بدعم إسرائيلي تأسيس لوبي كردي في الولايات المتحدة الأمريكية
الجمل: تنخرط الحركات الكردية، داخل أمريكا حالياً في عملية بناء منظمة (لوبي) كردي، يعمل على غرار اللوبي الإسرائيلي (الإيباك، والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، وغيرها..)، في التأثير على عملية صنع واتخاذ القرار السياسي الأمريكي بما يدعم ويعزز توجهات وطموحات الحركات الكردية القومية الموجودة في منطقة الشرق الأوسط حالياً.
نشرت اليوم 23 نيسان 2007 صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية تقريراً أعده المحرر في الصحيفة راجيف شاندا سيكاران، حمل عنوان (الأكراد يزرعون روابط خاصة بهم مع الولايات المتحدة).
يشير التقرير إلى الحملة الإعلامية الكبيرة التي يقوم بها الأكراد حالياً داخل أمريكا، والتي يتركز مضمونها على نقل رسالة إلى الرأي العام الأمريكي تقول بأنه إذا كان وسط وجنوب العراق عامراً بالخراب والدمار والحرب، فإن سياسة إدارة بوش إزاء العراق قد أفلحت تماماً في جعل شمال العراق مكاناً ينعم بالأمن والسلام ويفيض بمشاعر الولاء والامتنان لأمريكا والغرب، ويلتزم بالتوجهات الغربية الهادفة إلى بناء النموذج الحضاري الأوروبي- الأمريكي في المنطقة.
يقول كاتب التقرير: إن الأكراد قاموا خلال العام الماضي وحده بإنفاق ملايين الدولارات على الترتيبات والتجهيزات التحضيرية لقيام اللوبي الكردي، الذي سوف يباشر تحركاته داخل أمريكا، والذي يتوقع أن ينضم إلى عضويته كدفعة أولى حوالي 40 ألف كردي مقيم داخل أمريكا حالياً.
تحركات اللوبي الكردي يشرف عليها قباد طالباني، نجل الزعيم الكردي والرئيس العراقي الحالي جلال طالباني. وحول قباد طالباني يقول التقرير بأن عمره حالياً 29 عاماً، نشأ وترعرع وتعلم في بريطانيا، ثم انتقل إلى العاصمة الأمريكية واشنطن في عام 2000م، وكان حينها لا يعرف الكثير عن استخدام سياسيات القوة والتأثير، وقد تزوج من موظفة في وزارة الخارجية الأمريكية مختصة في مجال سياسات العراق. ويتميز قباد طالباني بارتداء القمصان الفرنسية، والمداومة على تناول طعام الغداء بنادي بومبي، أما المكتب الذي يدير منه عملياته فيقع على بعد حارتين من البيت الأبيض الأمريكي.
يشير التقرير إلى أن قباد طالباني أصبح شديد الارتباط بتوجهات إدارة بوش إزاء العراق، وبأنه دائم الاتصال مع والده في بغداد ومناقشته حول ما هو مطلوب من أمريكا القيام به في العراق.
زعيم اللوبي الكردي قباد طالباني يرتبط باتصالات واسعة مع كبار مسؤولي البيت الأبيض الأمريكي، وأيضاً له اتصالات مع المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، وقد عقد قباد طالباني اجتماعات مع أربعة منهم: السيناتورة الديمقراطية هيلاري كينتون، السيناتور الجمهوري ماك كين، السناتور الجمهوري سام برونباك، والسيناتور الديمقراطي جوزيف بيدين.
المجالات التي سوف يركز عليها اللوبي الكردي هي:
• ملفات إقليم كردستان الداخلية: وذلك عن طريق التشاور مع المسؤولين الأمريكيين، والشخصيات الأمريكية النافذية داخل وخارج الإدارة الأمريكية حول التطورات الجارية في إقليم كردستان، بما يفسح المجال أمام حكومة الإقليم بالمزيد من حرية الحركة والاستقلالية.
• ملفات الوضع العراقي: وذلك عن طريق حث الأطراف الأمريكية على ضرورة البقاء الطويل الأمد في العراق، والتشديد على تطبيق النظام الفيدرالي الذي يساعد الحركات الكردية على الاستقلال في شمال العراق، بما يؤدي على الأقل إلى شبه انفصاله إن لم يكن إلى انفصاله الكامل.
• كسب الأصدقاء الأمريكيين: وذلك عن طريق ضم المزيد من الأمريكيين إلى عضوية اللوبي الكردي والمشاركة في فعالياته، وحالياً حصلت مجموعة اللوبي الكردي على مساندة بعض اليهود الأمريكيين، ورجال الدين المسيحيين الأنجليكانيين المرتبطين بجماعة لوبي هرمجدون، وذلك على أساس اعتبارات المزاعم القائلة بأن العديد من الشخصيات الهامة التي ورد ذكرها في الكتاب المقدّس كانت تعيش في منطقة كردستان، وذلك بما يرسخ فكرة ومفهوم أن كردستان هي جزء مرتبط بمملكة الرب المقدسة –هرمجدون-.
• بناء الروابط التجارية: وذلك عن طريق إقناع رجال الأعمال الأمريكيين والشركات الأمريكية بالاستثمارات التجارية والنفطية في منطقة كردستان، وحالياً يقوم اللوبي الكردي بالتنسيق مع بعض الشركات الأمريكية النفطية الراغبة في الاستثمارات النفطية في شمال العراق.
• بناء الروابط مع اللوبيات الأخرى: ومن أبرز منظمات اللوبي التي يعمل اللوبي الكردي على تدعيم روابطه معها اللوبي الإسرائيلي، وحالياً يقوم إيعال فرانك الذي يعمل في وظيفة المحلل التشريعي للسفارة الإسرائيلية في واشنطن بالإشراف على بعض أعمال اللوبي الكردي، وأيضاً داخل أروقة الإدارة الأمريكية بمتابعة بعض القضايا الخاصة بحكومة إقليم كردستان.
• الالتفاف على الضغوط التركية: يعمل اللوبي الكردي على إقناع المسؤولين الأمريكيين بان تتصدى أمريكا لمنع تركيا من المساس بالأكراد، وذلك على أساس اعتبارات أن الأكراد هم الحليف الرئيسي الذي يجب أن تعتمد عليه الإدارة الأمريكية في المنطقة، وبأن وجود كيان كردي، لا يضر بمصالح تركيا، وبالتالي فإن على الإدارة الأمريكية أن تحتفظ بعلاقات متوازنة مع تركيا ومع الأكراد.
وعموماً: الواضح في الأمر أن اللوبي الكردي مدعوم إسرائيلياً، يحاول القيام بمناورة كبيرة في إدارة الصراع الكردي- العربي، والكردي- التركي، والكردي- الإيراني.. ولما كانت عملية إدارة الصراع تعتمد على الموازنة بني (الفرص) و(المخاطر)، فإن اللوبي الكردي ينهمك حالياً في استغلال وتوظيف (الفرص) التي يوفرها له الوجود العسكري الأمريكي والدعم الإسرائيلي في المنطقة، ولكنه على الجانب الآخر يهمل (المخاطر) والتي سوف تظهر بوضوح عند انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة، وما يترتب على ذلك من انكشاف المناطق الكردية أمام القوات التركية المتحفزة، والتي لن تتخلى أمريكا وإسرائيل عن دعمها مهما كان الثمن، وذلك لأن المزايا الجيوبوليتيكية والجيوستراتيجية التي تتمتع بها تركيا، تلعب دوراً في دعم أمريكا بعشرات أضعاف ما يمكن أن تؤديه كردستان من فوائد ومنافع للمصالح الأمريكية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد