النواياالإسرائيليةوإشكاليةعدم الوضوح الاستراتيجي عندالقادة العسكري
الجمل: تواظب صحيفة هاآرتس الإسرائيلية بشكل مستمر نشر صفحة المحلل الإسرائيلي البارز شموئيل روزنر التي تحمل عنوان «نطاق روزنر»، ومن بين التحليلات الصادرة اليوم توجد زاوية حملت عنوان «ضيف روزنر» حيث استضاف روزنر فيها كل من عاموس هارييل الخبير الإسرائيلي في الشؤون الدفاعية والعسكرية وعافي إزاخاروف الخبير الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية.
* شراكة هارييل – إزاخروف:
يعتبر كل من هارييل وإزاخروفمن بين أبرز الكتاب والمحللين الإسرائيليين الأكثر شهرة داخل وخارج إسرائيل بسبب إعدادهما لدراستين تم نشرهما داخل وخارج إسرائيل ضمن كتابين يعتبران من بين الأكثر مبيعاً داخل وخارج إسرائيل.
• الدراسة الأولى بعنوان «الحرب السابعة: كيف كسبنا ولماذا خسرنا الحرب مع الفلسطينيين».
• الدراسة الثانية بعنوان «34 يوماً: إسرائيل، حزب الله والحرب في لبنان».
تضمن حوار روزنر مع الشريكين بعض الأسئلة الحرجة التي تطرقت لما يلي:
• إدراك الفلسطينيين – حزب الله لمدى فعالية قوة الردع الإسرائيلي عندما يقوم الفلسطينيون بإطلاق الصواريخ من غزة أو يقوم حزب الله بتكديس وحشد صواريخه استعداداً للمواجهة المتوقعة مع إسرائيل.
• مدى الفشل الذي منيت به إسرائيل في مواجهة حزب الله اللبناني ولماذا؟
تطرقت ردود الخبيرين إلى أزمة إسرائيل – جنوب لبنان، وأزمة إسرائيل – قطاع غزة إلى تفادي الإقرار بحالة عجز القوة الغاشمة الإسرائيلية عن القيام بدورها الوظيفي المعهود المتمثل في الردع سواء بالتلويح باستخدام القوة أو باستخدامها الفعلي. ولكن القراءة الدقيقة الفاحصة لما ورد بين السطور تكشف عمق أزمة قوة الردع الإسرائيلية، وتوجد الكثير من المؤشرات الدالة على ذلك منها:
• هزيمة القوات الإسرائيلية على يد حزب الله في حرب صيف العام 2006م بدليل ما ورد في تقرير فينوغراد الإسرائيلي.
• عدم قدرة القوات الإسرائيلية على القضاء على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بدليل تضارب التصريحات الإسرائيلية ومحاولة لجوء إسرائيل إلى القاهرة وباريس كقنوات للتفاهم مع الفلسطينيين (حركة حماس المسيطرة على قطاع غزة).
* إشكالية الردع الإسرائيلي:
يتضمن مفهوم الردع العسكري ثلاثة عناصر الأول هو القوة العسكرية والثاني هو التلويح باستخدامها والثالث هو توافر الإرادة الكاملة لاستخدام هذه القوة بشكل فعلي وبكفاءة عالية.
حيرة الردع العسكري الإسرائيلي لم يكن مسرحها هو الصحف الإسرائيلية حصراً، وإنما امتدت عدى الاهتمام بها لمراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية الأمريكية التابعة للوبي الإسرائيلي وجماعة المحافظين الجدد ومن أبرز الدراسات التي تصدت لذلك نجد:
• الدراسة الأولى: الدروس والعبر من حرب فلسطين ضد إسرائيل.
• الدراسة الثانية: حزب الله في الحرب: تخمين عسكري.
ومن عنوان الدراستين يتضح لنا أن الأولى اهتمت بدراسة فشل الردع العسكري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين والثانية اهتمت بفشل هذا الردع ضد اللبنانيين. وقد حاولت الدراسات الإجابة على الإشكالية الآتية: تملك إسرائيل القوة العسكرية وتقوم بالتلويح باستخدامها وبسبب توافر الإرادة الإسرائيلية على الاستخدام الفعلي للقوة العسكرية فقد أقدمت الحكومة الإسرائيلية على استخدامها، فما الذي حدث؟
وفي معرض التوصل إلى الحل العلمي لهذه الإشكالية نلاحظ الآتي:
• إن الإسرائيليين يؤكدون بشدة على وجود التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة.
• إن الإسرائيليين يرفضون بشدة الاعتراف بالهزيمة أمام حزب الله أو الاعتراف بالعجز أو الفشل في مواجهة حركة حماس.
• إن الإسرائيليين يتحدثون عن ضرورة القيام بـ"عمل ما" من أجل تعزيز فعالية قدرة الردع العسكري الإسرائيلي.
* النوايا الإسرائيلية الحالية وإشكالية عدم الوضوح الاستراتيجي:
تتحدث المصادر والتسريبات الإسرائيلية عن العديد من المسارات المتوقعة خلال هذا الصيف:
• مسار الهجوم على إيران: ويواجه هذا المسار جملة من الإشكاليات الفرعية المتضاربة والمثيرة للشكوك، منها: هل ستقوم إسرائيل منفردة بضرب إيران أم ستشاركها الولايات المتحدة، أم أن الأخيرة ستتكفل وحدها بأمر الهجوم على إيران؟ وتبرز بعد ذلك حيرة الإسرائيليين حيال ردود الأفعال المتوقعة خاصة وأن كل المسارات تقول بأن رد الفعل سيستهدف في المقام الأول إسرائيل ويحتار الإسرائيليون حول احتمالات أن تأتيهم الضربة الانتقامية بواسطة حزب الله أم بواسطة إيران إضافةً إلى إدراكهم الواضح لحقيقتين هما أن الرد الانتقامي الإيراني سيكون مدمراً وكارثياً على وجود إسرائيل، والثاني أنه لا توجد وسيلة وقائية عسكرية لمنع ضربة الرد الانتقامي في العمق الإسرائيلي.
• مسار الهجوم ضد حزب الله وينظر إليه الإسرائيليون أولاً باعتباره مساراً ضرورياً لجهة تأمين الحدود الإسرائيلية الشمالية وثانياً باعتباره ضروري لجهة إضعاف الرد الانتقامي الإيراني.
• مسار الهجوم ضد حركة حماس: وينظر الإسرائيليون له باعتباره ضرورة لإيقاف خطر الصواريخ الفلسطينية على إسرائيل وهو أمر سيعزز هيبة ومصداقية الحكومة الإسرائيلية الحالية. ولكن، المشكلة تتمثل في الإجابة على الأسئلة من نوع:
* كم سيكون حجم الخسائر الإسرائيلية.
* هل يستطيع الجيش الإسرائيلي خوض الحرب في المدن والشوارع دون أن يمنى بالهزيمة التي ستؤدي إلى تعرض الحكومة الإسرائيلية لتقرير فينوغراد جديد.
ما يحدث الآن في إسرائيل من استعدادات وتصريحات لخوض الحرب وشن العدوان ضد إيران أو جنوب لبنان أو الأراضي الفلسطينية أو أراضي سوريا، قد يكون حقيقياً خاصةُ أن الحكومة الإسرائيلية قد تعودت على اتخاذ القرارات الحمقاء وركوب الخطر، وقد يكون من قبيل المزايدات والمناورات السياسية بين الكتل السياسية الإسرائيلية الأربعة:
• تحالف كاديما الذي يتصارع على زعامة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني.
• حزب العمل الذي ينفرد بزعامتها وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك وبمضي في تطبيق خارطة الطريق إلى رئاسة الوزارة الإسرائيلية
• حزب الليكود بزعامة بنيامين نتينياهو الذي يجد دعم اللوبي الإسرائيلي واليهود الأمريكيين.
• تجمع الأحزاب الدينية الصغيرة التي تسعى للمناورة والدخول في التحالفات مع الكتل الرئيسية الثلاثة بما يؤمن لزعماء هذه الأحزاب الحقائب الوزارية وعضوية الكنيست.
دخل الصيف ومضت بواكيره والكل في المنطقة في حالة التأهب القصوى لمواجهة العدوان الإسرائيلي وما يخافه الإسرائيليون هو قيام الحكومة الإسرائيلية بفتح جبهة قتالا جديدة يترتب عليها انفتاح 4 جبهات. بكلمات أخرى توجد جبهات سوريا وإيران وجنوب لبنان وقطاع غزة، والضفة الغربية التي ما زالت تمثل الجهة المنسية للإسرائيليين، فهل سيفهم الإسرائيليون مدى فداحة المغامرة هذه المرة أم أنهم سيدخلون في المغامرة من جديد؟
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد