القائد العام لـ«وحدات حماية الشعب» يساوي بين جميع الفرقاء في الحرب السورية
نفى سيبان حمو، القائد العام لـ «وحدات حماية الشعب» الكرديّة، وهي إحدى أبرز القوى المشاركة في «قوات سوريا الديموقراطية» التي تأسّست في تشرين الأول الماضي، وتقاتل على عدّة جبهات في شمال وشرق سوريا، وجود أيّ علاقة بين «الوحدات» أو حتى «القوات» مع الحكومة السورية أو إيران، مشدداً، في الوقت ذاته، على أنَّ العلاقات مع الولايات المتحدة متطوّرة.
و أكَّد حمو أنَّه «لا توجد أيّ علاقات مع ايران أو مع النظام السوري، وكلّ ما يقال في هذا الخصوص، لا يتعدّى كونه شائعات وفبركات كاذبة»، موضحاً «نحن أهمّ وأصدق قوّة تنادي وتطالب وتسعى لتغيير النظام الاستبدادي، وهذا موقفنا منذ البداية ولم يتغيّر». ورأى أنَّ «الشعب السوري عانى خلال نصف قرن من طبيعة هذا النظام، ولذلك نحن جادّون ومصمّمون على التغيير».
أمَّا عن علاقة «الوحدات» بالولايات المتحدة، فأوضح أنَّ «قسد (قوات سوريا الديموقراطية) هي قوّة رئيسيّة في التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، إلى جانب أنَّها القوّة الفعّالة على الأرض، وهذا ما أسّس لعلاقة جيدة مع التحالف، تتطوّر يوماً بعد يوم».
بدا القائد العام لـ«وحدات حماية الشعب»، خلال اللقاء، ديبلوماسيّاً جداً. اختار إجاباته بعناية. إلَّا أنّه، برغم ذلك، أكَّد ارتفاع وتيرة العداء مع تركيا، محمّلاً الأخيرة مسؤولية ذلك، وقال «نحن كنّا وما زلنا ننادي لأحسن العلاقات مع تركيا... علاقات مبنية على الأخوة وحسن الجوار. ولكن للأسف، فإنَّ السياسة التركيّة المتّبعة حالياً، تصمّ آذانها عن دعواتنا ومستمرة في سياسة عدائيّة هدّامة، ليس بحقّ الكورد فقط، بل بحقّ كافة مكونات الشعب السوري».
وحول التهديدات التركيّة التي وُجِّهت لـ «القوات» في حال تجاوزت نهر الفرات شرق حلب، وهو ما تمّ بالفعل بعد سيطرتها على سدّ تشرين، قال: «هناك من يحزن أو يشعر بالخسارة كلّما ضعف داعش على الأرض، فيرى أنَّ كل هزيمة أو نكسة لداعش هي هزيمة له ولمشروعه»، ورأى أنَّ «من يعترض على تقدّم قوّات سوريا الديموقراطية، إنَّما يعترض على انتهاء الحرب في سوريا، وبالتالي إنشاء سوريا الديموقراطية»، مشدداً على أنَّ «الموقف التركي من سوريا عموماً ومن روج آفا (المناطق التي تسيطر عليها القوى الكردية) خصوصاً، موقف عدائي غريب».
كذلك، نفى حمو وجود علاقات مع السعودية، واتّهمها بأنّها «تتعاطى مع طرف سوري واحد ومن لون واحد، ولا تتعامل بجديّة مع كافة مكوّنات الشعب السوري، بغض النظر عن طائفتهم أو عرقهم».
وقال: «لا أعتقد أنَّ هذه السياسة ستثمر في إنهاء معاناة السوريين، كما أنّها تتعارض مع مبادئنا في قوات سوريا الديموقراطية التي تضمّ، كما ذكرت، كافة مكونات الشعب السوري، بصرف النظر عن الدين أو المذهب أو القوميّة»، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى «أننا منفتحون، ونرحّب بأيّ دور يساعد على إنهاء معاناة الشعب السوري، خصوصاً مع دولة إقليميّة مؤثّرة كالسعودية».
في هذا الإطار، أوضح أنَّ المؤتمر الذي عقد في الحسكة للقوى المعارضة، والذي تزامن مع مؤتمر الرياض لبعض القوى والفصائل المسلّحة، لم يتمّ «نكاية بالسعودية»، إذ إنَّ «التحضيرات لعقد مؤتمر سوريا الديموقراطية بدأت منذ مدة طويلة، وقبل أن يتمّ الإعلان عن انعقاد مؤتمر الرياض».
وأضاف «وجّهت الدعوة إلى قوّات سوريا الديموقراطية وحضرنا المؤتمر وشاركنا بفعالية إن كان في اللجان التحضيرية للمؤتمر، أو أثناء انعقاده، وتمّ الاتّفاق على أن يكون مجلس سوريا الديموقراطية هو الممثّل السياسيّ لقوات سوريا الديموقراطيّة».
واستفاض قائد «وحدات حماية الشعب» الكرديّة خلال اللقاء شرحاً حول ماهية «قسد»، فأكَّد في أكثر من موقف، أنَّ «تشكيل هذه القوّات جاء في السياق الطبيعي لثقافة الشعب السوري الرافض للفكر التكفيري، وكضرورة فرضتها سيطرة الجماعات الإرهابيّة على مساحات واسعة من الأراضي السورية». واعتبر أنَّ «تشكيل قوّة عسكرية تضمّ كافة أطياف الشعب السوري ـ اكراد، وعرب، وسريان، وأرمن، وتركمان، مسلمون، ومسيحيون ـ يسدّ الباب أمام من روّجوا لشائعات عنصريّة كاذبة تهدف إلى إحداث فتنة بين الأكراد والعرب».
واستند حمو الى هذا التعريف في نفي الاتهامات التي تُوجَّه إلى «الوحدات» بأنّها «قوى انفصالية»، وقال إنَّ «من يوجّه هذه الاتهامات هو في الحقيقة من يسعى لتقسيم وفصل مكونات الشعب السوري بعضها عن بعض. ليس لدينا أيّ مشروع أو نيّة لتقسيم سوريا، بل على العكس، نحن سنقاتل دفاعاً عن المواطن السوري ودفاعاً عن وحدة الأراضي السورية».
وأضاف «نحن نؤمن بسوريا موحّدة يحكمها نظام برلماني تعدّدي لا مركزي، تتمثّل فيه كافة أطياف الشعب السوري».
كذلك نفى الاتهامات الموجّهة لـ «القوات» عموماً، و «الوحدات» على وجه الخصوص حول تهجير المكوّن العربي من مناطق سيطرتها، معتبراً أنَّ «من يقف خلف هذه الاتهامات هو الداعم والحاضن للتنظيمات الإرهابيّة والوسائل الإعلامية الداعمة لها»، وأضاف أن «قوّات سوريا الديموقراطية تضمّ العرب والتركمان والسريان، فكيف يرضى المقاتل العربي بأن يقوم بتطهير عرقي ضد العرب؟». وأوضح قائلاً «من المعروف أنَّ المدنيين يقومون بالهجرة أو النزوح من المناطق التي تشهد اشتباكات إلى المناطق الأكثر أمناً»، وهذا ما شاهدناه في حوران وإدلب وحلب وكوباني، فأكبر حالة هجرة جماعيّة في مدّة قصيرة كانت في كوباني (عين العرب)».
وحول فرض اللغة الكرديّة في المدارس التي تسيطر عليها «الوحدات»، رأى حمو أنّ «من حقّ الإنسان التعلّم بلغته، وهو حقٌّ أقرّته كافّة الشرائع الإنسانيّة والمواثيق الدوليّة، وهذا ما نرغب في تحقيقه في سوريا عبر تعديل الدستور في المستقبل، ليمنح هذا الحق للكردي والأرمني والسرياني والتركماني». واشار الى ان «تعدّد اللغات والثقافات يعتبر ثروة وطنيّة لدى الدول المتحضّرة، ولكن للأسف، هذه الثروة لم يتمّ الاستفادة منها طيلة العقود الماضية».
وتعقيباً على التصريحات الأخيرة للرئيس المشترك لمجلس «سوريا الديموقراطية» هيثم مناع، والتي قال فيها إنَّ هذه «القوات» سيطرت على 16 في المئة من مساحة سوريا، أوضح القائد العام لـ «وحدات حماية الشعب» في سوريا: «نحن لا نملك الوقت الكافي للدخول في نقاش أو جدال حول موضوع النسب، ولكن ربّما تكون النسبة أكثر ممّا ذكر السيد مناع»، وتابع «كقوّات سوريا الديموقراطية، نحن نعتبر مجلس سوريا الديموقراطية هو المخول أن يمثّلنا، ويتحدّث باسمنا في أيّ حوار أو مفاوضات سياسيّة».
