تشيني في بغداد للاحتفال بذكرى غزوها
حاول نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني أن تكون زيارته إلى بغداد شاملة من حيث توزيع الأوامر والتعليمات في كلّ الاتجاهات. أوّلاً، حسم النقاش الدائر بشأن احتمال الاستمرار في تقليص عدد قوات بلاده من العراق، فأكّد أنّ أيّ خفض لن يستمرّ بعد تموز المقبل. ثمّ ترجم هدف زيارته إلى المنطقة، المحدَّد باحتواء «الخطر الإيراني»، فطلب من الدول العربيّة إرسال سفراءها إلى بغداد لمواجهة «نفوذ» طهران. أمّا في الشأن العراقي الداخلي، فبدا أنّ الرجل، وهو الأب الروحي لقرار غزو البلاد عام 2003، جاء ليسرّع عجلة الاتفاقات المتعثّرة بين الزعماء العراقيّين، وخصوصاً بشأن قانون النفط والغاز وتقسيم حصص الثروة الوطنيّة.
وفيما كان تشيني يتغنّى بالتقدّم الحاصل، وقعت سلسلة من التفجيرات الانتحاريّة، بعضها على مقربة من المنطقة الخضراء وسط بغداد، لكنّ أكثرها دمويّة استهدف كربلاء، حيث فجّرت انتحاريّة نفسها وسط مصلّين، فأودت بحياة أكثر من 40 منهم، وجرح 60.
وحاول تشيني التنصّل من التهمة التي تلاحق جميع المسؤولين الأميركيّين الذين يزورون بغداد، على اعتبار أنّهم يأتون سرّاً ولا يجرؤون على التجوّل في الشوارع، كما فعل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. فرغم أنّ وصوله إلى مطار بغداد الدولي كان مفاجئاً، قصد الاتجاه في موكب برّي إلى المنطقة الخضراء، حيث التقى معظم المسؤولين العراقيّين، بالإضافة طبعاً إلى كبار جنرالات حربه. وكلتا الفئتين وزّعت جدول أعمالها بين الاهتمام بتشيني والاجتماع مع المرشّح الجمهوري للانتخابات الأميركيّة، جون ماكين، الذي واصل زيارته إلى بغداد، وجاءت مواقفه قريبة من تشيني، من حيث إصراره على وصف أي انسحاب بأنه «انتصار للقاعدة».
ووصف تشيني الغزو الذي قادته بلاده بأنه كان «مسعى ناجحاً». وأضاف، عقب لقائه مع رئيس الحكومة نوري المالكي، «من المهم بشكل خاص أن أعود هذا الأسبوع الذي نحتفل فيه بالذكرى الخامسة لبدء الحملة التي حرّرت شعب العراق من طغيان صدام حسين، ووضعته على الطريق الصعب، ولكن التاريخي للديموقراطية».
وفي تحريضه للدول العربيّة على إيران، قال تشيني: «أعتقد، إذا كانت الدول العربية قلقة، وخصوصاً بشأن النفوذ الإيراني في العراق، إحدى الطرق التي تستطيع من خلالها مواجهة ذلك هي الالتزام بأن يكون لها وجود هنا أيضاً». وبشأن تقويمه للسنوات الخمس من الاحتلال، قال: «كانت محاولة صعبة وتنطوي على تحدّ لكنها ناجحة... وتستحق تماماً الجهد الذي بذل من أجلها». وعن مصير قوّات بلاده في بلاد الرافدين، رأى أنه «سيكون خطأً كبيراً أن نستمرّ في سحب قواتنا، لأننا سنضيّع كل المكاسب التي حقّقناها». وعندما سُئل عمّا إذا كان التقدّم الذي حصل سيؤدّي إلى مزيد من سحب القوات، أجاب: «كلا، الوضع ليس كذلك، ولن نفعل ذلك».
وقدّم تشيني شكره للمالكي «على الإنجازات التي حقّقتها الحكومة في المجالين السياسي والأمني». أمّا المالكي، فلفت إلى أنّ «تكرار مثل هذه الزيارات يمثّل دعماً لطبيعة العلاقات والنجاحات التي ينبغي أن تتحقّق على الإرهاب الذي نخوض ضده حرباً في مختلف مناطق العالم».
وتولّى المالكي الإفصاح عن القضايا التي ناقشها مع ضيفه الأميركي. وكشف أنّها تمحورت حول علاقات بغداد وواشنطن المستقبلية، وبالتحديد «المفاوضات حول الاتفاق الجديد الذي سينظّم بقاء القوات الأميركية في العراق».
وكشف مسؤول أميركي رفيع المستوى، رافق تشيني في جولاته على المسؤولين العراقيين، أنّ نائب الرئيس أبلغ هؤلاء بـ«الحاجة إلى الاستمرار في تحقيق تقدّم من حيث إقرار مشاريع قوانين مهمة مثل النفط والغاز والأقاليم، بالإضافة إلى الانتخابات المحلية» التي ستجري في الأول من تشرين الأول المقبل.
وعقب لقائه بتشيني، رأى رئيس «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي»، عبد العزيز الحكيم، أنّ آراءهما جاءت «متطابقة، مما سيساعد على العمل على العلاقة الاستراتيجية الطويلة الأمد مع واشنطن». غير أنه أكّد أنّ أي اتفاق «يجب ألا يكون موجهاً ضدّ أي دولة في المنطقة»، في إشارة إلى إيران.
وفي السياق، قال ماكاين، في مقابلة مع شبكة «سي أن أن» من بغداد، إنّ «زيادة عدد قوّاتنا تعمل، ووجدنا أنها أدّت إلى نجاح مستمر». كما أكّد أهمية الإبقاء على وجود أميركي عسكري في بلاد الرافدين، ووصف أيّ انسحاب أو خفض لعدد القوات بأنه «انتصار للقاعدة».
إلى ذلك، استمرّت المعارك بين «جيش المهدي» والشرطة العراقيّة في عدد من المدن الجنوبيّة، أهمّها كربلاء. واتهم التيار الصدري، على لسان مدير مكتب الصدر في كربلاء الشيخ عبد الهادي المحمداوي، الحكومة العراقية بشنّ «هجمة وحشية» على أنصاره، بدعم «مباشر» من رئيس الوزراء.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد