نحن نؤمن بهذا الشيء، ولكن عبر المؤسسة الدستورية الباقية، وهي الحكومة اللبنانية».
وعن موقف بلاده من الفرقاء في لبنان، أوضح وزير الخارجية السعودي «نحن مع الشرعية أينما تنص، وكيفما تنص، وهذه من أبجديات الأمور، لان في لبنان وبشكل خاص دستوره الذي يحكم بين الفئات، ليس موقف الدول الخارجية، لكن هو الدستور اللبناني ويقول إن حسم الخلافات بين اللبنانيين يأتي عبر الانتخابات».
وأضاف وزير الخارجية «ليس من المعقول أن ينظر أي طرف انه يستطيع حل مشاكله السياسية بان يستبيح شرعية البلد ويهاجمها ويستخدم السلاح. ما هو الجرم الذي اقترفته الحكومة في نقل ضابط يعمل في المطار أو التحقيق في وضع أجهزة التنصت وكاميرات مراقبة؟». وأعرب عن اعتقاده أن ما حدث جرى «وفق خطة مسبقة».
وعن دعوة السعودية وجميع الدول العربية إلى تغليب العقل ومصلحة لبنان باستثناء سوريا التي اعتبرت ذلك شأناً داخلياً وهل طرح فتح حوار جديد مع دمشق، قال الفيصل «إذا كانت سوريا مهتمة بالأوضاع في لبنان فالتدخل الايجابي مطلوب، وغير المطلوب هو التدخل السلبي، وهو الذي يحرض على الفتنة وعلى العمل العسكري ويأخذ جانب طرف على طرف آخر، أما إذا كانت تمارس تأثيرها على الجهات التي تقوم بهذه الهجمة على الشرعية اللبنانية فمن المستحب أن تقوم بذلك وهذا لا يحتاج إلى مشاورات» .
واستبعد الفيصل أن تقوم اللجنة التي أقرتها الجامعة العربية بزيارة دمشق. وقال «نحن نريد أن نعرف من اللبنانيين أنفسهم ما الأغراض التي يسعون من ورائها، ونأمل أن كل لبناني يتصلوا به يراعي مصلحة لبنان، وأن يكون متجاوباً مع المصلحة اللبنانية بصرف النظر عن ما تكون السياسة الخارجية تجاه لبنان هذا. ما نريد أن نثيره هو أن لا يكون هناك تدخلات خارجية في الشأن اللبناني وترك اللبنانيين لمعالجة أوضاعهم».
ونفى الفيصل أن تكون الرياض رفضت استقبال رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقال «نريد أن تكون زيارته إلى المملكة مهمة، فلم يكن هناك رفض لزيارة دولته، ولكن المطلوب أن تتم الزيارة بعد أن ينتهي الحوار اللبناني ـ اللبناني ويصل إلى نتيجة على ضوئها كانت ستقوم المملكة بما يجب أن تقوم به من مساعدات ودعم للبنان». وأضاف أن «بري له منصب هام، وهو يرأس أحد أركان الكيان اللبناني ورئاسة البرلمان، فكان من المرجو أن تكون الزيارة لسماع نتائج ما يدور في لبنان من حوار».
- من جهته أعلن الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، أمس، انه يفضل «عدم الرد» على تحذير الأمير سعود الفيصل من أن العلاقات العربية الإيرانية ستتأثر سلبا إذا كانت طهران تدعم «انقلاب» حزب الله في لبنان. واعتبر نجاد أن الفيصل «لا ينفذ العديد من أوامر الملك السعودي» عبد الله.
وخلال مؤتمر صحافي في طهران، انتقد نجاد تصريحات وزير الخارجية السعودي، وقال «آمل أن تكون هذه التصريحات خاطئة. يبدو أن تصريحات سعود الفيصل ناجمة عن الغضب، ولكننا سنصبر حتى يهدئ غضبه، ولن نرد عليه احتراما للملك عبد الله»، موضحا «لقد أدلى بوجهة نظره، ولا ادري إلى أي حد تتطابق مع وجهة نظر الملك».
وأضاف نجاد «خلال الاجتماع الذي عقد مع الملك السعودي، تقرر تشكيل مجموعة لحل مشكلات لبنان، فعين الملك عبد الله، سعود الفيصل ممثلا عنه، ومن جانبي عينت السيد (وزير الخارجية منوشهر) متكي، وعندما تشكلت المجموعة وطرح الموضوع، قال سعود الفيصل ليست هناك حاجة، سنحل المشكلة بأنفسنا، لسنا بحاجة إلى تدخل إيران». وتابع «يبدو أن سعود الفيصل لا ينفذ العديد من أوامر عاهل السعودية، واعتقد أن طريق حل هذا الموضوع هو أن ندعم جميعا الشعب اللبناني».
وحول الاتهامات الأميركية بتدخل إيران في لبنان والعراق، أوضح نجاد «يجب أن تسأل أولئك الذين يطلقون هذه الاتهامات، فإنهم كلما عجزوا يتهمون الآخرين. إنهم في العراق يواجهون الشعب العراقي، لم يستمعوا إلى نصائحنا، ومن الطبيعي فان المصير الذي ينتظرهم سيلاقونه».
وأكد نجاد أن «الدولة الوحيدة التي لم تتدخل في لبنان هي إيران»، موضحا أن «الشعوب في الوقت الحاضر أصبحت واعية ويقظة، ولا تنخدع بهذه الادعاءات. فقد أرادوا إشعال حرب شيعية ـ سنية في لبنان، ولكن اتضح أن هذه الحرب ليست حربا طائفية، وإنما حرب الشعب اللبناني ضد ممارسات (الرئيس الأميركي جورج) بوش المتغطرسة».
ووجه الرئيس الإيراني كلامه إلى القوى الغربية الداعمة لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة، قائلا «اعترفوا بفهم وإرادة الشعب اللبناني، وهو طريق حل الأزمة اللبنانية. إنهم لا يواجهون جماعة وبلدا ما، إنهم يواجهون شعبا». واعتبر أن «الشعوب تدرك أن إيران لا تشكل تهديدا، وان 90 في المئة من دول المنطقة تعتبر إيران دولة صديقة».
إلى ذلك، قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي إن الأحداث الأخيرة في لبنان تعتبر حربا «سياسية أخرى حققت نصرا آخر لحزب الله لبنان والشعب اللبناني»، مضيفا أن أميركا وحلفاءها الأوروبيين «كانوا ينوون اتخاذ السياسة نفسها التي اتخذوها في الحرب التي استمرت لمدة 33 يوماً من خلال استغلالهم الأوضاع السياسية المتوترة في هذا البلد». واعتبر أن «أميركا والكيان الصهيوني فشلا مرة أخرى على الساحة اللبنانية».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد