القبض على شبكة لتزوير ونقل الملكيات يديرها سجين في عدرا
نحن أمام وقائع أشبه بـ( الجريمة المنظمة) ترتكبها شبكة تحترف الاحتيال، وتتخصص بنقل ملكيات الغير من أراض وعقارات بموجب وثائق وبيانات وعقود وقرارات محكمة جميعها مزورة، ومن ثم بيعها لاشخاص لاذنب لهم سوى الحظ العاثر.
عمليات علامتها الفارقة أنها وقحة لاتتورع عن التلاعب أمام القضاء او عن التغرير بمحامين أو التعدي على حرمة الاموات.
وقد وصفت العصابة بالخطيرة على الاقتصاد الوطني، ولعلها كذلك ليس لأنها تسطو على املاك الغير فقط بل لانها تزعزع الثقة في سوق تمتاز بالحساسية وتأثير الشائعات ايضاً، وتشهد استثمارات بمئات ملايين الدولارات لشركات عربية كبرى!!
تبدأ العملية بتلقف المجموعة لمعلومة مدفوعة الثمن من اشخاص متعاملين معها عن ارض او عقار ما ،ثم وببساطة تستصدر اخراج قيد عقاري للحصول على معلومات شخصية مفصلة وكافية عن مالك الارض او العقار، وعلى أساسها يتم تزوير بطاقة شخصية للمالك الاساسي توضع عليها صورة شخص غالباً مايكون من افراد العصابة او احياناً شخصاً اخر يتفق معه لقاء مبلغ مالي وفقاً لمقتضيات السن، ويقوم بتمثيل دور المالك أمام الكاتب بالعدل او المحامي الذي سيقع عليه الاختيار لمتابعة اجراء نقل الملكية لاحد افراد العصابة وبالتالي الحصول على حكم قضائي بتثبيت الملكية تمهيداً لبيعه من جديد!!
اما إذا كان المالك متوفى فتلجأ العصابة الى تزوير اخراج قيد عقاري باسمه وجعله اساساً لاجراءات نقل الملكية.
ويتولى عمليات التزوير( ح.ط) بواسطة كمبيوتر وسكنر وطابعة وبدقة عالية، وتنحصر علاقته برأس العصابة ومحركها( هـ.ع)
وعموماً،لم يتم القبض على معظم أفراد العصابة مصادفة إنما جاء تتويجاً لعمليات تحر وتقص تولاها فرع الامن الجنائي في دمشق لاسيما أن للموقوفين تاريخاً حافلاً وتشكيلة واسعة من ضبوط منظمة بحقهم غيابياً واعترفوا بها لاحقاً وتتوزع على النصب والاحتيال والتزوير وسرقة السيارات والميسر والدعارة ومحاولة تصريف شيك مزور وتحصيل أموال للغير بالتهديد بل إن أحدهم( هـ. ز) حاول قتل شقيقه بالسكين!!.
وكان عناصر الامن الجنائي ومن خلال المراقبة قد علموا بتوجه افراد العصابة الى معرض للسيارات على أوتوستراد دمشق ـ درعا لاتمام عملية فراغ ارض باعوها الى مالك المعرض( س. ج) بمبلغ 32 مليون ليرة قبضوا منه 10 ملايين، ولم يكن الرجل الضحية يعرف بأن ملكية الارض التي اشتراها مزورة، ولولا تحذير الامن الجنائي له لشرب المقلب ودفع بقية المبلغ.
وهكذا تحول موعد افراد العصابة لقبض المال الى كمين للقبض عليهم، حيث تولى الشاري استدراج العصابة الى مكتبه في الموعد المحدد معهم مسبقاً وهو الواحدة ظهراً وتجهيز اوراق الفراغ والاتصال بعناصر الامن الجنائي الذين يقومون بالمراقبة من بعيد في الوقت المناسب.
والمثير في الموضوع ان العصابة اتبعت اسلوباً مافياوياً تمثل في الاستكشاف المسبق للمكان تولاه اشخاص مجهولون وعلى مدار ساعتين.
وعندما تحركت الدوريات باتجاه المكتب بعد اعلامها هاتفياً بوصول العصابة، شعر أحد افرادها( ه.ع) المتخفي في المحيط للمراقبة بوجود كمين فأخبر زملاءه في الداخل بالامر عبر الهاتف، وحين حاول هؤلاء الفرار اصطدموا مع صاحب المكتب وعماله ووقع اشتباك بالايادي وبعض الموجودات وسد الطريق على سيارة العصابة، ولم يلبث ان وجد أعضاؤها أنفسهم وهم:( و.ص) ،(خ.ع)،(هـ.ز)،(ع.م) قيد الاعتقال.
وبينما استطاع اثنان من العصابة وهما( هـ.ع)و( م.ر) الهرب والتواري عن الانظار بعد اخذهما أوراقاً من الشقة التي تستخدمها العصابة كوكر، تمكن عناصر الجنائية من استدراج احد المتعاملين مع الشبكة والقاء القبض عليه وبحوزته مجموعة من البطاقات والصور الشخصية العائدة لمواطنين سوريين والمعدة لاستخدامها في عمليات التزوير.
ومن أغرب ما كشفته التحقيقات وجود تنسيق واتصال هاتفي مستمر بين محرك العصابة(هـ.ع) وأحد الموقوفين في سجن عدرا( و.ع) الذي يتقاضى نسبة من كل عملية!!
أما( م.أ.ر) فتنحصر مهمته باستئجار المنازل وتأمين احتياجات افراد العصابة كونهم مطلوبين للعدالة.
واللافت أن ( غنائم) كل عملية كانت توزع على حدة وبطريقة( المشايلة)!!
واللافت اكثر أن كل عملية كانت تكشف عن متورطين أو مغرر بهم جدد، ففي العملية المذكورة تبين ان( أ. خ) الذي يعمل في بيع وشراء العقارات هو من دل العصابة على الارض وأعلمهم أنها تعود لشخصين مسافرين خارج القطر، وان ثلاثة سماسرة اخرين شاركوا في عملية البيع رغم معرفتهم بحقيقة تزوير الملكية كما ورطت العصابة احد المحامين لاخذ حكم قضائي بنقل ملكية الارض الى اسم احد افرادها، وورطت محامية اخرى لتنظيم عقد البيع بينه وبين الشاري الضحية!!
وفي عملية ارض في منطقة العراقيات اتضح ان السمسار( ي. س) والذي دل العصابة عليها ويعمل في مكاتب خان الشيح العقارية كان يعرف بكل عمليات التزوير، وأن المنتحل لصفة المالك المتوفي المدعو( أبو بشار) اخذ نصيبه من العملية ( ممنوع على أفراد العصابة الاستفسار عن الاسماء الحقيقية للذين يلعبون دور المالك) وان العصابة قد غررت بمحاميتين خلال العملية!!
وفي عملية بيع محضر في محلة قدسيا، قام كاتب بالعدل بتنصيب نفسه مدعياً شخصياً بحق افراد العصابة لتزويرهم عقد بيع قطعي مبرم، علماً انهم باعوا العقار مرتين!!
وبنفس الوتيرة وبلاعبين او متورطين جدد مارست العصابة نشاطها في الصنمين وفي سبينة الصغرى، وفي كل ملعب استطاعت اللعب فيه!!
إياد عيسى
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد