باريس تندد باستراتيجية واشنطن تجاه إيران

استعادت فرنسا بدعوتها إلى الانسحاب من العراق اعتباراً من 2008 نبرة تذكر باللهجة التي اعتمدتها قبل بضع سنوات للتنديد باستراتيجية الولايات المتحدة لغزو العراق. إلا أن الخبراء يعتبرون أن باريس تسعى بذلك إلى استباق أي تدخل اميركي في إيران.
ووجه رئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دو فيلبان ثم وزير الخارجية فيليب دوست بلازي انتقادات شديدة اللهجة، أمس الأول، إلى الفشل الاميركي في العراق، داعين إلى انسحاب من هذا البلد خلال سنة.
وأوضح الخبراء أن فرنسا عادت ورفعت نبرتها على ضوء تغير المعطيات. وقال ديدييه بيليون، من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، إنه «بالرغم من تقرير بيكر ـ هاملتون الداعي إلى الانسحاب مطلع ,2008 فإن فرنسا لاحظت أن (الرئيس الاميركي جورج) بوش يتخذ إجراءات مخالفة» لتوصيات الوثيقة.
وأشار دومينيك مويزي، من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، إلى انه خلافاً لعام 2003 فإن باريس «تستند الآن إلى الرأي العام الاميركي» الذي يعبر عن معارضة متزايدة للانتشار الاميركي في العراق. ورجح أن تعود واشنطن وباريس «مجدداً إلى مرحلة من التوتر الطفيف»، بعد أن عرفتا حتى الآن «مرحلة تقارب».
ويشير الخبراء إلى أن فرنسا تسعى، من خلال تغيير نبرتها، إلى استباق أي محاولة اميركية للتدخل عسكرياً في إيران، أو تسديد ضربة لها. وأوضح رئيس المعهد الدولي للأبحاث الاستراتيجية فرنسوا هايسبور أن «هناك موقفا اميركيا جديدا حيال الإيرانيين في العراق، ولا سيما بعد احتجاز عناصر دبلوماسيين ايرانيين وتصريحات تعتبر إيران طرفاً معادياً في المحيط العراقي».
وقال بيليون إن «التهديدات الاميركية لإيران تكررت منذ منتصف كانون الثاني» الماضي، مشيراً إلى «قلق لدى المسؤولين الفرنسيين» بشأن الملف النووي الإيراني. ورأى في التصريحات الفرنسية «عنصراً مرتبطاً بالسياسة الداخلية»، مشيراً إلى أن الرئيس جاك شيراك، الذي تنتهي ولايته الثانية في أيار المقبل، «يسعى إلى الخروج مرفوع الرأس» من قصر الاليزيه. وأوضح أن «حصيلته على الصعيد الداخلي ضعيفة، لكن الجميع يتفق على انه كان في وضع سمح له باتخاذ مواقف متميزة في السياسة الخارجية».
ورفضت واشنطن تحديد موعد للانسحاب. وتذرع المتحدث باسم مجلس الأمن القومي غوردون جوندرو بأن «تحديد جدول زمني للانسحاب قبل أن تصبح قوات الأمن العراقية قادرة على تأمين حماية العراقيين سيؤدي إلى زيادة أعمال العنف في العراق».

المصدر: وكالات