وعن المعارك الأخيرة بين «الوحدات» وكل من «جبهة النصرة» و «حركة أحرار الشام»، قال حمو إنَّ «الاشتباكات العنيفة بدأت منذ أكثر من شهر، ولكن عمليّاً، الحرب تُشنّ علينا منذ مدة طويلة جداً، فمقاطعة عفرين مثلاً محاصرة منذ أكثر من عام، حيث يتمّ خطف المدنيين في الطرق، وقصفهم بالأسلحة الثقيلة في قرى عفرين وحي الشيخ مقصود في مدينة حلب».
وتابع «قاموا بالاعتداء على المناطق المحميّة من قبل قوات سوريا الديموقراطية في ريف اعزاز الغربي، وتمادوا أكثر فاعتدوا على قرى تابعة لمقاطعة عفرين، وحالياً قام جيش الثوار بتحرير قرى المالكية وكشتعار وتنب والشوارغة».
ووجه حمو نداء لـ «كتائب الجيش الحرّ»، قائلاً: «احذروا أن تسيطر عليكم النصرة وتستخدمكم كألعوبة وكأداة لإشعال فتنة بينكم وبين قوات سوريا الديموقراطية، فهذه وسيلة تسعى إليها جبهة النصرة لتحقيق غايتها في إضعاف الطرفين ومن ثمّ تقوم بفرض سيطرتها وتطبيق مشروعها الذي هو نسخة طبق الأصل عن مشروع داعش».
وفي إجابة على سؤال حول التصنيف الذي تعتمده «الوحدات» في تحديد القوى «الإرهابيّة»، وتلك «المعتدلة»، قال «كل من يعبّر عن حقيقة وحضارة وثقافة وانفتاح وتسامح ورقي وتعدّد الشعب السوري، فهو معتدل، ما عدا ذلك فهو حتماً كيان أو فصيل أو جسم غريب عن سوريا يجب استئصاله».
ورأى أن تصرفات «جبهة النصرة» و «حركة أحرار الشام» وأعمالهما تدلّان على أنّهما «يتبنيّان أفكاراً سلفيّة وهّابيّة تكفيرية، إذ يكفّران أغلب المسلمين، ويقومان بقتل وإرهاب المسلمين باسم الإسلام، فما بالك بغير المسلمين، بالإضافة إلى أنَّ النصرة مثلاً أعلنتها جهاراً أنّها فرع لتنظيم القاعدة».
ميدانياً، رفض حمو الحديث عن مستقبل العمليّات العسكريّة، وقال مازحاً «نحن نؤمن بالديموقراطية والشفافيّة، ولكن ليس لدرجة أن نعلن خططنا العسكرية عبر الإعلام»، قبل أن يتابع «(في منطقة) سد تشرين (أقصى شرق حلب)، لدينا الآن محوران مهمّان، الأول هو محور الرقة والمحور الثاني منبج. داعش حاول في اليوميين الماضيين، استرجاع ما خسره، فشنّ هجومين على مراكز قوات سوريا الديموقراطية في سدّ تشرين وفي عين عيسى وتمّ صدّ هذين الهجومين وتكبيد داعش خسائر فادحة».
وعن الاتهامات التي وُجّهت لـ «القوات» بأنّها ستتسبّب في انهيار سد تشرين بعد سيطرتها عليه، تساءل حمو «لماذا لم تكن هناك خطورة على سد تشرين عندما كان في أيدي داعش؟ ولماذا تحرّكت بعض الجهات وبعض وسائل الإعلام الآن لتنشر مثل هكذا أقاويل بعد خروج السدّ من سيطرة داعش وبعد سيطرة قوّات سوريا الديموقراطية عليه؟». وتابع «من الواضح أنَّ هناك من يسعى لسرقة مياه وخيرات السدّ»، مضيفا أنَّ «العمل في سدّ تشرين يسير كالعادة وبشكل منتظم، وأغلب العاملين في السد على رأس عملهم كما أنّ هناك تواصلا مستمرا مع مدير سدّ تشرين ومع مدير حوض الفرات».
القائد العام لـ «الوحدات»، أكَّد أنَّ المسارين العسكريّ والسياسيّ مترابطان، وقال «لدينا مجلس سوريا الديموقراطية هو الممثّل السياسي لنا وهو المخوّل بالعمليّة السياسيّة»، قبل أن يختم بالقول «نحن قوة عسكرية نقوم بأداء دورنا على الأرض على أكمل وجه ونحقق نجاحات وهذا ما نتمناه للساسة».
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد