انعقاد مؤتمر منظمة شنغهاي في قرغيزيا
قمة قادة بلدان منظمة شنغهاي للتعاون، التي انعقدت في العاصمة القيرغيزية بيشكيك وكانت السابعة من حيث الترتيب، جاءت الأكثر أهمية والأغنى مضموناً بنتائجها والوثائق التي خرجت بها في تاريخ هذه المنظمة الفتية وأظهرت أنها تتطور بصورة ديناميكية وتزداد قوة وفعالية من سنة إلى أخرى وتتجاوب مع المطالب والمصالح الأمنية والاقتصادية لشعوب المنطقة الآسيوية وبما يخدم توطيد السلام والاستقرار في العالم بأسره.
وتمثلت النتيجة الأهم لقمة بيشكيك في التوقيع على معاهدة للصداقة والتعاون وحسن الجوار بين البلدان المشاركة، وهي روسيا والصين وكازاخستان وقيرغيزيا وطاجيكستان وأوزبكستان اضافة الى جملة من الاتفاقيات الاخرى ولاسيما في مجال الطاقة وهذا يعني زيادة التنسيق وتعزيز عمليات التكامل وتوسيع وتعميق الأعمال المشتركة بما في ذلك المجالان العسكري والأمني بغية التصدي للأخطار والتحديات الجديدة التي تواجهها المنطقة ومحاولات التدخل في شؤونها الداخلية وينطبق ذلك أول ما ينطبق على بلدان آسيا الوسطى من عداد الجمهوريات السوفييتية السابقة.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واضحاً في تأكيده أن منظمة شنغهاي للتعاون تغدو عاملاً متزايد الأهمية لضمان الأمن في آسيا الوسطى داعياً الى إضفاء طابع الانتظام على المناورات العسكرية المشتركة بين بلدان المنظمة على غرار مناورات «مهمة السلام 2007» الجارية حاليا في أراضي روسيا والتي تشكل القوات المسلحة الروسية والصينية محورها الرئيسي والمدعوة لاثبات قدرة هذه البلدان على ضمان الأمن في منطقتها بقواها الذاتية دون السماح لأي كان بالتحكم في مصائرها وثرواتها.
وإذ أشار الرئيس الروسي الى وجوب إقامة منظومة عادلة للعلاقات الدولية تضمن إمكانيات متكافئة لجميع البلدان فإنه أكد قناعته بأن الأمن واحد للجميع وأن أي محاولات للانفراد بحل القضايا الاقليمية والعالمية محكوم عليها بالفشل نظراً لنشوء مراكز تأثير سياسي ونمو اقتصادي جديدة وقوية في العالم.
ووافق الرئيس الصيني هو جينتاو على أفكار نظيره الروسي مؤكداً أن بلدان منظمة شنغهاي للتعاون تزيد من فعالية تعاونها في مجال الأمن بما يسهم في احلال السلام في العالم بأسره وإنشاء نظام عالمي أكثر عدالة.
وفي لقاء ثنائي ضم الرئيسين الصيني والإيراني أكد هو جينتاو اهتمام بكين بإيجاد حل سلمي لبرنامج ايران النووي معربا عن تفهم الصين لقلق إيران بهذا الخصوص في حين جدد الرئيس محمود أحمدي نجاد التزام طهران بقواعد القانون الدولي وقرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأنها مستمرة في اتصالاتها مع الأطراف المعنية بما فيها جمهورية الصين الشعبية.
وفي كلمته أمام القمة دان الرئيس الإيراني مخططات الولايات المتحدة لنصب درع صاروخية في أوروبا مشيراً إلى أن هذه المخططات لا تقتصر على تهديد إيران فحسب بل تشكل أيضاً خطراً كبيراً يطول القسم الأكبر من القارة الآسيوية وبلدان منظمة شنغهاي للتعاون.
وفي إشارة واضحة الدلالة الى الولايات المتحدة أعرب الرئيس نجاد عن الأسف لكون بعض الدول في العالم المعاصر اعتادت التكلم بلغة التهديد والوعيد انطلاقاً من مواقع القوة في حين إن العالم يحتاج أكثر ما يكون الى استتباب السلام والأمن.
لقد أظهرت قمة بيشكيك مرة أخرى أن منظمة شنغهاي للتعاون تملك أهدافها الخاصة ومصالحها الخاصة وأدواتها السيادية الخاصة لتنفيذ هذه الأهداف والمصالح بصرف النظر عن كل ردود الفعل السلبية التي تبديها واشنطن وغيرها من عواصم الغرب على نشاط هذه المنظمة الفتية التي أجبرت الولايات المتحدة على إغلاق قاعدتها العسكرية الجوية في أوزبكستان قبل سنتين وأفلحت في الاتفاق على تمديد خطوط لنقل موارد الطاقة من كازاخستان وتركمانيا الى أوروبا عبر أراضي روسيا وليس عبر بحر قزوين وصولاً الى جورجيا حسب المخططات الأميركية.
وعلى الرغم من أن بلدان المنظمة، وبالدرجة الأولى روسيا والصين، أكدت مراراً أنها لا تسعى لتحويلها الى حلف سياسي عسكري مناوئ لأحلاف أخرى إلا أن الولايات المتحدة والمصادر المسؤولة في حلف الناتو التابع لها لا تكف عن إبداء مشاعر القلق والحساسية إزاء ازدياد الوزن السياسي والعسكري والاقتصادي للبلدان الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون والتي تضم مع البلدان المتمتعة بصفة العضو المراقب فيها، وهي ايران والهند وباكستان ومنغوليا، زهاء نصف سكان العالم وتملك جيوشاً عصرية قوية وتتمتع بموارد هائلة من الوقود والطاقة وامكانيات اقتصادية كبيرة.
د. فهد كم نقش
المصدر: تشرين
إقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة ومنظمة تعاون شنغهاي واحتمالات صراع الإرادات
إضافة تعليق جديد