ترجمة أمينة لترتيب النزول في لغة أفقية وعمودية
يعزو طريف الخالدي (من مواليد القدس عام 1938) دافعه الى ترجمة معاني القرآن الكريم الى شعوره بـ«أن كل جيل يتطلب ترجمة جديدة لهذه المعاني، وليس هناك اجماع الى الآن على ماهية الترجمة المثلى الى الانكليزية، وما يقال هو ان الواحدة أقل سوءاً من الأخرى. معاذ الله أن تكون ترجمتي مثالية، لكنني قررت أنه قد يكون من الممكن انجاز ترجمة تتفادى على الأقل عثرات الترجمات السابقة». ويرى «ان كل مترجم هو بالضرورة مدين لأسلافه من المترجمين، فهؤلاء السابقون كأنهم يراقبونك من وراء كتفك حين تترجم، انهم هاجس من هواجسك كمترجم». ولكن، ما الجديد في ترجمة طريف الخالدي؟
يقول: «إذا كان لي أن أحدد الجديد في ترجمتي ففي الآتي:
1 - عند الرجوع الى التفاسير القديمة (السيوطي مثلاً) نجد ان القرآن نزل نجوماً نجوماً (5 أو 6 آيات في زمن معين) فقررت أن تعكس الترجمة الإنكليزية هذا الترتيب، والقارئ المتمعن يرى حدود هذه النجومات أو المجموعات من الآيات، فنصي الإنكليزي مقسم الى مجموعات.
2 - يقول مفسرون كثيرون ان القرآن نزل على سبعة أحرف لها معانٍ عدة (يعدون عشرين ترتيباً: ترهيب، ترغيب، قصص، مواعظ الخ...)، وهذه يجب أن تتخذ بالإنكليزية شكلاً مبايناً، بمعنى ان النص بالإنكليزية يكون أقرب الى النثر عندما يتصل الموضوع بالقصص أو بالأحكام، ويكون في مواضع أخرى أقرب الى الوجدانية، وهنا تصبح هذه الترجمة الإنكليزية عمودية لا أفقية.
ولذلك تختلف صفحة الترجمة هذه عن مثيلتها في الترجمات الأخرى، لأنها مقسمة الى مجموعات ولأنها أفقية حيناً وعمودية حيناً آخر.
3 - اللغة الإنكليزية في هذه الترجمة لعلها الأقرب الى حساسية النص القرآني.
لم نحص مع طريف الخالدي الترجمات السابقة، ولكن تم تناول عدد منها، فقال الخالدي: «ترجمة آربري (1955) هي الأقرب الى حساسية اللغة القرآنية، لكنها متأثرة بلغة الكتاب المقدس، بل هي أقرب الى لغة شكسبير. وهناك ترجمة N.J داود ذات اللغة الانكليزية المحكية، وهناك عنده حرية تامة في الترجمة وعدم انضباط بحيث يكاد يختفي روح النص. وثمة ترجمة لمحمد عبدالحليم، جيدة، لكنها في رأيي المتواضع على وتيرة واحدة، وهذا لا ينسجم مع لغة القرآن التي ليست أفقية ولا على وتيرة واحدة».
ولكن، هل تأتي ترجمة الخالدي في سياق اهتمامات مفكرين عرب معاصرين في شؤون الإسلام؟ يقول: ربما في مواجهة الهجوم الأعمى على الإسلام في هذه الفترة يمكن لترجمة القرآن أن تبرز مثلاً أنه من أبرز الكتب المنزلة حساسية للجندر، فهو يخاطب النساء كما يخاطب الرجال (والمؤمنون والمؤمنات الخ...) كأنه يتجاوز بكثافة الفروق بين الذكر والأنثى. ربما من غير وعي أردتُ ابراز هذا الأمر وغيره.
هل تاريخ الإنسان هو تاريخ أديان؟
يجيب: الدين عنصر مهم جداً في سير البشرية، وابن خلدون كان ينظر اليه بمنظور اجتماعي ويعطيه مكانه مع عصبيات أخرى كمسيّر للبشرية. ولكن يجب القول انه في كل أطوار التاريخ الإسلامي لم يجمع المسلمون على شيء واحد في شؤون دنياهم، وبهذا المعنى (اختلاف أمتي رحمة)، فليس من إجماع على نظام الحكم الأمثل، والقول إن الإسلام دين ودنيا كلام جديد، كذلك لم يستخدم العلماء المسلمون تعبير «موقف الإسلام من...». كانوا يقولون «موقف العالم فلان كذا» ويتركون الأمر مفتوحاً.
والآن ينتشر منطق توتاليتاري باسم الإسلام، في حين كان هذا الدين الحنيف يفرق بين الدين والدنيا طوال مسيرته، ولا حضارة بحسب علمي تخلط الدين بالدنيا. وكان المسلمون دائماً يختارون الدولة التي تناسب دنياهم مع حفظ عقيدتهم الدينية.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد